هذا قول تونسي قديم كان يقوله الكبار في هذه الديار اذا سمعوا باحدهم قد رزقة الله مالا او ثروة من النوع الكبير دون جهد كبير او طول تفكير وتخطيط وتدبير ولقد طاف براسي هذا القول القديم لما سمعت خبر ذلك الأمريكي الذي اشترى خزنة قديمة فوجد فيها ثروة جعلته مليونيرا في وقت زمني قياسي قصير كما تذكرت تلك القصة التي تشبه ما جاء في هذا الخبر اذ حدثتني امي رحمها الله منذ زمان ان رجلا فقيرا لا درهم له ولا دينارا ولا دارا ولا دورا ولا بعيرا ولا شاة قد تزوج ارملة فقيرة ليستعينا ببعضهما على اتعاب وهموم هذه الحياة وقد ورثت هذه المراة عن زوجها الأول بيتا صغيرا بل كوخا من الأكواخ فاراد زوجها الثاني ان يدخل بعض الاصلاحات على هذا الكوخ ببعض الطين وبعض اللبنات وفي اثناء هذا الاصلاح عثر صدفة على ثقب كبير يشبه حفرة في حائط من الحيطان مغطى بطبقة رقيقة من الطين فلما ازال تلك الطبقة ليملا الثقب ببعض التراب وبعض اللبنات تساقطت امامه كمية كبيرة من الذهب والفضة واللؤلؤ والمرجان فاحتار في امر ومصدر هذا الرزق الوفير الذي اعثره عليه ربه الرزاق الغني الكبير القدير ثم فكر هل يعلم زوجته بالامر ام يكتمه عنها كما يكتم السر؟ فاختار الحل الثاني حتى لا يصدمها بالخبر وقرر ان يمتعها بذلك الكنز فيما بقي لهما من العمر وبعد ايام قليلة من الزواج اشترى بيتا من اجمل البيوت واثثه بكل اثاث حسن جميل يروق ويسبي العيون ثم اصبح كل يوم يشتري ما لذ وطاب من الطعام و الشراب وافخر واثمن الثياب ولما درك زوجته العجب من حسن حاله الذي تغير سريعا وتبدل وانقلب الى اليسر بعد اليسر والى الثروة بعد الفقر سالته باحتشام من اين جاءته وانصبت عليه هذه الثروة التي لم يكونا يحلمان بها لا في اليقظة ولا في المنام فاكتفى بان اجاب و قال(اش يوفاها يا بنت الحلال) فازداد عجب الزوجة وقالت في دهشة وحيرة سبحان الله ولا الاه سواه فقد كان زوجي الأول يقتر علي في النفقة وكلما سالته عن سوء هذا الحال يجيبني بجملة لم افهم ولم استوعب معناها(يا بنت الناس اصبر اش يملاها) فقال الزوج الثاني وهو يكاد يستلقي من الضحك الان ستفهمين هذه الجملة ايتها المسكينة المظلومة فقد وجدت في حائط من حيطان بيتك القديم ثقبا او حفرة كبيرة مملوءة من المال والمعادن النفيسة الثمينة التي كان زوجك الاول يخبئها ويريد ملء الحفرة بها فلما وجدتها خيرت الا اخبرك بالخبر وان لا اكشف لك السر وان نتمتع بالثروة معا فالبيت بيتك في الأول والاخر فكنت اجيبك عن حسن نية كلما سالتني عن مقدارالثروة وعن مصدرها وعن ماواهاوع منتهاها (يا بنت الحلال اش يوفاها) ولم اكن ادري ان زوجك الاول قد افنى عمره وهو محروم من رزق الله وهو يريد ان يشبع هذه الحفرة وان (يملاها) وها ان المسكين قد حرم نفسه وحرمك من التمتع بالفضة واللؤلؤ والذهب وتعب في سبيل ذلك كل ذلك التعب واختار ان يقضى عمره كالفقير اوالمفلس او الفالس ولم يعتبر بذلك المثل الصحيح الحكيم الذي يقول(اخدم يا تاعس على الراقد الناعس) اما عن صاحبكم ابو ذاكرراوي هذه القصة التاريخية فلا شك عنده ان صاحب الخزنة الاول التي اشتراها ذلك الأمريكي المحظوظ فوجدها قد ملئت بالأموال لا يختلف امره عن حال ذلك الزوج الذي اختار الحرمان حتى يملا حفرة او ثقبا بثروة ليتمتع بها بعده رجل اخر وزوج ثان وهل الحياة الدنيا في حقيقتها الا عجائب وغرائب قد تعجز عن فهمها عقول الانس ومعها عقول الجان وسبحان الله العظيم الحكيم عالي المقام ورفيع الشان