توقعناها منذ البداية فمهما كانت دوافع حركة النهضة الداخلية او الخارجية في مساندة بقاء يوسف الشاهد كرئيس للحكومة فانها قد دفعت بنفسها الى طريق مسدود و مازق سياسي خطير ستكون كلفته باهضة على الحزب والبلاد على حد السواء . بعد خروجها و تمردها على التوافق و اجماع المشاركين في وثيقة قرطاج 2 و تمسكها الغريب بحكومة فشلت على كل المستويات و اظهرت رضوخا لا مثيل له في تاريخ تونس للاملاءات الخارجية و قدمت في شخص رئيسها وعودا جدية للمصادقة على اتفاقية الاليكا لتخريب الفلاحة و الاقتصاد الوطني, تجد حركة النهضة نفسها اليوم امام خيارين احلاهما مر ,فاما التراجع و الاصطفاف الى جانب غالبية القوى و المنظمات الوطنية من اجل حكومة انقاذ وطني بديلة ,و اما مواصلة الهروب الى الامام مع تحمل المسؤواية الكاملة فيما ستؤول اليه الاوضاع في المستقبل القريب خصوصا في ظل توجه الاتحاد العام التونسي للشغل نحو اقرار الاضراب العام في الوظيفة العمومية و عزمه التصدي لكل اشكال التبعية و التفويت في المؤسسات العمومية و ضرب السيادة الوطنية ,الى جانب تحضير نداء تونس للانسحاب من الحكومة و الانضمام للمعارضة و التملص من كل مسؤولية حكومية و حتى ان حصلت الحكومة الحالية على اغلبية داخل مجلس النواب بفضل دعم كتلة نيابية ائتلافية تغلب على اعضائها سمة الانتهازية و الركوب على الموجة و الخضوع للاملاءات و المصالح الشخصية الضيقة ,فلن يغير ذلك من الواقع المتسم بالاحتقان الاجتماعي و التدهور الاقتصادي و تنامي الجرائم بانواعها شيئا و لعلّ النهضة في الاخير ستلجا لحبل النجاة الذي اعدته لنفسها و المتمثل في اشتراط عدم ترشح رئيس الحكومة للانتخابات الرئاسية القادمة حتى تبرر تراجعها عن دعمه و تحفظ ماء وجهها و تخرج من المازق الذي اوقعت نفسها فيه .