بدأت تداعيات الاوضاع بليبيا تبرز بمدينة بن قردان خصوصا وتلقي بظلالها على قطاع التجارة الذي يمثل النشاط الاقتصادي الوحيد بهذه المنطقة الحدودية التي تنتعش أساسا من التجارة مع القطر الليبي بمختلف أنواعها من محروقات وأجهزة الكترونية والزرابي ومفروشات وأقمشة وغيرها. وتعد التجارة الموازية في المحروقات أحد أبرز هذه القطاعات المشغلة بالمنطقة حيث جاء في دراسة أنجزتها جمعية الاخوة التونسية الليبية ببن قردان وتحدث عنها رئيس الجمعية رضا المحضي أن هذا القطاع يوفر مورد رزق ل 14 نسمة اذ يتعاطى هذا النشاط 1537 تاجرا يزودون 332 محلا لبيع المحروقات يشتغل بها نحو 1900 الف تاجر اخر. وأمام احتداد التوتر بالاراضي الليبية تشهد هذه التجارة الايام الاخيرة أزمة وركودا دفع بأغلب متعاطيها الى غلق محلاتهم أو مجابهة الظرف بما توفر لديهم من مخزون ضعيف من هذه المادة أو الالتجاء الى بيع المحروقات التونسية بعد شرائها من محطات بيع البنزين وهي وضعية لم يعهدها تجار هذه المادة الا أيام الثورة الليبية. وذكر عدد من تجار المحروقات المنتصبين بمنطقة الزكرة على مستوى الطريق الرابطة بين بن قردان وراس جدير أن أوضاعهم تبدو صعبة وأن متنفسهم الوحيد العمل عبر ما يسمى الخط لتعاطي نشاطهم التجاري مع ليبيا بكل ما يطرحه ذلك من مخاطر. وأشارهؤلاء الى أن قطاعهم تأثر جدا اذ مقابل تزود يومي من ليبيا بكميات متفاوتة من المحروقات حسب امكانيات التاجر والتي تتراوح بين 100 وعاء سعة عشرين لترا في اليوم أو أكثر بقليل وبأسعار مناسبة وجد هؤلاء التجار أنفسهم اليوم في عجز عن الحصول على نصف الكميات المعتادة يدفعون مقابلها أسعارا مضاعفة بحسب تصريحاتهم. وأضاف هؤلاء التجار أن التزود أصبح غير منتظم وهو حاليا متوقف مفسرين الوضعية بعوامل مختلفة تضافرت لتزيد من حدتها ومنهاالمخاطر التي يطرحها التحول الى ليبيا وارتفاع سعر البنزين بمناطق التزود الذي أصبح يباع بأضعاف سعره المعتاد الى جانب عدم توفر المادة بسبب تهريبها الى أوروبا عبر الجهة الليبية الغربية بحسب قولهم. في المقابل تبدو الصورة مغايرة في القطاع المنظم لبيع المحروقات اذ أمام ركود تجارة البنزين على الطرقات انتعشت هذه الفترة محطات بيع البنزين التي أصبحت طوابير السيارات تمتد بها بعد أن كانت تزود السيارات الادارية وبعض سيارات الخواص فقط0. وجعلت الوضعية السابقة هذه المحطات لا تتزود بالمحروقات سوى مرة كل أربعة أيام وأحياناأكثر بحسب ما يذكره أصحابها. وقد ذكر صاحب محطة بيع المحروقات ببن قردان لمراسلة وات أنه أصبح يتزود من شاحنتين أوأكثر يوميا للايفاء بحاجيات حرفائه. وخلقت هذه الوضعية أيضا تذمرا لدى أصحاب سيارات التاكسي وسيارات تعليم السياقة كمااشتكى منها عدد من أصحاب السيارات الذين قالوا ان مثل هذه الوضعية اذا طالت فانها ستترهق كاهل المواطن الذي أثقله غلاء أسعار مختلف المواد الاستهلاكية لتزداد الحدة مع انقطاع المحروقات من ليبيا التي كانت مصدر رزق لبائعها وتوفير مالي للمتزود منها بفضل انخفاض سعرها، بحسب قولهم. ولعل صورة قطاع المحروقات تعكس كامل المشهد بمدينة بن قردانهذه الايام الذي اختار أحد المواطنين التعبير عنه بالقول المنطقة تنتحب بدون بيع ولا شراء