في شطحة بهلوانية جديدة للرئيس الأمريكي ترامب يقرر مرّة أخرى فرض عقوبات اقتصادية جديدة على ايران و للتاريخفهي ليست المرّة الأولى التي تفرض فيها الولاياتالمتحدة مثل هذه العقوبات على ايران فقد فرضت سنة 1995 حظر اقتصادي كامل على طهران كردّ فعل على احتجاز الرهائن الأمريكيين سنة 1979 فضلا عن قرار مجلس الأمن عدد 1737 الصادر عام 2006 المتعلق بفرض عقوبات موسعة على ايران تقضي بمنع امدادات و بيع و نقل كل المواد و المعدات و البضائع و التكنولوجيا التي يمكن أن تساهم في الأنشطة المتعلقة بالتخصيب أو المياه الثقيلة من قبل كل الدول الأعضاء في الأممالمتحدة و في سنة 2007 أصدر مجلس الأمن – بهدف زيادة الضغط على ايران بشأن برنامجها النووي و برنامجها الصاروخي – قرارا بمنع التعامل مع البنك الايراني الحكومي و أيضا في عام 2008 و تقريبا كلّ سنة عقوبات جديدة؟ عدّة أسئلة تطرح نفسها تبعا للعقوبات الاقتصادية الجديدة بعنوان 2018 و التّي دخلت بعد حيز التنفيذ بعد و تقول، ماذا تطلب أمريكا تحديدا من ايران بفرض هذه العقوبات؟ ما هي الخيارات لدى ايران و حبل المشنقة الاقتصادي ما فتىئ يلتفحولرقبتها؟ هل ستتجرّع ايران وحدها كأس سمّ العقوبات الأخيرة؟ ما هو موقف شركائها من آسيا إلى أروربا من هذه العقوبات ؟ يمكن القول و أن انطلاق هذه الأزمة الجديد كان مع قرار ترامب التخلي عن الاتفاق النووي الايراني بصفة أحادية ، الذي ابرم سنة 2015، رغم معارضة كل شركائه لهذه الخطوة الأمريكية لأنها وضعتهم أمام خيارين أحلاهما مرّوجعلتهم في حيرة من أمرهم لأنّهم يريدون مسك العصا من الوسط، فلا هم يريدون معاداة الولاياتالمتحدةالأمريكية و في نفس الوقت يسعون إلى المحافظة على مصالحهم مع ايران و هي معادلة صعبة أمام التعنت الأمريكي، لكن هذه المرّة ضاعفت أمريكا / ترامب الضغط لا على ايران فحسب بل و على شركائها الممضين مع الولاياتالمتحدة على اتفاقية ايران النووية. باتخاذها من جديد لعقوبات اقتصادية. على ايران.لذلكنساءل معا : *ماذا تطلب أمريكا من ايران بفرضها هذه العقوبات..؟ إنّ العقوبات الاقتصادية الأخيرة ضدّ ايران تبدو ظاهريا و أنّها تجسيد لقرار ترامب ، ضمن حملته الانتخابية نحو الرئاسة ، المتعلق بالتخلي نهائيا على الاتفاقية النووية التي تمّ ابرامها سنة 2015 في عهد الرئيس السابق أوباما و لكن في واقع الأمر يعكس الصراع القائم بين حلفين، حلف يدافع عن مصالحه و حقوقه و حلف آخر يستمر بعدوانه و ابتزازه و استخفافه بالقرارات الدولية و حقوق الشعوب و الولاياتالمتحدة بعد أن فشلت عسكريا ضدّ ايران و ضدّ كل الدول التي تعارض سياستها – الصين و روسيا أبرز مثال – أصبحت تعوّل على تأثير العقوبات الاقتصادية كوسيلة ضغط لاستدراج الشعب الايراني للانتفاض ضدّ السلطة في ايران و خلق " الفوضى الخلاّقة" و بالتالي هي تحاول جاهدة من أن يمتّد ما يسمى بالربيع العربي – و نراه ربيعا عبريا بامتياز– إلى ايران و المناطق المجاورة لها من أجل أن تصيب أكثر من عصفور بحجر واحد، كأن تبثّ الفوضى داخل هذا البلد الاسلامي الذي بقي عصيا عنها و أيضا لتضعف ايران كدولة نووية لفائدة الربية اسرائيل و الأهم من كلّ هذا لكي تصبح سوقا للتجارة الأمريكية. فقط امريكا/ترامب تناست و أنّ أي اعتداء خارجي على ايران يزيد في وحدتها الداخلية باعتبار تماسك أوّلا نظامها و التفاف أغلب الشعب حول نظامه خاصّة إذا كان الأذى قادما من " الشيطان الأكبر" لذلك نرى و أنّ هذه العقوبات لن تحقق أهدافها المنتظرة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة مع وقوف بعض الدول معها على غرار روسيا بالنّظر لتشابك المصالح..؟ و لكن ما هي الخيارات القائمة أمام ايران لفكّ عزلتها؟ *ما هي خيارات ايران و حبل المشنقة الاقتصادي يلتف حول رقبتها..؟ ربما أوّل الخيارات المتوفرة أمام النّظام الايراني حاليا يتمثل في التحرك الديبلوماسي السريع لفضح أهداف ترامب من وراء فرض هذه العقوبات الجديدة لدى أصدقاء ايران و لدى بعض الدول الأوروبية و لدى كلّ الدول التي سيلحقها الضرر من وراء هذه العقوبات و أيضا فضح النّوايا الخفية لترامبو المتمثل في مزيد ابتزاز دول الخليج النفطية و على رأسها السعودية ليكسب المزيد من الأموال لتعويض خسارة الاقتصاد الداخلي الأمريكي فضلا عن خدمة مصلحة الصهاينة. إضافة إلى العمل على تقوية جبهتها الداخلية، سلطة و معارضة و شعبا، لأنّ الجميع هم مستهدفون و بلا استثناء و ثانيا لا بدّ من استحداث خطوط اتصال اقتصادية مع الدول الصديقة و أيضا مع كل الدول الممكن تضررها من جرّاء هذه العقوبات مع مواصلة اتباع سياسة تقشف صارمة داخليا حتّى تتمكن من تجاوز هذه الأزمة المفتعلة و التّي تهدف فيما تهدف إليه تقويض الاستقرار الداخلي بإيران و بث الفوضى فيه ليسهل اختراقها و استهدافها في العمق و تدميرها كما تمّ مع بعض الدول العربية و ليبيا و سوريا و العراق أمثلة حيّة تشهد بخراب هذه الدول بعد التدخل الغربي و تحديدا الأمريكي فيها. *هل يشرب شركاء ايران من نفس كأس العقوبات الأمريكية ..؟ يبدو و أنّ ترامب فتح على نفس و من ورائه الولاياتالمتحدة باب جهنّم لأنّه فتح أمامه أكثر من جبهة و أكثر من عدّو تقريبا على كامل الكرة الأرضية من القارة الآسيوية إلى الأوربية و حتّى الأمريكية و الإفريقية أيضا فهي أيضا لإذن حرب اقتصادية كونية جرّاء هذه العقوبات الجديدة المفروضة على ايران باعتبار تشابك مصالح الكثير من الدول مع ايران. لذلك سارع وزراء خارجية كل من بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و زيرة خارجية الاتحاد الأوروبي بالتعبير عن أسفهم لفرض مثل هذه العقوبات مجددا على ايران و ذلك في بيان مشترك بينهم بل أطلقت المفوضية الأوروبية ما يعرف " بقانون التعطيل" من أجل الحدّ من تأثير هذه العقوبات الأمريكية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار أو المستثمرة بعد في ايران . وحتى تحصل الاستفادة نقول و أن هذا القانون، الذي أقرّه التشريع الأوروبي سنة 1996، يحظر على الشركات و المؤسسات الأوروبية الامتثال للعقوبات الأمريكية مع امكانية حصول هذه الشركات لتعويض لأي ضرر ينجم عن هذه العقوبات و لكن تبقى هذه الوسائل القانونية، في نظرنا، محدودو الفعالية *و ختاما نقول : اسلوب الولاياتالمتحدة أصبح متعارفا عليه لدى الجميع و هو أسلوب القوّة و فرض العقوبات و لكن هل تنجح أمريكا / ترامب في كسر شوكة ايران و اخضاعها لأهدافها ؟ أم ستفشل في ذلك أمام صمود ايران أمام مثل هذه العقوبات..؟ و السؤال الذي يبقى مطروحا – في صورة فشل هذه العقوبات الاقتصادية كسابقاتها – هل الصهاينة، الذين يديرونها خيوط اللعبة من وراء الستار، و أيضا بعض الدول الخليجية النفطية، هل ستبقى مكتوفة الأيدي أم ستدفع ربما الولاياتالمتحدة إلى ارتكاب حماقة أفدح كمهاجمة ايران عسكريا..؟ لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية طريقة واحدة في التعامل مع الدول، ألا وهي القوة وفرض العقوبات والإملاءات، وقد فرضت أمريكا عقوبات على إيران لأكثر من ثلاثة عقود ولم تنجح بكسر شوكتها أو إخضاعها، بل استطاعت إيران أن تتطور في كل المجالات وتعتمد على نفسها بكل شيء، كما فرضت الولاياتالمتحدة العقوبات على روسيا ولكن جاءت نتيجة العقوبات بعكس ما أرادته الولاياتالمتحدة تماما.