مثل فتح تحقيقات حول حقل حلق المنزل بالمنستير من قبل رئيس الحكومة أول اجراء جدي وفعلي من قبل السلطات التونسية فيما يخص ملف انتاج المحروقات وهنا نقصد النفط والغاز فالحديث عن وجود فساد مستشري في هذا القطاع ليس بجديد لكنه تطور وتزايد بعد 2011 باعتبار أن منظومة الحكم السابقة كانت تمنع الحديث عن مثل هذه الملفات. من هنا فان الكثيرين اعتبروا أن الحملات التي صارت سابقا تحت شعار "وينو البترول" كانت مبررة فيما يرى آخرون أن المسألة ليست متعلقة أساسا بأين البترول بل بالرخص الممنوحة للشركات الأجنبية للتنقيب واستغلال النفط والغاز. من هنا علينا أن نعرف طبيعة هذا المجال وأيضا المقدرات النفطية والغازية لبلادنا. وفق الأرقام الرسمية فان الانتاج التونسي من النفط هو بمعدل 55 ألف برميل يوميا وهذا في الحالات العادية أي ان لم تكن هناك تعطيلات في الانتاج واضرابات. هذه الكمية تقدر تقريبا بنصف الاستهلاك الداخلي .بالتوازي مع هذا فان تونس تستورد 45 بالمائة من حاجياتها من الغاز يذهب جلها لإنتاج الكهرباء . الحقيقة المعروفة الى الآن أن تونس ليست بلدا نفطيا فرغم وجود حقول تم اكتشافها وهي في طور الاستغلال الا أنها ليست كبيرة كما في ليبيا والجزائر ودول الخليج لكن وفق الخبراء فان هناك ميزة للنفط التونسي كونه من النوع الخفيف الممتاز ذو الجودة العالية والذي يطلب بكثرة لإنتاج وقود الطائرات. بالنسبة للمعضلة المطروحة حاليا والمتعلقة برخص التنقيب ثم الانتاج أي الاستغلال فإنها تبقى نوعا ما غامضة ولكن مؤشرات الفساد موجودة والسبب أن تونس لا تحتكم على شركات كبرى لها معدات وآلات قادرة على التنقيب عن النفط وحتى الغاز وانتاجه لذلك يتم اللجوء الى مناقصات تدخلها شركات أجنبية وعندما يتم العثور على مقدرات تتشكل شركة بين تونس والشركة المعنية وفق قانون يحدد الشروط وطبيعة الاتفاق. لكن ما يحصل أن هناك عقود كثيرة يتم منحها من قبل مسؤولين لشركات دون أخرى بمقابل ومعلوم وهنا يبدأ الفساد والتجاوزات ليتواصل مع عدم التدقيق في الكميات المستخرجة بعد دخول الحقل طور الاستغلال . لذلك فان فتح ملف حقل حلق المنزل هو وفق خبراء بداية فقط لفتح ملفات أخطر في قطاع النفط والغاز ومجال منح الرخص.