اليوم تمرّ عن " الثورة المجيدة " ثماني سنوات عجاف انقلب فيها موضع كلّ شيء رأسا على عقب فلم تنجو من تسونامي هذه الثورة لا الأخلاق و لا القيم و لا الإدارة و لا السياسة و لا العلاقات العامة و لا الخاصة و لا القانون و لا القضاء و لا الأمن و لا الرجل و لا المرأة و من يسير و لا من "يدبي على حصير". الكلّ أخذه حصته منها سلبا أو ايجابا، فسما من سما و انحدر من انحدر و سجن من سجن و استغنى من استغنى و افتقر من افتقر و ساد من ساد و أهين من أهين و الجميع عاش " تفرعيس الحالة " بالشكل الذي وصله من اسهامات هذه الثورة. و الآن و بعد كل هذه التحولات و تبديل الأدوار من " سافيها إلى عاليها" هل يمكن استدراك هذا الوضع و ترميم البعض منه و لو بالتدرج ولكن لمن تؤول أدوار هذا الإصلاح لأوضاعنا " الثورية جدّا" بعد أن خبرنا أهل السياسة و "استثيقناهم" على دفة الحكم على أمل أن يتغيّر حالنا إلى الأفضل بعد أن أقرّ الشعب المسكين و المقهور بفشلهم على بكرة أبيهم.حيث غنموا منها هم و ذويهم ما طاب ولذّ من الغنائم و لم تنفع لا الجبّة و لا الكبوس التونسي و لا مريول فضيلة و لا القميص و لا البرقع و لا كسوة الافرنج و لا السفور و لا حتّى الظهور بلا " هدوم".من انقاذ الوضع؟؟ السؤال هنا ما الحلّ و قد جربنا كلّ الأدوية و المضادات الحيوية و لم يتعافى جسد الثورة من الفساد بمختلف أوجهه السياسية و التجارية و الاقتصادية و الاجتماعية و الاجرامية و الأمنية ؟ هل نبقى مكتوفي الأيدي حتّى تسقط البقرة بين أيدينا و أمام أعيننا ؟ ما الحلّ وقد سقطت ورقة التوت و ظهرتعوراتنا ؟ فهل نستسلم "لقدرنا" حتّى نعود إلى عصور الفقر و الأمراض والجهل و الظلام و الاستعمار؟ أعتقد جازما و أنّه لم يعد الوقت يخدم لمصلحتنا و لم يعد يسمح لنا بإضاعة و لو دقيقة منه لأنّنا تأخرنا كثيرا حتّى مقارنة مع بعض الدول التي كانت تنظر لنا بالعين الكبيرة، فكل المجالات تقريبا طالها الفساد حتّى لا أقول الخراب و بالتّالي "وقفت الزنقة للهارب" كما يقول المثل العامي التونسي. و انطلاقا من هذا المأزق الذي تردّت فيه البلاد أرى أنّه حان الوقت لتقول النخبة كلمتها و الاستفاقة من سباتها و مغادرة، حالا، دائرة التهميش التي ربما اختارتها لنفسها لأن الطبيعة تأبى الفراغ حتّى لا تخرج إلينا فئة لتصول و تجول بلا علم و لا دراية في تسيير الشأن العام و بالتالي النداء موجه إلى النخبة التونسية والتّي أراها قادرة على فكّ عزلة البلاد و المضي بها نحو النور بعيد عن الظلام الذي تعيش فيه. نعم الوقت ليس وقت عتاب حول سقوط البعض من نخبنا في الثورجية و لكن الوقت مناسب – بعد كلّ هذه المرارة التي عاشها الشعب التونسي – لإنقاذ البلاد وذلك انطلاقا من دورهم في توعية الشعب بما حصل منذ 14 جانفي 2011 و ترويج القيم الفكرية و الأخلاقية و الجمالية و الإصداع بقول الحق حتّى و لو كان موجعا ودعوة هذا الشعب الكريم للتشمير على ساعد الجدّ و العمل بعيدا عن التواكل و الكسل و عقلية الغنيمة و أيضا القطع عبر صندوق الانتخاب مع كلّ من أساء للبلاد و العباد من الساسة الذي لم يروا في الثورة إلاّ بقرة حلوبا حتّى الارتواء و الثّراء و ترك الشعب المسكين يئنّ تحت غوائل الفقر و الارتهان عبر القروض . ومن هنا هي دعوة صريحة للنخبة التّي آمنت بهذا الوطن من أن تفتك زمام المبادرة في نشر الفكر السليم و العلم القويم بعيدا عن ثقافة الغنيمة و استغلال النفود و تبدأ من جديد في بناء هذه البلاد حتّى لا نعطي الفرصة ثانية لعديمي الكفاءة و الانتهازيين و الوصوليين و بعض وكلاء المصالح الأجنبية من مواصلة خراب البلاد و طحن العباد و إنّي كلّي تفاؤل في وجود و لو قلّة من هذه النخبة و من شباب تونس ليلبوا نداء الوجب نحو وطنهم تونس الحرية و تونس المحبة و تونس الإخاء و يرتقون عن خلافاتهم البسيطة و الصغيرة أمام نداء الوطن و سيكون الشعب و كلّ الشعب و كلّ ذي الأيادي النظيفة في صفهم يشدّ على أياديهم مؤازرة و امتثالا و عملا..؟