هذه حكمة قديمة قالها اجدادنا الأولون وهم ينصحون الذين هم عن النجاح والسعادة يبحثون ويفتشون ووراءها يجرون ويلهثون ولما كان الرؤساء والوزراء والعظماء طبعا لدى الناس من اسعد السعداء فلا شك ان لقاءهم والجلوس اليهم امام الناس يجعل جلاسهم والمتصلين بهم من الرابحين ومن المحظوظين ومن السعداء ولقد طافت براسي وبفكري هذه المعاني وانا اقرا ذلك الخبر الذي يقول ان شابا فرنسيا عاطلا عن العمل عثر اخيرا على وظيفة محترمة بعد ان انتشر مقطع فيديو يظهر فيه جالسا يتحدث الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اذ سرعان ما اتصلت به وكالة للتشغيل وعرضت عليه العمل سائقا لحافلة فقبل دون تفكير او تسويف او تطويل عملا بتلك الحكمة او تلك القاعدة (ان باب العرش لا يفتح للانسان الا مرة واحدة) اولم تثبت اذا بالدليل والبرهان صحة حكمة الجدود الأولين الذين نسينا مع الأسف اقوالهم وحكمهم فضعنا وتهنا في متاهات الحيرة والفشل والخسران؟ وانني ما زلت اذكر الى اليوم تلك القصة الجميلة التي سمعناها وحفظناها عن اجدادنا الأولين والتي تشبه في موضوعها وفي محتواها وفي مقصدها قصة هذا الشاب مع الرئيس الفرنسي ماكرون فقد قالوا رحمهم الله ومن عليهم برحمته ورضاه ان رجلا في قديم الزمان استامن جاره العطار على وديعة ليحفظها له حتى عودته من رحلة الحج الى بيت الله الحرام فلما عاد هذا الحاج بخير وامان وطالب بامانته العطار انكره واطرده واسمعه كلاما قبيحا لم يسمعه طوال ما عاشه من السنوات والأعوام فنصحه احد الناصحين بان حل مشكلته لا تكون الا على يد امير يعرف بجابر عثرات الكرام فقصده المسكين وقص عليه ما لقيه من جاره الخائن اللئيم فقال له الأمير اذهب واجلس امام دكان جارك ثلاثة ايام بالتمام والكمال ولا تكلمه في شانك اي كلام واني سامر بعد ثلاث بركب الامارة وسأسلم عليك من دون الناس فلا تقم من مكانك ولا ترد علي باطول الكلام بل اشر الي فقط مجرد اشارة وكان الأمر كما قال الامير فلما راى ذلك التاجر الخائن بعيني راسه ما وقع بين جاره وبين الأمير اصابه الخوف والفزع وربما داء بوصفير فاسرع الى جاره الحاج خوفا من ان يشكو امره الى الأمير ودعاه الى دكانه بكامل الاحترام والتوقير واعتذر اليه اعتذار المساكين وسلمه امانته راجيا اياه ان لا يشكوه الى ذلك الأمير وسيكون له من الأوفياء ومن الشاكرين ...فيا ليت الرؤساء والأمراء واصحاب المقامات الرفيعة يكثرون الجلوس والتحدث للبطالين والمنكوبين والمنسيين والمحتاجين ولينشروا لقاءاتهم بهم في وسائل الاتصال البصرية وليتاكدوا ان تلك الصور وتلك الفيدوات ستساعد في قضاء حاجات اولائك المحتاجين والمحرومين والمنكوبين والعاطلين بصفة عاجلة فورية فاغلب الناس مع الاسف الشديد لا يلتفتون ولا يساعدون ولا يكترثون ولا يذكرون الا الذين يرونهم بالروساء والوزراء وذوي المناصب من المقربين فتلك سنة الله في عباده الأولين والآخرين الى ان يرث الأرض وهو خير الوارثين فليت الرؤساء والوزراء وغيرهم من ذوي المناصب الرفيعة المرموقة يكثرون من الاجتماعات ومن الحديث مع المحتاجين والمساكين اما المشاهدين والناظرين ولو ساعة او ربع ساعة او دقيقة حتى يعينوهم في ما ادراك ما لا يدركونه من قضاء حاجاتهم اذا كانوا فرادى معزولين مجهولين غير مدعومين وغير مسنودين ولا نظن ان هذا الأمر يكلفهم الكثير وانما سيريحهم من كثير المصاعب والمشاكل التي تتطلب منهم طول التخطيط وعمق التفكير وصعوبة التدبير