اخيرا خرج السيد يوسف الشاهد عن صمته وقرر تعيين وزير داخلية جديد بعيد حسب توصيفه عن التجاذبات السياسية ليطلب منحه الثقة في البرلمان في خطوة لعلها الاصعب والاخطر في مسيرته السياسية . انها ساعة الحقيقة و ساعة سقوط كل الاقنعة ,سواءا المجاهرة بدعم الرجل ,او المناوئة له ,او حتى التي التزمت الحياد ,من ازمة سياسية طال امدها اكثر من اللزوم ,اضافت لما يعانيه عديد التونسيين من عطش و نقص في الادوية و ارتفاع اسعار و بطالة ....خوفا و خشية مما سيحمله له المستقبل القريب من اخبار و احداث فكيف سيكون موقف من اشترط على الشاهد عدم الترشح للانتخابات القادمة من اجل مواصلة دعمه على راس الحكومة, ام انه سيعلل موافقته المحتملة,بانه مجرد اقتراح غير ملزم و لا ضروري او ان المعروض اليوم هو مجرد سد شغور,و لو انه سيكون مؤشرا مهما ,لما يمكن ان تفرزه جلسة منح الثقة للحكومة باكملها ! وماذا ستكون نسبة الداعمين ليوسف الشاهد او وزيره الجديد ,و لو ان الامر سيان بالنسبة لي ,داخل كتلة النداء , و خصوصا بعد لقائهم اليوم مع السيد رئيس الجمهورية و ما يمكن ان يحمله اللقاء من حلحلة لازمة النداء الداخلية ربما حتى عبر قرارات جذرية منتظرة ! وماذا ايضا ,عن مواقف الكتل الاخرى المتفرعة عن النداء ,و التي عبر بعض قادتها عن نيتهم العودة للحزب الام بعد تلقي وعود ربما بالذهاب في اسرع وقت ممكن نحو مؤتمر انتخابي نزيه و شفاف ! و كيف و مع من , اختار السيد يوسف الشاهد وزير داخليته الجديد ,و هل اذا فشل في الحصول على الاغلبية المطلوبة ,سيرمي المنديل و يبادر باعطاء استقالة حكومته ,عوض اهدار مزيد من الوقت الثمين في هكذا ظرف حساس تمر به البلاد ,ام انه سيواصل الهروب الى الامام ليثبت تشبثا بالكرسي لا ريب فيه ! على كل حال,ان ما يقلقنا نحن التونسيين ,ليس كما قال رئيس الحكومة ,حول مدى رضى صندوق النقد عنا او اهتزاز ثقة الشركاء الدوليين فينا, بل مدى سعي حكامنا الفعلي, للدفاع عن سيادتنا الوطنية و ثرواتنا الطبيعية و المحاربة الشاملة و الحقيقية للفساد ,عبر استراتيجيات ناجعة و ذكية ,بعيدا عن الانتقائية و التوظيفات المناسبتية ,و اساسا و قبل كل شيء, استرجاع ثقة الشعب التونسي , الذي تجمع وسائل سبر الاراء على علاتها و اختلافها ,على مدى انحدارها و انحسارها في عموم الطبقة السياسية و خصوصا الحاكمة منها . و قلتها سابقا للسيد يوسف الشاهد و اكررها : -اين لجنة التدقيق في الثروات الطبيعية التي اعلنت عن انشائها عقب احداث الكامور -لماذا لم تنخرط تونس بعد في الاتفاقية الدولية للشفافية في الصناعات الاستخراجية -لماذا لم تبادر لحد الان بتغيير العملة الوطنية بالتوازي مع اجراءات مصاحبة و ضرورية حسب ما يؤكد نجاعته جل الخبراء في المجال -لماذا لم تمنح الاستقلالية لمحكمة المحاسبات و لهياكل الرقابة العمومية و الاستخلاص الجبائي و تعزيزها بشريا و ماديا في استثمار يعتبر الافضل و الانجع -ماذا عن بطاقة العلاج المجانية لفائدة العاطلين عن العمل التي اعلن وزير صحتك عن ابتداء العمل بها منذ افريل الفارط و لم ترى النور ليومنا هذا ? و غير ذلك كثير من التساؤلات المشروعة ,التي اعلم مسبقا انها لن تحظى من قبلكم ,سوى بالصمت و التجاهل . و حتى لا اطيل اكثر , فالحمد لله اخيرا, انك اعلنت الذهاب الى البرلمان, و عند الامتحان يكرم المرء او يهان .