ان العلماء مدعوون اليوم الى ان ترتفع أصواتهم مستعملين في سبيل ابلاغ دين الله كل وسيلة عملا بقوله جل من قائل (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) يدخل في الحكمة المجادلة بالتي هي أحسن والرفق واللين والصبر ويدخل في الحكمة كل ما يوسع من دائرة الإنارة والتوجيه وإبراء الذمة بكل وسيلة مستحدثة ومتطورة من الوسائل المستعملة اليوم من إذاعة وتلفاز وانترنات والوسائط الاجتماعية وينبغي ان يكون ذلك بكل اللغات: لغات الشعوب الإسلامية واللغات الأخرى حتى يعلم الجميع ان هذا الدين الذي رضيه الله لعباده (ورضيت لكم الاسلام دينا) هو دين الرحمة بالناس كافة على مختلف أجناسهم وأعراقهم وألوانهم ولغاتهم وفئاتهم مصداقا لقوله جل من قائل (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) ينبغي ان ترتفع أصوات العلماء في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة التي تمر بها الأمة معلنة ان الاسلام هو دين الأمن والسلام يقول جل من قائل ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين) وان الظلم والعدوان حرام في دين الاسلام الذي يقول نبيه عليه السلام على لسان ربه ( يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حراما فلا تظالموا) وان الاختلاف والتغاير والتمايز بين الناس هو من إرادة الله تبارك وتعالى الذي يقول ( ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم) سورة هود الآية 118 وهو القائل ( ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) المائدة 48 والتكريم من الله هو لكل بني آدم يقول جل من قائل ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء70 على العلماء واجب التذكير بأن الله خلق عباده وجعلهم شعوبا وقبائل (يا أيها الناس ان خلقناكم من ذكر وأنثى لتعارفوا وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات 13 وامة الاسلام هي أمة الشهادة والتبليغ (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب) يخاطب الله نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام تشريفا ويخاطب المسلمين تكليفا بقوله تعالى (فذكر إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) الغاشية21 وقوله (وما انت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيدي) سورة ق آية 45 وقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) سورة الكهف آية29 وقوله (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) سورة يونس آية99 وقوله (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) البقرة 255 فكل هذه الآيات الكريمة الواضحة الجلية في معانيها وهديها القويم تقف حجة وبرهانا على ان دين الاسلام هو دين الانسانية الحقيقية يأبى الظلم والعدوان وان ما يلصق به انما هو بهتان وافتراء أو جهل وتحريف وانحراف فالاسلام لا يقدس القتل وسفك الدماء يقول جل من قائل (من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) المائدة 32 قال ابن عباس رضي الله عنهما: من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا قال الحافظ بن حجر ( في هذه الآية تغليظ أمر القتل والمبالغة الشديدة في الزجر عنه وتوكيد لحق الحياة الانسانية حتى لا يضار فيها أحد بغير حق وقال الحسن البصري (فكانما قتل الناس جميعا في الوزر) وقال مجاهد (المعنى ان الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدا جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما لقد حرم الاسلام قتل النفس البشرية فقال جل من قائل ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) الأنعام51 وحرم العدوان (ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) والمسلم لا يبدأ بالعدوان وانما يكتفي بصده (واعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم) جاء في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة الدماء) رواه البخاري 6533 قال ابن حجر في الحديث عظم أمر الدم فان البداءة انما تكون بالأهم والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة وتفويت المصلحة واعدام البنية الأساسية غاية في ذلك) وقال النووي (ففي هذا الحديث تغليظ أمر الدماء وانها اول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة وذلك لعظم امرها وشدة خطرها) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما) رواه البخاري 6862 الفسحة هي المهلة والسعة والمعنى انه يضيق عليه دينه ولا تقوم أجور أعماله الصالحة باثم ظلمه بسبب الوعيد على من قتل مؤمنا متعمدا بغير الحق ونقل ابن حجر عن ابن عربي قوله (الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى اذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره)