عاجل/ في قضية قروض بنكية دون ضمانات: القضاء يصدر أحكاما سجنية ضد هؤلاء..    مرصد سلامة المرور يدعو مستعملي الطريق إلى توخي الحذر..#خبر_عاجل    الدكتور أحمد السوقي ينصح الفتيات: بين 25 و30 سنة أحسن وقت للزواج    عاجل: الجامعة العامة للتعليم الثانوي تدعو لرفض حصص التدارك الشتوي    يوم علمي حول علوم الحياة والارض يوم 25 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم بتونس العاصمة    إمضاء اتفاقية شراكة بين وزارة الأسرة ومنظمة رواد الأعمال لدعم ريادة الأعمال النّسائيّة ودفع الاستثمار    ترامب يوقف برنامج قرعة "غرين كارد" للمهاجرين    فرنسا : تفتيش منزل ومكتب وزيرة الثقافة في إطار تحقيق فساد    احباط محاولة سرقة غريبة من متجر معروف..ما القصة..؟!    عاجل: الترجي الرياضي يستعيد مهاجمه هذا    بطولة كرة اليد: برنامج مواجهات الجولة التاسعة إيابا    الكرة الطائرة: برنامج مباراتي الكاس الممتازة لموسم 2024-2025    عاجل/ أمطار ستشمل هذه الولايات: الرصد الجوي ينبه في نشرة متابعة..    العظمة ''المروبّة''بين الفوائد والأضرار    عاجل/ هذه الدولة تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة..    تحذير عاجل للتوانسة من استيراد الأبقار من فرنسا    المنتخب الوطني يحزم حقائبه إلى المغرب    3 فوائد مذهلة لتناول مشروب الزنجبيل في الشتاء    عاجل: الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف بالأرقام عن تمويلات الفيفا منذ جانفي 2025    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    رئيس الجمهورية يؤكّد لدى لقائه رئيسة الحكومة أنّ الشّعب وجّه يوم أمس رسائل مضمونة الوصول وأعطى درسًا للجميع    الملعب التونسي : فسخ عقد التشادي محمد تيام وثلاث وديات في تربص سوسة    كأس العرب قطر 2025: منح المركز الثالث للبطولة مناصفة بين منتخبي الإمارات والسعودية    لاعب المنتخب المغربي يُعلن اعتزاله دولياً...شكون؟    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    قتلى بضربات أمريكية على قاربين "مشبوهين"    محرز الغنوشي: ''اليوم نصل إلى ذروة التقلبات الجوية التي تم التنبيه لها منذ بداية الأسبوع''    منظمة الصحة العالمية: 80 ألف وفاة في رحلات الهجرة منذ 2014    تبرعات ضخمة لبطل بوندي أحمد الأحمد    صور إبستين تفضح علاقات مفاجئة.. أسماء بارزة في عالم السياسة والتكنولوجيا والإعلام تظهر في الأرشيف    ماكرون.. علينا محاورة بوتين في أقرب وقت    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    منزل بورقيبة .. فضاء نموذجي للمطالعة بالمكتبة العمومية.... والتربية الوالدية تحت المحك    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    الليلة: أمطار والحرارة تتراوح بين 9 درجات و17 درجة    افتتاح الدورة 14 من معرض مدينة تونس للكتاب    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    لقاء علمي حول اللغة العربية بكلية الآداب بمنوبة    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    عاجل/ هذا موعد أوّل رحلة للحجيج وآخر موعد لاستكمال إجراءات السفر..    فيلم "هجرة" للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين : طرح سينمائي لصورة المرأة وصراع الأجيال    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    دار الصناعات التقليدية بالدندان تحتضن معرض "قرية وهدية" من 22 الى 30 ديسمبر الجاري    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    رحلات وهميّة نحو تونس: عمليّات تحيّل كبيرة تهزّ الجزائر    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى الشيخ الحبيب المستاوي : وثيقة تاريخية هامة نص البيان الذي قدمه الى الحزب الاشتراكي الدستوري سنة 1970
نشر في الصريح يوم 10 - 09 - 2018

يصادف يوم الثامن عشر من شهر سبتمبر ذكرى وفاة الشيخ الحبيب المستاوي رحمه الله( 18سبتمبر1975).وتحية لروحه الزكية وتعميما للفائدة وتعريفا بما بجهوده رحمه الله في القيام بما يمليه الواجب الديني والوطني( وهم متلازمان لده لا انفصام بينهما ) فقد بادر لدى الاعلان عن وقفة التأمل في صائفة1970وتكوين لجنة عليا في صلب الحزب الاشتراكي الدستوري (والشيخ الحبيب المستاوي احد مناضليه) تولت الاعداد لمؤتمر المنستير الأول الذي انعقد في شهر اكتوبر1971الى تقديم بيانا ضاف اشتمل على رؤية شاملة لاصلاح رأى ضرورة القيام به في مختلف المجالات وضعه امام اللجنة ليستنير به في عملها وهو ما بلوره في الخطاب الذي القاه لدى مشاركته في مؤتمر1971و الذي لقي تجاوبا كبيرا لايزال يردد اصداء ه الايجابية من حضروا وشاركوا في مؤتمر 1971وقد انتخب الشيخ الحبيب المستاوي على اثره عضوا باللجنة المركزية في ترتيب متقدم اثار حفيظة بعض الاطراف ممن اساؤوا الظن بالشيخ الحبيب و حسبوه على احد الاطراف المتصارعة في حين ان الشيخ الحبيب رحمه الله وهذا ماتبين للجميع بعد ذلك وما يشهد عليه بيانه هذا الذي نورد نصه الحرفي كما قدم للجنة العليا للحزب في صائفة1970 ليس له من غاية او هدف سوى مرضاة ربه اولا ثم القيام بواجب النصح ابراء لذمته امام الله وامام اشعب وتلك لعمري هي المهمة الاساسية لعالم الدين
وقد نال الشيخ الحبيب رحمه الله في سبيل مواقفه الصادقة المخلصة اذى شديدا ربه احتسبه عند ربه وتحمله بصبر ومصا برة لم يبثه الا الى ربه الذي اقبل عليه بكليته واشتكى اليه حاله وما سلط عليه و تضمنته اخر قصائده الشعرية لاسيما قصيد ته المطولة الى الله اشكو(في مائتي بيت) وهي في ديونه الذي جمع ونشر بعد وفاته ويحمل عنوان( مع الله)
ظل الشيخ الحبيب المستاوي رحمه الله على تلك الحال لا انيس له الا ربه او قلة قليلة جدا من رفاق دربه واهله الذين فوجؤؤا بتعجيله الى ربه راضيا مرضيا صبيحة يوم الخميس 12 رمضان الموافق ل18 سبتمبر1975وقدامسك للصيام وقام للصلاة فركع الركعة الاولى وفي الركعة الثانية التحقت روحه الطاهرة ببارئها راضية مرضية ليبيت ليلة الجمعة في قبره بالزلاج رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فراديس جنانه وجازاه الله عن دينه وامته خير الجزاء
نص البيان
وبعد فشعورا بواجب النصح الذي جعله الله أمانة في عنق المؤمنين، يجازيهم خير الجزاء إن هم قاموا به لوجهه الكريم، ويحل بهم مقته وغضبه إن هم أهملوه أو قاموا به لغير وجهه الكريم أو لما توسوس به النفوس الأمارة بالسوء من منافع ومطامع. وكل هذا قد وضحه القرآن الكريم أعظم توضيح حين قال : "ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم"، وأكده وقرره سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم حين قال: (الدين النصيحة) قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولرسوله ولكتابه ولأيمة المسلمين وعامتهم) وقال أيضا: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليحلن بكم عذاب محتضر).
إن الاستجابة لهذه الهتافات السماوية النبوية تحتم على المخلصين لها إن يقدموا النصح لمن طلبه ولمن لم يطلبه على حد السواء إنما المهم إن يطبع بالطابع الإسلامي الصميم ذلك الطابع والذي وضحه القرآن الكريم أجمل توضيح حين قال: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" ولا ننسى أن تونس قد تمسك دستورها في فصله الأول بعروبتنا وإسلامنا وعلى هذا الأساس نلفت نظركم إلى ما يلي مما نحس بان التناقض قد بلغ فيه منتهاه.
1)- الإشعاع الروحي:
إن شعبنا التونسي الذي هو شعب معروف بأصالته العربية الإسلامية قد وهبه الله من الخصائص ما جعله جديرا بان يحتل مقام القيادة والريادة منذ فجر الإسلام الأول، إذ قد استطاع هذا الشعب أن يجعل من بلده مصدر إشعاع لا في الشمال الإفريقي وحسب بل في مجاهل إفريقيا وقلب أوروبا، ولقد كانت القوة الروحية هي المطية التي عبر بواسطتها أجدادنا الفيافي والبحار، وحققوا لدينهم ولامتهم أعظم انتصار، إن الرقعة الأرضية الضيقة والنسبة العددية لهذا الشعب لم تستطيعا إن ترجعا المد التونسي عن غاياته البعيدة، وليس ذلك للفصاحة والذكاء والجاذبية والطيبة التي ميزنا الله بها فقط، بل مرده الأول والحقيقي إلى جامع عقبة وجامع الزيتونة، فمن هذين المكانين الأقدسين تخرج الدعاة والفاتحون وجاؤوا من كل صوب وحدب ليغترفوا من معين تونس، وليجعلوها عن اختيار واقتناع وطنهم الثاني إن لم تكن الأول، لقد رأينا بأعيننا أن تونس الصغيرة استطاعت إن تكون عديلة لمصر الشاسعة الكبيرة، وان تنازعها عن جدارة زعامة المسلمين، وكثيرا ما تفتكها منها لا بشيء إلا بجامع الزيتونة الذي طاول الجامع الأزهر فطاله، وغالبه فغلبه، ورأينا -وما بالعهد من قدم- أن أصدقاء كثيرين تنكروا لصداقتهم معنا بل واشتركوا مع من تآمر علينا، ولم نر واحدا من الذين رضعوا ثدي الزيتونة من غير أبناء تونس كفر بنعمتنا أو تنكر لأبوتنا. فهل آن لنا ان نراجع أنفسنا -ونحن أهل المراجعة- "والرجوع إلى الحق فضيلة" هل آن لنا أن نعيد تلك القلعة الشامخة البناء إلى سالف عهدها متطورة متعصرة تحتضن فئات من أبنائنا الذين نحن في حاجة إلى خدماتهم المجدية، وفئات من الوافدين علينا ليصبحوا أبناء لنا اليوم وأشقاء أوفياء لنا غدا؟
2)- إصلاح التعليم:
إن تجربتنا النضالية الطويلة المظفرة أبانت لنا بكل وضوح انه لن يستبسل ويثبت في أية معركة إلا من كان صادق الإيمان بقيمه ومثله ودينه وتاريخه، فهو الذي يعتز بالماضي ويجعله ركيزة المستقبل، ويأبى عليه إيمانه بربه أن يتوغل في الشر إذا ما انزلق فيه عن غير قصد وروية، لا تمكن أبدا المقارنة بين مؤمن وجاحد، وبين بار وعاق، وبين مخلص ومتنكر، والتجربة الناطقة ماثلة أمام أعيننا توضح بما لا غموض فيه إن من كفر بربه سهل عليه أن يمزق روابطه العائلية والقومية وسهل عليه أن يتاجر بكل شيء، لأنه لا يؤمن إلا بالمادة، فأينما رآها جرى خلفها لاهثا، وإزاء هذه الحقائق المرة الحلوة يكون لزاما علينا أن نعيد النظر بكل تمحيص ودقة وصراحة وشجاعة في برامج تعليمنا من ألفها إلى يائها لأننا رأيناها -والحق يقال- لا تستطيع أن تخرج لنا رجالا نطمئن على مصير امتنا إذا ما القي بين أيديهم، ومن لم يتشبع بتاريخ أمته ولم يقدس مثلها، ولم يتعمق في لغتها لا يمكن أن يكون معتزا بها ولا مخلصا إليها، أننا لسنا من أنصار الانغلاق أو الانعزال، بل نحن من المؤمنين بالتفتح الذي لا يصل إلى حد الذوبان والانسلاخ، لقد اخذ عنا الغرب العلم والحضارة إلا أنهم كرسوا جهودهم لترجمتها وطبعها بطابعهم حتى أصبحت مع الأيام وكأنها نتاج عبقريتهم وتراث أجدادهم، فلماذا لا نفعل مثلما فعلوا فنبعد عن أجيالنا الصاعدة الذبذبة والحيرة والتنطع؟
إن الشباب الذي نريد أن نجعل منه مسلما صميما وعربيا صادقا وتونسيا مخلصا، لا يمكن أن يتعلم بالمدرسة لغة أكثر من تعلمه للغته، وتاريخا أكثر من تعلمه لتاريخه، وفلسفة أكثر من تعلمه لفلسفته، انه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون جميع شبابنا المتعلمين من نوع المهندسين والأطباء والذريين والفيزيائيين، بل لا بد أن يكون من بينهم الأدباء والمختصون في الكتاب والسنة، وحفظة القرآن أيضا، المختصون في علومه مما يحقق حاجة المجتمع التونسي المسلم. فأين المدارس القرآنية (الكتاتيب) المنظمة التي ستحقق هذا الغرض؟ وأين البرامج التعليمية أيضا؟ ومتى سنهتم بهذا المشكل الخطير؟
3)- وسائل الإعلام:
إن وسائل الإعلام والثقافة تلعب الدور الأساسي الرئيس في توجيه الشعوب فتكيف أذواقها وتقوم انحرفاتها، فهل إن وسائل الإعلام والثقافة لدينا بما فيها من صحافة وتلفزة وإذاعة وتمثيل وسنما ونشريات محلية أو مستوردة، هل إن هذه الوسائل تخدم الغايات الأخلاقية والوطنية والدينية؟ أم هي سائرة في غير هذا الاتجاه؟ وهل نسمح لأنفسنا أن نتركها تهدم ما نبني، وتعمل على نقيض منا نريد؟
4)- الهياكل الدينية:
إن العصر الذي نعيش فيه هو عصر الدعاية والإشهار، وان الحق الواضح إذا لم يقع التعريف به والدعوة إليه بالحاج يهمل وينسى تماما ومن اجل هذا دعا الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى التذكير فقال: "وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين" وقال "فذكر بالقرآن من يخاف وعيدي". ونحن إذا ما أردنا أن نقارن هنا بين ما يقوم به دعاة الدين والأخلاق والفضيلة نرى أن سوق الأولين انفق وإمكانياتهم أعظم، وإزاء هذا التكالب من أنصار الضلال والإلحاد نرى انه يتعين علينا أن نقيم أجهزة عتيدة للدعوة الإسلامية، ونعطيها من الفعالية والعون ما يجعلها تنطلق في هذه المجالات انطلاقة تعطى للدولة وللحزب ما تعطيه المنظمات القومية التي ثبتت نجاعتها واستمرت رسالتها. لقد رأينا جل الدول الإسلامية بل جميع الدول الإسلامية تجعل ضمن الهيئات المحترمة مجلسا إسلاميا أعلى أو مجلسا للعلماء وبجانب ذلك جماعات للدعوة الإسلامية تجد من حكومتها الدعم المادي والأدبي ويندرج ضمنها رجال مؤمنون يخلصون النصح ويصدقون فيه، ويمارسونه كعبادة وهواية يتأثرون، ويؤثرون، فكم نحن في حاجة أكيدة إلى جمع شتات هؤلاء المؤمنين المخلصين الصادقين الذين يفهمون الإسلام على حقيقته، وإعطائهم الفرص الكافية للعمل؟
5)- التشريع:
وكم تتوج أعمالنا بالنجاح والتوفيق إذا نحن عممنا مسالة المراجعة الواعية المتبصرة حتى في بعض مسائلنا التشريعية على ضوء التجارب التي عاشها المجتمع التونسي في ظروفه الأخيرة... وكل هذه الأشياء أمام أصحاب العزائم الصادقة من رواد الإصلاح المقدرين للمسؤولية التاريخية سهلة وميسورة، وإنها لتعطي للحزب والدولة من القوة والمناعة ما لا تعطيه الجيوش الجرارة ولا قوة البوليس.
6)- لغة الإدارة:
لقد جعلنا من أهدافنا القومية المقدسة مسالة تعريب التعليم والإدارة، وبذلنا في سبيل تحقيق هذه الغاية ولكننا بكل أسف وقفنا تماما عن تطبيق مسألة التعريب عندما أصبحت أمورنا بأيدينا إذ أن الإدارة ما تزال لغتها فرنسية في مجموعها، والتعليم يخدم الفرنسية أكثر من التعريب، الأمر الذي جعل شبابنا يفضل التخاطب بالفرنسية حتى في أموره العادية. فمتى نأذن لمصالحنا الإدارية باستعمال العربية في مناشيرها وتنابيهها وغير ذلك من كل ما هو خارج عن نطاق الفنيات الضرورية؟
7)- الأخلاق العامة:
مما لا شك فيه أن الأمم تعلو وتنزل بالأخلاق:
فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت: فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
إن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: (الدين الأخلاق) وقال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وليس هناك من ذوي العقول من يجادل في ثبوت هذه الحقيقة غير أننا ويا للأسف نلمس انحدارا أخلاقيا عظيما يجتاح المعمورة قاطبة، ويصيبنا شره هنا بنسبة كبيرة جدا، الأمر الذي يوجب علينا أن نقف لصد تياره الجارف بكل ما أوتينا من قوة حتى نجنب امتنا الانهيار المحقق إذا تمادى هذا الإهمال والتجاهل لمسالة الأخلاق لأنه لا علاج لها إلا بالرجوع إلى الأخلاق الإسلامية الأصيلة
خاتمة:
واني إذ أقدم هذه المقترحات أقدمها بدافع الحب لهذه الدولة ورجالها والغيرة على الدين والوطن، والإيمان القوي بان الوحدة القومية يجب إن تكون شيئا مقدسا، ويجب أن تكون واسعة تستوعب جميع الناس وتحقق لهم أهدافهم، إذ مع بعد النظر وحسن النية لا يمكن إن يوجد تناقض بين المخلصين.
أقدم لكم كلمتي هذه ورائدي الوحيد النصح لله ولرسوله ولكتابه ولأيمة المسلمين وعامتهم، فعسى أن تجد لديكم ما تستحقه من تأمل واعتبار، وذلك هو غايتي ومنى نفسي.
"والله يقول الحق وهو يهدي السبيل"
الحبيب المستاوي
صائفة 1970


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.