قبل أكثر من مئة سنة... كتب نجيب محفوظ ثلاثيته الرائعة ( بين القصرين _قصر الشوق _السكرية ) كانت صورة حقيقية نقلها الأديب بكل أمانة لواقع معاش في تلك الأيام ... في ( بين القصرين ) ... فعندما يعلم سي السيد أن أمينة زوجته المخلصة المطيعة قد تجرأت و خالفت تعليماته بمغادرة المنزل في غيابه بعد ضغط رهيب من أبنائها الشباب لتزور مقام سيدنا الحسين و كسرت رجلها في طريق عودتها..… أقول عندما علم بما فعلت ...طردها من بيتها جنتها لبيت أهلها ... لم تشفع لها عشرون سنة قضتها في خدمته و تربية أبنائه... لم يشفع لها تفانيها و إخلاصها و تغاضيها عن نزقه و نزواته التي لا تنتهي... لم يشفع لها أبناؤها الذكور و بناتها الإناث ... عندما كتب هذه الواقعة لم يخطر بباله أنه ستمر مئة عام جديدة و لا يتغير شيء لا في الواقع و لا في القوانين التي تعطي الزوجة حقوقا تحفظ لها كرامتها و حياتها ... بكلمة واحدة يستطيع الزوج نسف عمر كامل من العطاء و المودة و العشرة الطيبة ... و لن يتغير هذا الواقع المهين إلا بتغيير القوانين المجحفة بحق الزوجة ... العدل يقول أن من حقها أن تتملك نصف المنزل الذي قد يكون الزوج بناه ب حر ماله ...لكنه واجب عليه ألا ينسى أنها هي أيضا بنته بتعبها و تضحياتها و أفنت عمرها كله لتؤسس هذا البيت ...البيت ليس جدرانا و أثاثا فحسب ... في الانكليزية يسمونه home و ال homeهو الوطن أيضا بكل مافيه من ارض و بشر و ذكريات و أحلام... ستحدثونني عن عشرات الزوجات غدرن بأزواجهن و دمرن أسرهن في اوسخ زمن ...زمن الحرب سأحدثكم عن عشرات آلاف الزوجات اللائي حافظن على بيوتهن و أسرهن في غياب أزواجهن ...سواء كان اولئك الازواج في الغربة أو على الجبهات و هم مطمئنون أنهم تركوا وراءهم نساء بألف رجل ...نساء حملن الأمانة بكل شرف و صدق و تفان ... معا لتشريع قانون الشقة من حق الزوجة .. دفعت ثمنها مسبقا حتى و لو لم تجن في حياتها قرشا واحدا لكنها دفعت ثمنه من روحها و تعب أيامها و سنين عمرها... صباحكم قد وهبته عمري ضاع عنده العمر