كان من الجيد أن بدأت الحكومة حملة أطلقت عليها حربا ضد الفساد لكن للأسف بان كون هذه الحرب لم تكن الا "غزوة" مؤقتة لم تحقق أهدافها الأساسية ولعل السبب يعود الى استفحال الفساد في كل القطاعات .هذا الأمر دفع رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي طبيب الى اطلاق صيحته التي قال فيها كونه يخشى أن نتحول الى دولة تسيطر عليها المافيات. هذه الصيحة ضاعت هي الأخرى وانشغلت البلاد بملفات أخرى كثيرة لكن للأسف أغلبها قشور وثانويات . بالتوازي مع حملة محاربة الفساد كان بالإمكان اطلاق حملة أخرى فعلتها عديد الدول التي مرت بأزمات مالية صعبة ونقصد هنا التقشف في الامتيازات التي تمنح للمسؤولين وأصحاب المناصب من أعضاء حكومة ونواب برلمان ومديرين وأصحاب مراتب وظيفية عليا لكن الغريب أن الحكومة توجهت نحو التقشف في أمور عديدة مثل الرواتب وجرايات التقاعد وأيضا تفعيل زيادات في الأسعار في الطاقة والخدمات وغيرها أما ملف الامتيازات المبالغ فيها للمسؤولين فهي لا ولم تمس مطلقا بل نرى كونها تزيد ولا تنقص. فمثلا نجد الدولة تنفق من دافعي الضرائب وهم بالأساس الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل من أجل أكثر من 80 ألف سيارة بين ادارية ووظيفية وممنوحة للمسؤولين مع ما يصاحب ذلك من انفاقات وقود وصيانة اضافة الى منح كبيرة وسخية للوزراء وكتاب الدولة ورؤساء وأعضاء الهيئات والمديرين وذوي المراتب الوظيفية العليا والسامية .هذه الانفاقات تكلف ميزانية الدولة المليارات سنويا لكن محرم لمسها لأنها هيبة الدولة أما هيبة المواطن التي تمس بالزيادات ورفض الرفع في الأجور فهي غير مهمة مطلقا. مسألة تخفيض امتيازات المسؤولين تتجاوز كونها اجراء للتقليص من الانفاقات الى حركة رمزية هي رسالة للمواطن من المسؤول كونه يقف معه في الأزمة وأنه يضحي أما رفض هذا الاجراء فهي رسالة مضادة مضمونها أن التضحية يجب أن تكون من المواطن فقط.