هناك بون شاسع بين اكتساب صفة سياسي وبين أن يكون هذا السياسي أو التكنوقراط رجل دولة فالأولى صفة يمكن أن تطلق على أي شخص ينضم الى حزب أو يشتغل بالسياسة اما الثانية فهي استحقاق عن جدارة لا يصل اليه الشخص بسهولة. المشهد السياسي في بلادنا اليوم يتسم بتخمة وفائض عن الحاجة في عدد السياسيين كما الأحزاب لكن في مقابل ذلك فان هناك نقصا فادحا في رجال الدولة فليس كل سياسي هو رجل دولة . ما نعيشه اليوم للأسف يتجاوز غياب رجال الدولة الى غياب مفهوم الدولة ذاته فالأغلبية همها الكراسي والمناصب والامتيازات وتحقيق المصالح أي أن مفهوم الوطنية والتضحية من أجل الوطن والمجموعة بات مفقودا . هذا الأمر تفطن اليه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة فعمل على بناء انسان تونسي متشبع بمفهوم الوطنية وكان في خطاباته وسياساته يركز على مفهوم القومية التونسية بما يعنيه من توحد المجتمع وتلاحمه لكن هذا الأمر تغير حاليا لأسباب كثيرة منها أن السياسيين لم يعودوا تلك القدوة الحسنة بل المثال السيئ والاسوأ.