لعل الذين يعرفون ويتذوقون الشعر و يتلذذون بالفن والغناء العربي القديم اللذيذ الأصيل قد مروا سمعوا وربما قد حفظوا تلك الأغنية الجميلة الشهيرة للفنان وموسيقار الأجيال والعبقري الموهوب الراحل محمد عبد الوهاب والتي يقول فيها من ألحانه وكلمات امير الشعراء العرب احمد شوقي رحمه الله وطيب ثراه وأجزل له المثوبة والجزاء (خدعوها بقولهم حسناء...).. ولقد تذكرت هذا الكلام بل هذا الفن الرائع الصادق الحكيم الجميل وانا ارى الكثير من نجمات الفن التونسي والعربي يتسابقن الى ما يسمى جزافا وكذبا بعمليات التجميل بل هو في حقيقته اقرب الى العبث بمظهرهن الذي خلقه الله لهن بالتغيير والتحوير والزيادة والتنقيص والتكبير والتصغير والشفط والنفخ والتحمير والتبييض والتغبير وغير ذلك كثير ظنا منهن انهن بذلك التبديل والتغيير سيصبحن اكثر جمالا ولفتا للانظار واكثر جلبا لانتباه واعجاب الكبار والصغار فينفقن على تلك العمليات التي يحسبن ويتوقعن انها تجميلية الاموال الطائلة الكثيرة السخية التي تصدق فيهن تلك الحكمة الشهيرة التي حفظناها عن الكبار في هذه الديار (فاش مشات فلوسك يا حمار قال في الصفيحة والمسمار) وانني والحق يقال كلما نظرت الى احدى هؤلاء الفنانات التي انفقت اموالا طائلة في عمليات التجميل والتبديل والتنقيح آسف لحالها واحزن لخسارة مالها واسال نفسي فاقول ما لها وما الذي دهاها وما الذي اصابها ؟ فهل نظرت هذه المسكينة الى نفسها في المراة قبل ان تخرج على الناس في السهرات والحفلات واللقاءات في مختلف القنوات ومختلف التلفزات؟.. ولقد شاهدت البارحة صدفة في قناتين تلفزيتين وانا اتجول بين القنوات نجمتين عربيتين في الغناء قد عبثتا بخلقتيهما عبثا قبيحا لا يليق بالمجانين فضلا عن العقلاء وهما تظنان بلا شك ولا جدال انهما قد بلغتا الغاية وسدرة المنتهى في التجميل والتبديل والتغيير ولكني ارى انهما لو حافظتا على صورتيهما وشكليهما الحقيقيين لكانتا اجمل واكثر وقارا واحتراما من ذلك المظهر او ذلك (اللوك) الغريب المضحك المدعوك الذي ظهرتا به بكثير وكثير ولقد تذكرت ايضا الفنانة العظيمة ام كلثوم التي كانت تخرج لاداء اغانيها امام المشاهدين في مظهر واحد معروف ومالوف ولكن المعجبين بها وبفنها الحقيقي كانوا يعدون بالملايين بعد الالاف والألوف ولا شك عندي ايضا ان الفنانات اليوم اللاتي يقبلن ويسارعن في هذا التغيير الخلقي والتبديل قد يحصدن بعض الاعجاب الحيني المكذوب السريع لدى بعض الناظرين السطحيين لكنهن سيجدن كل الاستهزاء والسخرية لدى العقلاء الصادقين ولا بد ان اذكر هؤلاء الفنانات المخدوعات بتبديل خلقتهن بعمليات التجميل وكثرة المساحيق والمراهم والماكياجات ان التي تمتلك حقا موهبة فنية حقيقية وطاقة ثابتة الاهية ربانية لا تحتاج في ابرازها والتفوق بها على غيرها من المنافسين والمنافسات الى عمليات التغيير والتبديل في النحافة والبدانة والعرض والطول لان اثر كل تلك العمليات التجميلية المزعومة المتعسفة سيندثر حتما وسيزول ولا يبقى في اذهان وذاكرة المشاهدين والسامعين الا نوعية ومستوى اداء واقناع تلك الفنانة بقطع النظر عن كونها كانت قبيحة او جميلة اوكما يقول التونسيون(عبيثة ولا مزايانة) ولا نظن ا ن احدا اليوم يتحدث عن قبح او جمال وجه او فم او يدي اوملابس او مشطة او قصر او نوع نظارات او منديل الرائعة الخالدة ام كلثوم وانما كلهم يتحدثون اليوم قطعا عن روائعا ومكانتها الفنية الحقيقية الربانية التي جعلتها تتربع على عرش الفن العربي واعتبارها بلا نزاع او خلاف او جدال كوكب الشرق ونجمة النجوم كما لا نظن ان احدا اليوم يتحدث عن نحافة جسم ووجه وبساطة مظهرالفنانة فيروز ولكن جميعهم يتحدثون عن فنها الجميل اللذيذ الصادق البديع الموزون وانها وهي في مثل هذا السن المتقدم اليوم مازالت محل احترام ومحل تقدير كلما ذكر اسمها في جميع اصقاع الدنيا لدى كل كبير وصغير واذا كان الشاعر الحكيم القديم قد قال (ليس الجمال باثواب تزيننا ان الجمال جمال العلم والادب) فاني سأقيس على قوله فاقول واذكر مطربات ومغنيات ومذيعات ومنشطات اليوم اللاتي يتسابقن الى تغيير وتلوين وتبديل خلقتهمن بعمليات التطويل والتقصير والتكبير والتصغير وهن ينفقن في ذلك ملايين الدنانير ويتعبن من اجله كل التعب(ليس الجمال (بلوكات) نبدلها ان الجمال جمال الصوت والطرب)... وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح