ومن لا يعرف المرحوم محمد بن اسماعيل ذلك الناشر المتميز الذي فقدته تونس هذا اليوم. عرفته في سبعينات القرن الماضي لما كنت واليا على القيروان وعزمت على نشر كتاب خاص بتلك المدينة العريقة يبرز معالمها التاريخية بالالوان الطبيعية وذلك باشارة من احد اعلامها في التراث والتاريخ الاستاذ المتميز ابراهيم شبوح. اتذكر اننا اتفقنا على لقاء مسبقا بِنَادي تونس للتنس وكان وقتها من رواده فاستضافني فيه يومها دون كلفة وأكلنا ما حضر وتبادلنا الحديث حول ما اعتزمت فعله. من يومها تكونت بيننا صحبة وصداقة دائمة ومن وقتها بات يستشيرني في كل امر كان يعتزم فعله وأصبحنا نلتقي بانتظام بعد انتهاء مهامي الرسمية واستقراري بالعاصمة. كنا نلتقي بانتظام كل صباح احد مع نخبة انتقل اغلبهم الى رحمة الله واذكر منهم للتاريخ الرئيس حسن الجوادي ذلك القاضي المشهور بزهده وكرمه والوزير الأسبق القاضي رضا بن علي ورئيس الترجي الرياضي الوزير حسان بالخوجة والمحامي القدير عبد الرحمان الهيلة رحمة الله جميعا وجازاهم خيرا عما قدموه وها هو يلتحق بهم في هذا اليوم الجمعة المفضل عند المسلمين. لقد حاولنا بعدهم المحافظة على ذلك المجلس وانتقلنا به من نزل افريقيا الى ابي نواس واخيرا الى الشيراتون وبقي فينا ومنا القاضي شيخ مدينة تونس حسن الممي ورجل المال والأعمال حمادي بوصبيع والأساتذة سمير العنابي والشاذلي بن يونس وكاتب هذه السطور والمهندس عبد الرزاق الأدب ومنير بن ميلاد زينة بلدية تونس العاصمة ومن حين لاخر المثقف ورجل المسرح رجاء فرحات اطال الله في عمرهم واغتنم هذه المناسبة لاعزيهم في الفقيد الكبير محمد بن اسماعيل الذي غيبه المرض عنا منذ سنين وها هو يغادنا نهائيا هذا اليوم . لم تكن علاقتنا ببعضنا تعتمد على اَي مصلحة ولكن طباعنا كانت متقاربة ونرتاح للحديث والدردشة دون سوء نية او مقصد واتمنى لهم بهذه المناسبة الصحة والعافية وطول العمر والإفادة . واتذكر بالمنسبة اننا والمرحوم كنا أدينا الحجة مفضلة بقيت في ذاكرتي عنها طرائف وكان هو الدافع لتلك الحجة وشجعنا بفضله وكان سببا في تسهيها فكانت لنا اياما قضيناها في اداء تلك المناسك في احسن الظروف والحمد لله وأرجو من الله ان يتقبلها منا ومنه ومن المؤمنين الوحدين وعامة المسلمين ويلطف بنا. اما علاقتي به خاصة فكان لا يقطع أمرا مهما دون مشورتي ولم يكن يخفي عني سرا وكم كان يستنير بآرائي ويستثقني وأوصى ابنه كريم الذي خلفه في مهام النشر وطبع الكتب النافعة بالمحافظة على تلك الصِّلة وهو ما فعله لذا فأني بهذه المناسبة الاليمة أتقدم له بتعازي الحارة لينقلها لشقيقه وكافة افراد عائلته واتمنى ان يتقبله الله برحمته ويرزق عائلته وأصدقاءه وكل من له صلة به ويصبرنا نحن أصدقاءه وانا لله وانا اليه راجعون.