تتجه الانظار مجددا مساء اليوم نحو السودان وبالتحديد نحو العاصمة الخرطوم، اين يعود المنتخب الوطني لكرة القدم ليستأثر بالاهتمام مجددا وهو الذي يخوض مباراة شديدة الاهمية وهي التي ستجمعه بنظيره الجزائري في اطار الدور نصف النهائي لكأس افريقيا للامم للاعبين المحليين. وبإدراكه لهذا الدور المتقدم تكبر طموحات عناصرنا الوطنية وتتدعم في الخروج بنتيجة ايجابية تساعده على مواصلة طريق التتويجات بثبات رغم القيمة الفنية لمنافسه الجزائري الذي اظهر خلال هذه النهائيات انه جاء الى السودان للعب الادوار الاولى وجاء التأكيد امام منتخبات قوية لها كلمتها آخرها المنتخب الجنوب افريقي الذي اذعن للامر الواقع امام «ماكينة» جزائرية بدا واضحا انها تعي ما تفعل وهي التي باتت تؤمن واكثر من اي وقت مضى بقدراتها حيث تجلى وبوضوح ان الترشح الى نهائيات كأس العالم خلال الدورة الاخيرة، التي اقيمت في جنوب افريقيا اعادت الى كرة القدم الجزائرية ثقتها بنفسها وفي مواهبها ومكنتها من استعادة جانب هام من إشعاعها الذي كاد أن يكون مفقودا على امتداد المواسم والسنوات الاخيرة ومواجهتها مساء اليوم لنظيرتها التونسية تعتبر محكا حقيقيا لمعرفة مدى صلابتها وكذلك مدى قدرتها على الصمود امام منتخبنا الوطني الذي قدم درسا في الصمود والتضحية والاستبسال وكأني به اراد ان يكون وفيا لشهداء الحرية ويهدي تونس العزة والكرامة والديمقراطية اولى ألقابها بعد ثورة 14 جانفي، وهو الذي سافر الى السودان بدون اي ضمانات نجاح تستحق الذكر في غياب الحد الادنى من التحضيرات بحكم الظروف التي عاشت على وقعها البلاد ومما اضطر ابناء المدرب سامي الطرابلسي للاستنجاد بالسلاح الامثل في مثل هذه المناسبات ونعني به سلاح «الڤليّب» و«الڤرينطة» الذي اثبت فاعليته وجدواه في ظل روح جماعية مثلى، تمثلت على سبيل المثال في ما جاء على لسان زهير الذوادي قبل لقاء الدور ربع النهائي امام الكونغو الديمقراطية في تلك اللقطة التي علق فيها اللاعب المذكور على زميله القربي عندما قال: سآخذ للقربي ثأره من مازمبي (في اشارة لهزيمة الترجي التاريخية امام هذا الفريق الكنغولي) وجاء التجسيم فوق الميدان يوم المباراة عندما صنع الذوادي ترشح منتخبنا بعد تمريرة من القربي. ومثل هذه اللحمة والروح الجماعية تبقى اكثر من مطلوبة في مباراة اليوم التي تعتبر من فئة الدربيات التقليدية بين منتخبين شقيقين تجمع بينهما اكثر من نقطة تشابه، واظهرا خلال هذه «الشان» من الامكانيات والمؤهلات ما دفع بالملاحظين لوضعهما في طليعة المرشحين للظفر باللقب. ويبقى منتخبنا الاقرب لاقتلاع تأشيرة العبور للدور النهائي وهو الذي أظهر منذ انطلاق الدورة تدرجا في الاداء والمردود قبل أن يكشف في لقاء السبت المنقضي أمام منتخب الكونغو الديمقراطية خاصية جديدة لديه تتمثل في حسن تقدير الأمور حق قدرها وإتقان لغة «الحساب» إن صح التعبير اذ نجحت عناصرنا الوطنية في اقتلاع ورقة الترشح رغم السيطرة التي فرضها المنافس في بعض فترات اللقاء. المباراة الثانية في برنامج هذا الدور نصف النهائي تضع المنتخب الزنغولي في مواجهة المنتخب السوداني الفريق المضيف لهذه الدورة والذي ينطلق بأسبقية الميدان والجمهور التي شكلت خير سند له الى حد الآن وهو ما تؤكده نتائجه منذ انطلاق الدورة حيث جاءت انتصاراته أمام كل من الغابون وأوغندا بالحد الأدنى المطلوب (أي بهدف نظيف) قبل أن يكتفي باقتسام النقاط مع المنتخب الجزائري وحتى في مباراة الجمعة الفارط في إطار الدور ربع النهائي أمام منتخب النيجر فإن المنتخب السوداني بقي ينتظر الركلات الترجيحية ليحسم مصير ورقة الترشح شأنه في ذلك شأن منافسه في مباراة اليوم المنتخب الأنغولي ولو أن ترشح هذا الأخير ووصوله الى الدر نصف النهائي يعتبر انجاز له أهميته بما أن الترشح في الدور ربع النهائي كان على حساب المنتخب الكامروني الذي كان يعتبر سواء قبل انطلاق الدورة أو حتى أثناءها أحد أبرز المرشحين للظفر باللقب قبل أن تحكم عليه الركلات الترشيحية بمغادرة السباق وبطريقة ولئن كانت دراماتيكية باعتبار وأن مصير الكامرونيين كان بين أيديهم خلال السلسلة الاولى من الركلات المذكورة، فإن ذلك لا ينقص في شيء من قيمة الانجاز الذي حققه المنتخب الانغولي الذي اظهر منذ انطلاق هذه النهائيات استعدادات طيبة اكدها بالتعادل مع المنتخبين السينغالي والتونسي قبل الفوز على الكامرون وتبقى حظوظ المنتخبين: السوداني والانغولي قائمة وبصورة متكافئة رغم اسبقية الميدان والجمهور التي تلعب لفائدة السودانيين.