يعيش الإعلام التونسي لحظة فارقة في تاريخه بعد ثورة 14 جانفي بين انتظارات المتابعين من النخبة المثقفة والطبقة السياسية وعامة الناس، وبين واقع متشابك زاده ارتباك اللحظات الأخيرة غموضا... ولعل تلك العبارة الشهيرة "بين المطرقة والسندان" تلخص واقع الصحافة المهنية اليوم... ففي خطوات مرتبكة يلفها التردد تم حل وكالة الاتصال الخارجي و وزارة الاتصال وتم تجميد الإدارة العامة للإعلام وإن كان ذلك بشكل غير رسمي وألحقت مصالح وزارة الاتصال بالوزارة الأولى وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة عن نية الحكومة بعث هيكل جديد فكان رد نقابة الصحافيين حاسما وحادا برفض هذا الهيكل إذ أن احترام أخلاقيات المهنة وحمايتها هي مهمة الصحافيين ولا يحتاجون وصاية من أحد... ولم تحظ تعيينات المديرين في التلفزيون وخاصة في الإذاعة ترحيبا من الأطراف ذات الصلة من نقابة صحافيين ونقابات أساسية ومناضلين وثوريين جدد... واختلطت الأوراق حتى أنه بات من الصعب معرفة من يدافع عن ماذا... فالتجمعي – وفيهم من هو أو هي في مناصب قيادية في شعب مهنية ولجنة مركزية ...- يرفع لافتة لا لرموز التجمع ومن أنجز البرامج التمجيدية للسابع من نوفمبر أصبح بحركة بهلوانية معارضا عتيدا ومن حبر كلمات المديح في موقع حملة سيادته ونشط حفلاته الانتخابية تحول بانزلاقة لا يتقنها الراقصون البهلوانيون إلى مستقل يدافع عن طهارة القطاع فكان أن جمدت التعيينات وعاد المديرون القدامى لتخرج قائمة ثانية لم تصمد أيضا أمام الاحتجاجات فمديرة إذاعة تونس الدولية باشرت مهمتها ليوم واحد ثم تم عزلها... وقد شهدت إذاعة المنستير يوم أمس جدلا صاخبا بمناسبة تنصيب الشاعر والجامعي منصف الوهايبي من طرف الرئيس المدير العام للإذاعة الحبيب بلعيد فلا استقلالية بلعيد التاريخية شفعت له ولا حديث الوهايبي عن استقلاليته بعد انسحابه من حركة التجديد والمبادرة جنبته رفض الصحافيين الذين تنادوا بمعية منخرطي النقابة الأساسية لاختيار صحافي من بينهم مديرا للإذاعة... وبعد لأي وعناء تم تنصيب الوهايبي... والسؤال إلى متى يتواصل هذا الخبط العشوائي في قطاع الإعلام بوابة كل الحريات الأساسية؟ ولمصلحة من يطغى الارتباك على آداء الحكومة في معالجة القطاع؟ فما الذي يحول دون اتخاذ إجراءات عملية ولو بشكل استعجالي لتفعيل المجلس الأعلى للاتصال وتوسيع تمثيليته والاستعانة بخبراء الاتصال ورجالاته وليسوا قلة في بلادنا بالتنسيق مع الجمعيات المهنية من جمعية مديري الصحف ونقابة صحافيين لضبط التوجهات العامة لإعلام حر يعبر عن تونسالجديدة؟ فلا شيء يمنع تنظيم ندوة وطنية حول الإعلام تسمح بمشاركة كل الأطراف لبلورة التصورات لإعلام تعددي ضامن للحريات... إن هذا الارتباك الذي يكاد يجمع عليه المتابعون واعتماد سياسة مكافأة من كان مناضلا في عهد بن علي دون النظر إلى جانب الكفاءة المهنية لا يختلف في شيء عن السياسة المتبعة سابقا بمكافأة الأتباع والطلبة القدامى لعبد الوهاب عبدالله مهندس الإعلام النوفمبري... الخوف كل الخوف أن يضيع الأكفاء وتداس المهنية في غابة الولاءات الجديدة والقديمة، خاصة مع قدرة البهلوانيين على رتق بكاراتهم في غفلة من الجميع