عاجل/ هذا الوزير يعلن عن بشرى سارة..    عاجل/ محاكمة الغنوشي وقياديين من النهضة..هذا ما قرره القضاء..    31 ديسمبر 2025: انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي إلى فرنسا    الألعاب الأفريقية للشباب – لواندا 2025: تونس ترفع رصيدها إلى 5 ميداليات برونزية    كاس امم افريقيا (المغرب 2025): افضل هدافي المسابقة عبر التاريخ    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    عاجل: قبل الدربي بيوم..لاعب الترجي يغيب عن المُقابلة والسبب ''عُقوبة''    جمعت تبرعات لبناء جامع...تفكيك عصابة تدليس وتحيل وحجز أختام وبطاقات تعريف    كأس القارات للأندية: فلامنغو البرازيلي يواجه بيراميدز المصري في نصف النهائي    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يتربص بالمنستير.. و3 وديات في البرنامج    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة الثالثة عشرة    قضية عبير موسي..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    قابس: تركيز الشباك الموحد لتوفير مختلف الخدمات لفائدة حجيج الولاية    عاجل: هذه حقيقة الوضع الصحي للفنانة ''عبلة كامل''    المتهم بقتل تشارلي كيرك يمثُل أمام المحكمة    عاجل: فتح باب التسجيل لطلبة تونس السنة الثالثة في الطب و هذا اخر يوم !    وزير الإقتصاد: حقّقنا نتائج إيجابية رغم الصعوبات والتقلّبات    مدير عام الديوانة: هذا ما قمنا به لتبسيط المعاملات للمواطنين والمؤسسات    حاجة في كوجينتك فيها 5 أضعاف الحديد الي يحتاجه بدنك.. تقوي دمك بسهولة    سليانة: نقل وتسليم جميع المنقولات الحديدية التابعة للتجهيز المحالة على عدم الاستعمال الى شركة الفولاذ    الحماية المدنية: 146 تدخلا للنجدة والإسعاف بالطرقات خلال 24 ساعة الماضية    النادي الرياضي الصفاقسي يتربص في جربة الى غاية 17 ديسمبر الجاري    هجوم سيبراني يخترق ملفات ل "الداخلية الفرنسية"    عاجل: وفاة غامضة فنانة تركية مشهورة و ابنتها متهمة    عميد البياطرة: هاو علاش الكلاب السائبة منتشرة في الشوارع التونسية    ضباب كثيف يخنق التوانسة في الصباح...وخبراء يوضّحون أسباب الظاهرة    10 سنوات سجنا لشاب اعتدى على والدته المسنّة بقضيب حديدي    عشبة شهيرة تخفض ضغط الدم وتساعد على النوم..والحوامل يمتنعن..    جدول مباريات اليوم الجمعة في كأس العرب ..التوقيت القنوات الناقلة    عاجل: دولة أوروبية تقرّ حظر الحجاب للفتيات دون 14 عامًا    ولاية واشنطن: فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية    القطاع يستعد لرمضان: إنتاج وفير وخطة لتخزين 20 مليون بيضة    طقس اليوم: ضباب كثيف في الصباح والحرارة في استقرار    عاجل/ جريمة مدنين الشنيعة: مصطفى عبد الكبير يفجرها ويؤكد تصفية الشابين ويكشف..    وفاة 7 فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي    زلزال بقوة 6.5 درجة قبالة شمال اليابان وتحذير من تسونامي    رقمنة الخدمات الإدارية: نحو بلوغ نسبة 80 بالمائة في أفق سنة 2030    إثر ضغط أمريكي.. إسرائيل توافق على تحمل مسؤولية إزالة الأنقاض في قطاع غزة    في اختتام المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري ..وزير التجارة يؤكد ضرورة إحداث نقلة نوعية ثنائية نحو السوق الإفريقية    أيام قرطاج السينمائية: عندما تستعيد الأفلام «نجوميتها»    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ستمكّن من إحداث 1729 موطن شغل: مشاريع استثمارية جديدة في تونس..#خبر_عاجل    في أولى جلسات ملتقى تونس للرواية العربية : تأصيل مفاهيمي لعلاقة الحلم بالرواية وتأكيد على أن النص المنتج بالذكاء الاصطناعي لا هوية له    تونس تسجل نموًا ملحوظًا في أعداد السياح الصينيين بنهاية نوفمبر 2025    الليلة: أجواء باردة وضباب كثيف بأغلب المناطق    عاجل: الصحة العالمية لا صلة بين اللقاحات والإصابة بهذا المرض    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    صدر بالمغرب وتضمن حضورا للشعراء التونسيين: "الانطلوجيا الدولية الكبرى لشعراء المحبة والسلام"    هيئة الصيادلة تدعو رئيسة الحكومة الى التدخّل العاجل    تونس تسجل "الكحل العربي" على قائمة اليونسكو للتراث العالمي    عاجل : عائلة عبد الحليم حافظ غاضبة و تدعو هؤلاء بالتدخل    بنزرت : تنفيذ حوالي 6500 زيارة تفقد وتحرير ما يزيد عن 860 مخالفة اقتصادية خلال 70 يوما    خولة سليماني تكشف حقيقة طلاقها من عادل الشاذلي بهذه الرسالة المؤثرة    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    الدورة الخامسة لمعرض الكتاب العلمي والرقمي يومي 27 و28 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم    عاجل/ توقف حركة القطارات على هذا الخط..    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نجيب عبد الكافي يكتب لكم:عودة إلى الديمقراطية
نشر في الصريح يوم 13 - 07 - 2018

لم أُفرغ كلّ ما بجعبتي عندما تعرّضت لمرآي وفهمي لما يُسمّى ديمقراطية ، فاقتضبت ما كنت أنويه ، خشية التطويل ليقيني أنّ " من التطويل ملّت الأمم." فها أنا أعود ، بعد استسماح السيد المدير ورئيس التحرير، شاكرا الصبر والكرم ، أعود لأقول: إنّ من الثوابت في الديمقراطية ونظامها ، تمتع المواطن بالحرية ، وهي كما يعرف الجميع ، أكثر من واحدة ، إذ الحرّية الحقة حرّيّات ، كحرية العقيدة أو المعتقد، وحرّية التنقل وغيرها كثير، مثل حرّية الرّأي والتعبير. يتساءل العاقل المتبصّر هنا: هل هذه الحرية أو الحريات مطلقة ، بلا حدود أو قيود ؟ هذا لعمري ما يعتقده الكيثرون ، وهو لدى العارفين المتبصّرين ، سوء فهم واعتداء على المنطق والمعقول وحرية الغير، إن لم تتوقف الحرّية عند الحد المنطقي المفروض ، مُلخَّصا في عبارة بسيطة :" حرّيتي تنتهي حيث تبدأ حرّيّة غيري." لأن الحرّية ليست فوضى ولا إباحية وخلاعة ولا هي فسق ولا دعارة.
بما أن الشيء بالشيء يذكر ، يبادرني اجتياز حدود الحرية بحادثة كنت من أبطالها ، دارت "رحاها" هنا بمدريد حيث أقبم. يذكر المتتبّعون لما يجري في هذا العالم ، من اعتداءات ومظالم وهيمنة القويّ ، وما نال العرب والمسلمين من ذلك كثير، مؤلم عظيم ، تعدّى أحيانا حدود اللياقة والأخلاق ، ليمسّ ، كذبا واستهزاء ، أقدس المعتقدات. ألّف في في تلك الأثناء الصديق الأستاذ الجامعي جمال عبد الكريم ، المستشار الثقافي بالسفارة المصرية ومدير المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد ، الذي تأسس في عهد طه حسين وبدفع من المستعرب الكبير إيميليو غارثيا غومث ، ألّف باللغة الإسبانية ، بعد أن عاد إلى التدريس في جامعة الكمبلوتانسي بمدريد ، كتابا قيّما مهما مفيدا ، عن الإسلام تاريخا ومبادئ وفرائض ، وكلّ ما يحتويه ويوصي به من سيرة وأخلاق وغيرها. كتاب جامع شامل ، يُبعِد قارئَه بكل سهولة وبساطة ، عن الخلط بين الإسلام الحق ، وبين أعمال الضالين مقترفي الجرائم باسمه وتحت مظلته. كتاب زادت صفحاته عن الخمس مائة ، سرعان ما ترجم إلى اللغة الإيطالية ، ونشرفي إيطاليا. قدّم المؤلف كتابه الثري المفيد ، في مدن عدّة من مدن إسبانيا ، وكنت – برجاء من الصديق المؤلف – مشاركا في بعض تلك المناسبات ، منها حفل تقديم أقيم بنادي الفنون الجميلة بمدريد ، وهو من أهم المراكز الثقافية في المدينة ، فاكتظ المسرح بالحاضرين الباحثين عن معرفة الحقيقة ، منهم كبار مسؤولين خاصة في مجال التعليم والثقافة . كنا ثلاثة ، نرافق المؤلف على المنصّة ، فعالج كلّ منا الكتاب من الزاوية التي ارتآها ، وختم التقديم بكلمة المؤلف الذي شرح الدوافع التي أدت به إلى إنتاج ذلك العمل ، البعيد موضوعه عن اختصاصاته وهي اللسانيات وعلمها.
جاء دور الأسئلة والنقاش ، فدار مفيدا ثريّا إلى أن تداخل أحد الحاضرين ، عمره بين الشباب والكهولة ، فأطال الحديث متنقلا في مواضيعه ، التي ركز فيها على المرأة والحجاب وحرّيّة الرّأي والتعبير. كنت مهتما به قبل أن يأخذ الكلمة ، لأنّ شيئا في وضعيته وجلسته ، وملامحه وهو يستمع ويتابع ، وابتسامته الساخرة المتحدّية جلب انتباهي ، فجعلت أدرس شخصيته ، وعندما طلب الكلمة زاد أسلوبه ونطقه ، وهو يضغط على بعض الكلمات التي يقصد من ورائها التحدّي والإثارة ، كي لا أقول الاحتقار ، زاد في اهتمامي فتأهبت ، وطلبت من الرفاق إجابته ، فتكرموا بالموافقة. أجبته بكل هدوء وبكثير التفاصيل عن جميع أسئلته ، موافقا إياه ومكرّرا " أوافقك سيدي " ، إلى أن وصلت به إلى حرّية الرأي والتعبير، الحق المقدس الضروري ، الذي بدونه تكون الحياة منقوصة وقلت:" تأكيدا لكل إيماني وعملي بحرية التعبير التي ذكرتها ، وأنا موافقك عليها ، فإني أرى أنّ أمّك فلانة ! انتفض وقام كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المسّ – لأنّ الكلمة تنطق كنطقها بالعربية ، وتعني مع مُذكَّرها نفس المعنى والاستعمال العربي ، لكنها في لغة التخاطب تعني العاهرة الفاسقة. بكلّ برود سألته عن سبب اهتزازه وانتفاضته ، ودون انتظار الجواب قلت:" ألست من أنصار حق حرية التعبير وإبداء الرّأي ؟ فهذا يا سيدي رأيي عبّرت عنه ، رغم يقيني بأنه كذب وافتراء." عاد إلى جلسته محني الرأس خجلا أو نادما ، بينما تنفس الحاضرون الصّعداء ، بعد صمت عميق ساد القاعة التي دوت الآن بعاصفة من التصفيق الموافق المؤيّد.
أردت بسرد هذه الحادثة ، معتذرا عن التطويل ، أن أشرح وأوضح ، أن حرية الرأي والتعبير ليست مطلقة ، وهي كأخواتها بقية الحريات ، لها شروطها وقواعدها وحدودها ، تطبق وتحترم دون الحاجة إلى قانون أو حكم وعقاب. أول شروطها التأكد من صحة الموضوع أو المقترح أو الخبرالذي سيبدي المرء بخصوصه رأيه ، وعند التعبير عن الرّأي شفويا أو كتابة ، وجب توخي الهدوء ، والألفاظ الصحيحة اللائقة ، واتباع حسن التربية والأخلاق ، مع الحرص على عدم التعدّي والإضرار لغة ومعنى.
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ.
بعد هذا وبعد ما نشاهده ونسمعه ونتحمل أحيانا تبعاته ، أين نحن منه – تونسيون وعرب - ؟ سؤال قد يستطيع الإجابة عنه من يبحر ويسبح ليل نهار في لجج ما يعرف بمواقع التواصل ( أو التفاصل؟) الاجتماعي ، فنرجوه أن يتكرّم علينا بنتائج ما سيجده ويعاينه علّنا نعرف أين نحن من كلّ هذا ، ومن ديننا وإيماننا ، ومن تربيتنا وأخلاقنا التقليدية المحمودة ، حتى نتصرّف – إن استطعنا – للسير في أقوم السّبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.