لقد بدأت تباشير الصحوة الروحية منذ نهاية العشرية االاخيرة للقرن العشرين توقع ذلك مفكرون كبار منهم اندري مالرو صاحب المقولةالمشهورة(ان القرن الحادي والعشرين اما ان يكون قرنا غيبا اولايكون) وتبعه اخرون من بعده منهم ايريك جوفروا الذي الف كتابا اختار له عنوانا( القرن الحادي والعشرين اما ان يكون روحيا اولايكون) وقد وقعت ترجمة هذا الكتاب الى اللغة العربية في مصر قبل مدة واهداني ا لمؤلف نسخة من هذه الترجمة في احدى زياراته الى تونس وبعد الاطلاع عليها ومقارنتها بالنسخة الفرنسية التي كنت اقتنيتها من معرض اقيم على هامش احياء الذكرى الماؤية للعارف بالله سيدي احمد العلاوي رضي الله عنه فقد وجدت هذه الترجمة تحتاج الى مراجعة تجلت الصحوة الروحية في عودة الى الدين في كل ربوع العالم وجاء ذلك كرد فعل على الخواء الروحي الذي عاشته فئات عريضة من مختلف الطبقات وفي اغلب المجتمعات بدون استثناء وكان ذلك بتفاوت وكانت الحاجة اشد في المجتمعات التي شهدت تقدما ماديا على حساب الروحانيات مماادى الى انخرام في التوازن الذ ي خلق الله الناس عليه فطغيان المادية نتج عنه خواء روحي دفع الكثير الى الانزلاق في مهاوي الرذيلة والجريمة والفوضى والاجرام والانتحار عندما لم يجد هؤلاء ما يحقق لهم الطمانينة القلبية و الاجابة على الاسئلة الوجودية والمصيرية( مثل لماذا خلقت و الى اين المصير) وهي اسئلة لايملك الاجابة عليهاالاالدين وفي الغرب ضعف تاثير الدين لعوامل عديدة ولا جل ذلك نشطت هيئات وجمعيات حاولت ان تسد هذا الفراغ ووقع التفتح على الثقافات والاديان واانتعشت حركة ترجمةا لكتب التي الفها علماء ومفكرون اعتنوا بالجانب الروحي في الاديان وترجمت اعمال كبار رجال التصوف بمختلف مدارسه وتيارانه( ترجمت كتب الغزالي وابن عربي والسهروردي والمحاسبي والرومي وابن الفارض وغيرهم) وكانت هذه المؤلفات هي التي اطل منها الغرب في العصر الحديث على الاسلام وكانت السبيل للنهل من معينه الروحي العميق والثري جدا وهو ثراء لم ينقطع وذلك يعود الى القران الذي لاتنقضي عجائبه ولايمل على كثرة الرد والى النور المحمدي المتمثل في الصلة الروحيةللمؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال مداومة الصلاة عليه التى تثمر محبته والتعلق الشديد به وتلك هي سفينة النجاة وقدقيل'( الصلاة على رسول الله شيخ من لاشيخ له) لقد ظل وفي كل ارجاء العالم الاسلامي هناك شيوخ ربانيون يدلون على الله وياخذون بايدي السالكين بارشادهم وتوجيههم الى مايرضي الله ويحقق لهم السعادة في هذه الدار والفوز برضوان الله في الدار الاخرة وهؤلا ء الشيوخ المربون العارفون بالله لايخلومنهم زمان سندهم متصل برسول حي عن حي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم من امر بمجالستهم من بعده انهم من تزهد في الدنيا سيرتهم وتذكر بالله رؤيتهم ومنهجهم هو منهج التزكية الروحية عملا بقوله جل من قائل( قد افلح من زكاها) انها المجاهدة التي تكون ثمرتها الهداية الى سبل الله القويمة مصداقا لقوله جل من قائل( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وهذا الضرب من الجهاد هوالجهادالاكبر وهوالبعد شبه الغائب في حياةالمسلمين اليوم والذي بدونه لايصلح لهم حال سلسلة العلماء الصلحاء في تونس وفي كل بلاد الاسلام لم ولن ينقطع سندها وقدبرز في هذا المسلك القويم شيوخ بررة بعضهم عرفهم الناس والكثيرمنهم عاشوا اخفياء لم يعرفهم الا اقل القليل وبعضهم اذن له بالظهور والبعض الاخر لم يؤذن له وقدلايستفيد من الرباني العارف بالله الامريد واحد ولكن هذا المريد يجري الله على يديه خيرا كبيرا ويسلك على يديه خلق كثيرون وكل ميسر لما خلق له'( والمثال البارز لذلك سيدي عبدالسلام بن مشيش وتلميذه الوحيد سيدي ابي الحسن الشاذلي رضي الله عنهما) في النصف الثاني من القرن العشرين لمع نجم شيخ من شيوخ الزيتونة تتلمذ على يدي شيخ من شيوخ الزيتونة الذي تتلمذبدوره على شيخ من شيوخ التربية والتزكية الروحية ذاع صيته وتكاثر اتباعه ليس فقط حيث نشا ونشط بل هناك في اروبا هذا الشيخ هو سيدي احمد العلاوي المستغانمي الذي تلقى عليه سيدي محمد المداني الذي تلقى عليه سيدي اسماعيل الهادفي رحمهم الله ورضي عنهم والشيخان محمد المداني واسماعيل الهادفي كل منهما من شيوخ الزيتونة ومن علمائها البارزين ممن جمعوا بين علوم الشريعة وعلوم الحقيقة (وعلوم الحقيقة هي ثمرة التقوى مصداقا لقوله جل من قائل ( اتقوا الله ويعلمكم الله) انه العلم اللادني الذي تلقاه سيدنا موسي عليه السلام من العبد الصالح سيدنا الخضر لقد غدت بلاد الجريد توزر بالذات مثوى القلوب الباحثين عن الحقيقة يشدون اليها الرحال لينهلوا من معين الشيخ اسماعيل الهادفي مثلما نهل هو والكثيرون امثاله من معين الشيخ محمد المداني مما تمثل في كلام قريب عهد من الله انه كلام القوم الذين لايشقى بهم جليسهم انها جالس الذكر التي هي بحق رياض الجنة كما قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام(' اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا وما رياض الجنة قال حلق الذكر).. لهذه المجالس المنورة العطرة سارت الركبان من كل الفئات والجهات ذكرانا واناثا صغارا وكبارا من تونس ومن خارجها من البلدان الاروبية من كبار القوم ومن النخب العلمية الذين شرح الله صدورهم للاسلام وشدتهم روحانيته القوية التي تمثلها وترجمها في كلمات منورة ومواجيد حارة الشيخ اسماعيل الهادفي ساكن توزرمن بلادالجريد ورفيق دربه الشيخ عمار العزابي ساكن الضاحية الغربية رحمهما الله فعلى يديهما سلك مئات المريدين من تونس ومن خارج تونس حيث لايزالون يذكرونهما بالسنة الثناء ويترحمون عليهما