تتداول اخبار على بعض المواقع الاجتماعية و وسائل الاعلام مفادها نية مجموعة من الشباب التونسي اطلاق حملة السترات الحمراء اقتداءا بنظيراتها الصفراء في فرنسا و التي وصلت الى حد مطالبة اصحابها باستقالة الرئيس الفرنسي ماكرون مع ما تخلل الاحتجاجات و في نسخة تقريبا مطابقة للاصل لما حصل في تونس اواخر 2010 و بداية 2011 من تكسير و تهشيم للمحلات و حرق للسيارات و عمليات نهب للمغازات ... صحيح ان الواقع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي في تونس حاليا لا يبشر بخير و لا يقدم جرعة من الامل او الاكسيجين لشرائح واسعة و متزايدة من الشعب التونسي اصبحت تعاني الامرين ازاء التهاب الاسعار و عجزها عن توفير ابسط ضروريات العيش الكريم و صحيح ان الفجوة بين الحاكم و المحكوم في تونس كما في فرنسا اتسعت بما لم يعد تقريبا من الممكن رتقها و لكن هل ان التونسيات و التونسيين و الذين مرّوا و عاشوا الانحرافات التي حصلت بالتزامن مع انتفاضة و ثورة 2011 ,مستعدون لاعادة الكرّة و الخروج للشارع من اجل اسقاط الحكومة او النظام مع ما يتضمنه الامر من مخاطر و انزلاقات محتملة بقوة في ظل احتقان اجتماعي قد بلغ على ما يبدو مستويات قياسية اشتعلت معه كل الاضواء الحمراء ! حقيقة لست مؤهلا للاجابة عن ما اطرحه من تساؤلات و لكني انبّه اصحاب القرار من رئاسة جمهورية و رئاسة حكومة و مجلس نواب و احزاب و منظمات وطنية ان الوضع في تونس حاليا دقيق و حرج و يستدعي نظرة و مواقف استباقية قبل فوات الاوان بالاضافة لما يجمع عليه عديد الملاحظين من ان الهبّة الشعبية هاته المرة ستكون اخطر و اصعب مئات المرات مما حصل في 2010-2011 ,اذ تدنى رصيد الثقة في السياسيين الى ادنى مستوياته و لم تعد تنفع معه الوعود الزائفة او المساحيق التجميلية . باختصار ,ايها السياسيون الحاكمون و يا ايتها المنظمات الوطنية الرئيسية امامكم امران استعجاليان لا يحتملان مزيدا من المماطلة و التاخير : امّا ان تتفقوا او تتوافقوا او تتنافقوا او ما شئتم من صيغ في سبيل استقرار سياسي و اجتماعي يجنّبنا الانهيار و الضياع , و امّا ان تردّوا الامانة لاصحابها و ان تعلنوا عن انتخابات رئاسية و تشريعية سابقة لاوانها يعيد فيها الشعب اختيار ممثليه و حكامه الجدد . امّا بقاء الحال على ما هو عليه من حكومة تشتكي من فقدان السند السياسي و صراعات بين اجهزة و مؤسسات الدولة و تطاحن حزبي و حسابات سياسوية و فئوية و شخصية ضيقة فسيدخلنا لا محالة في نفق لن نخرج منه سالمين و "انسى" انتخابات 2019 .