فتح مؤخرا ملف الفساد في قطاع الأدوية وبدأ الحديث عن توقيفات لمسؤولين وموظفين في الصيدلية المركزية ومجال الصحة وللعلم هنا فان فتح هذا الملف تأخر كثيرا بل يمكن أن نقول كونه فرض نفسه بعد أن استفحلت ظاهرة نقص الأدوية وحتى فقدان أنواع كثيرة منها بمعنى أن الفساد ضرب أطنابه وبالغ المفسدون فيه متصورين كونهم في حصانة من التتبعات والمحاسبة. أهمية هذا الملف الذي فرض نفسه عليها يجب ألا تنسينا ملفات أخرى لا تقل خطورة ومنها قطاع الصفقات العمومية الذي نخره الفساد هو الآخر بشهادة دائرة المحاسبات والهيئة المستقلة لمكافحة الفساد وأيضا تقارير دولية منها من صندوق النقد الدولي حيث حدد ما تخسره الدولة من التجاوزات في هذا القطاع ب 25 بالمائة من قيمته الجملية. هذه التجاوزات تحصل في الاجراءات الأولية بداية أي اعطاء من لا يستحق الصفقات نتيجة التدخلات والوساطات والنتيجة مشاريع بنية تحتية رديئة وكلها غش منها الطرقات والجسور التي لا تكاد تمر فترة وجيزة على انجازها حتى تتهرأ أو تتخرب ويصيبها الصدع وتمتلئ الطرقات الجديدة بالحفر . الأمر نفسه بالنسبة للجسور فكثير منها وبمجرد نزول "مطرة" حتى تتصدع أو ينهار جزء منها وبعد ذلك لا أحد يحاسب ولا يتم تتبعه بل مجرد تذمرات على "الفيسبوك" ثم يهدأ الوضع وكان شيئا لم يحصل . المستوى الآخر للفساد في الصفقات العمومية هو برمجة سلع أو أغراض ما بمئات الملايين وحتى المليارات تقتنى من الخارج فيكون بعضها غير مطابق للمواصفات أو يكون الآخر لا حاجة أصلا له والسبب كونها صفقات ليربح منها الوسطاء ومن يحصلون على المناقصة . الأدهى من ذلك أن مشاريع جديدة تنجز وبعد فترة قصيرة يعلن عن فتح باب المناقصات للترميم والاصلاح والأغرب من هذا كله أن الأمر يمر مرورا عاديا . لكن من ناحية أخرى علينا أن نوضح أن دائرة المحاسبات تقوم دائما بدورها فترصد الاخلالات والتجاوزات وتنشرها في تقارير ترفع لأعلى المستويات لكن ماذا يحصل بعد ذلك؟ هذا هو السؤال الجوهري .