بات المنطق الوحيد السائد لدى أعضاء الحكومة عند المطالبة بزيارات في الأجور أو منح هو "مثماش فلوس"وإمكانيات الدولة لا تسمح . الأمر نفسه يرفع خلال المفاوضات الاجتماعية فرغم أن أغلب المطالب ان لم يكن كلها هي اتفاقيات سابقة يعود بعضها إلى 2015 إلا ان الخطاب الحكومي ذاته لا يتغير وهو لا توجد موارد. بل الأمر انتقل إلى الحقوق الثابتة وما نقصده تحديدا هنا هو جرايات المتقاعدين التي تأخر صرفها الشهر الماضي والسبب هو عجز الصناديق الاجتماعية بمعنى آخر "الفلوس مثماش" .الغريب ان اطارا من صندوق التضامن والحيطة الاجتماعية "بشر" المتقاعدين بأن التأخير سيحصل في الأشهر القادمة أيضا بل أن الأمر قد ينتقل إلى المرتبات في الوظيفة العمومية.
مفارقة
في منقابل هذا نجد الحكومة ما تفتأ تنشر تقارير تؤكد من خلالها تحسن المؤشرات الاقتصادية والمالية على غرار موارد السياحة و الفسفاط والمواد الفلاحية الموجهة للتصدير أي تطور عائدات الصادرات منها والشأن نفسه للقطاع الصناعي لينضاف إليه تأكيد كون موارد الدولة من الجباية تحسنت لكن رغم ذلك فتبرير وخطاب نقص الموارد لم يتغير بمعنى أن لم ينعكس هذا التحسن على موارد الدولة فهل يمكن اعتبار المؤشرات المقدمة حقيقية؟
وضع آخر
لكن في مقابل هذا الوضع أي خطاب العجز المالي وقلة الموارد والإمكانيات نجد وضعا آخر مغايرا تماما وهو أن الحكومة التي تقول أن مواردها قليلة تصبح كريمة وسخية مع المسؤولين فالامتيازات التي يحصلون عليها لا تمس بل تزداد باطراد وأبرز مثال على ذلك الأسطول الضخم من السيارات الإدارية والتي على ملك الدولة والتي تجاوز عددها إلى 80 ألفا وما يتبعها من انفاقات بنزين وصيانة تكلف الدولة مئات المليارات سنويا وهي في الحقيقة امتيازات يدفعها المواطن كضرائب على حساب قوت عياله . الغريب في الأمر أن سيارات المسؤولين دائما في حالة ممتازة لأنها تغير باستمرار بل أنهم يمنحون آخر صيحة من السيارات . الأمر لا يقتصر على أعضاء الحكومة فقط بل المديرين ورؤساء المصالح والموظفين السامين وأعضاء الهيئات التي تعددت وتعددت. الموضوع هنا ليس دعوة لسحبها بل الترشيد والواقعية والمنطق على الأقل من ناحية التحكم في استهلاك البنزين ومنح كل سيارة ما تتطلب لا أن تمنح بلا حساب عن طريق "بونوات" يتم بيع نصفها للتبضع والشراءات. ما يطلبه المواطن اليوم هو أن ينتقل التقشف والتحكم في الانفاقات وبالتالي موارد الدولة إلى المسؤولين لا أن ينحصر في الشعب فقط بينما امتيازات المسؤولين محرم وممنوع الاقتراب منها .