عندما نرصد أن مادة الحليب شبه مفقودة في الأسواق أو على أقل تقدير هناك نقص كبير فيها فانه يتبادر الى الذهن كون المشكل متعلق بالإنتاج لكن الأمر خلاف هذا تماما فبلادنا استطاعت أن تحقق اكتفاءها الذاتي من هذه المادة منذ سنوات بل أن بمقدورها تصدير كميات تصل الى 15 مليون لتر سنويا لكن ما نراه خلاف هذا تماما فالقطاع يعيش أزمة حادة وخانقة لا نبالغ ان قلنا أنها تكاد تعصف به لو تواصلت بنفس الوتيرة . أول معطى في هذه الأزمة هو تعاطي سلطة الاشراف وهنا نقصد وزارة الفلاحة أساسا ثم وزارة التجارة ونقصد هنا أن الأولى لم تتعامل مع المشاكل التي يعيشها الفلاح بل تهمشها وتؤجلها وتتصرف وكأنها لا تفهم في الملف . بالنسبة لوزارة التجارة فإنها تمارس سياسة شعبوية من خلال رفض مقترح تعديل الأسعار وهنا نقصد عند الانتاج أي للفلاح ولا نقصد بالنسبة للمستهلك . هذا الأمر نفهمه من خلال توريد حوالي 10 مليون لتر حليب من الخارج وبيع اللتر الواحد ب1120 مليما في حين أن كلفته تكون بزيادة 30 بالمائة عن هذا السعر على أقل تقدير . والسؤال لماذا لم يمنح هذا الفارق للفلاح بدل استيراد الحليب من الخارج. الخلاف الحقيقي بين المنتج والحكومة هو في السعر فالفلاح وكذلك المصنع يريد رفع السعر وهو ما قوبل دائما بالرفض مع العلم أنه كان من الممكن زيادة السعر للفلاح وبقائه للمستهلك كما هو والرفض من الحكومة مبرره عدم دفع أكثر في الدعم. اذن فالمشكلة متعلقة بسوء التصرف حيث أن الحكومة تستورد بالعملة الصعبة لكنها لا تريد ضخ هذا المبلغ في دعم الحليب . .كل هذا بات يهدد القطاع جديا أي هناك مخاوف من تخلي فلاحين ومصنعين عن هذا القطاع ما يعني خسارة قطيع الأبقار لو تواصل الأمر . يذكر ان الانتاج العادي لبلادنا من الحليب هو في حدود 850 مليون لتر سنويا وهذا باحتساب ما يصنع.