تكاثرت الزعامات ببلادنا الى حد لا يطاق، ولن تجد هذه حاضرا و مستقبلا الا الرفض الشعبي، او التهكم اللانهائي، لان الذين استولوا على الحكم، وجهوه حسب أهوائهم، ولفائدة مصالحهم الشخصية والمعنوية، و لم يؤدوا الرسالة التي انتخبوا من أجلها على الوجه المطلوب،أي خدمة الغير، والشفافية في السلوك، والانضباط في أداء الواجب، وأصبحت بذورهم عشوائية، لا تنبئ بخير، فقدت شرعيتها، وهوت مصداقيتها،لأنها اهتمت بفقاقيع" فيس بوك"، و ما ادراك من "فيس بوك"، واخواته، وتركت مصير البلاد الى الأيادي الخفية، التي تديرها بنوكراس المال العالمي،التي تملي عليها ارادتها، وتحاسبها في كل زمان، وترشدها،خاصة الى السبل التي تراها، متماشية مع أهداف الممولين،ومطابقة لمراميهم، و تاركة الشعب بأكمله، يتخبط في البطالة، ويعاني من قساوة العيش،وفقدان الأمل في المستقبل، القريب والبعيد، والسؤال المطروح منذ الثورة أين البديل؟ ومن الذي له البرنامج المنقذ؟ وأين هي الهيئات التي أثارت الضجيج بدون جدوى؟ استولت في الواقع على أموال الشعب، وتصرفت فيها بدون خبرة، ولا مرجعية، سوى انها في أحضان أحزاب تؤازرها، وتؤيد سلوكها،طبقا لمقولة يمكن ان تكون "انصر شريكك ظالما او مظلوما"، و لكن يأتي يوم لامحالة منه، لإرجاع السلوك الى الطريق السوي، وتكون الرقابة هي الفاصل في الحكم على الافعال، ولا على النوايا، التي تبخرت في مجملها مع الواقع المرير، الذي يعيشه اغلبية شعب، ناضل ويناضل في سبيل رقيه، وازدهاره، و مواصلة بناء دولة القانون، مفتوحة الافق، يجد فيها كل تونسي مكانه، مهما كانت عقيدته، وانتماءاته المذهبية،ولايغرنّ المواطن ما تزعمه الصحافة، من سبر آراء مشكوك في آلياته العلمية، وما وصلت اليه هي من تدهور في مبيعاتها،نتيجة فقدان قرائها،وهو دليل على انها لم تف بعهودها، ولم تقم بالدور المناط بعهدتها، في تبليغ الواقع كما هو،و في التنبيه للأخطار التي تهدد بلادنا، في كيانها و في اصالتها،و كثرت الفتاوى من من ليس هم من اهلها،فاختلطت المفاهيم بأنواعها، وكثرت الالغاز بخطورتها،وتشعبت المراجعبأصولها، وانقلب مؤيد الأمس، الذي أغدقت عليه مزايا النظام الدكتاتوري،وعاش في ظله،الى ناقماليوم على مبادئ الثورة، وما اتت به من امكانية تبديل الواقع الى الأحسن، وانحاز "السياسوي" الجديد،كليا الى ركاب حصان الثورة، وتناسى مرجعيته، ان كانت موجودة، وان لم تكن،فيده مفتوحة في خدمة النظام القائم،مهما كان لونه، وللقارئ في ما يكتبه هؤلاء المعتبرون من اهل السياسة، من لمسات، لبيان استعدادهم مجددالتحمل المسؤولية، ولنا في ذلك أمثلة في الرداءة، وقلب ظهر المجن،فمنهم من اتخذ منعرجات التاريخ،ليتأقلم معها،ويرمي من وراء ذلك تحويل مجراه، ولو في لمح البصر،لتبرأة خدماته،والتنكر لأولياء نعمته، وغصت الساحة السياسية بتدخلاتهم الغير مفيدة لمسار الامة، واخراجها من الظلمات الى النور، وحري بمن تحمل مسؤولية ادارة الامة، الى الركون الى الصمت والراحة،وترك الثورة تبحث عن الطريق السوي، وقد تشعبت امامها المسالك، وازدادت عليها الضغوطات، الداخلية والخارجية،لان حكامها اختاروا عن قلة وعي، الالتجاء الى التداين المفرط، وما يمليه من املاءات،يصعب عدم تنفيذها،و يتأكد تطبيقها، لخلاص الاجور، و مواصلة سير عمل الادارة اليومي،ذلك هو وضع بلادنا، والواجب يملي على حكام اليوم،وقفة تأمل للإدلاء بالحقيقة،وكشف الواقع،ولو كانفيه مرارة، حتى يشترك الشعب في تحمل مسؤولية مصيره،وتقرير ه بنفسه،و يمكن اذا انقاض البلاد من الوهن التي هي عليه، ولا سبيل غير الالتجاء الى الرجل الكفء في المكان المناسب، وبلادنا تعج بهم، واشعاعهم اصبح يشاد به في الخارج،حيث ذاع سيتهم،وهم في غنى عن التباهي، او حب الظهور، وحب الأنا، بأسو ء صورته، في ميادين الاعلام بأنواعه،التي طغت عليها لوبيات المال والفساد،تحت غطاء المؤسسات المالية الدولية، بمشاركة جمعيات المجتمع المدني التي تعمل في بلادنا بأريحية مطلقة،وكم كنت ممنونا، لو يكتب في الوضع الحالي لتونس اليوم، ويطلب من القوى السياسية استعراض نتائج حكمها، منذ انبعاث الثورة المباركة، التي هي ثورة شعب، حاول بعضهم النيل منها، وتشويه مبادئها، وحكموا بكل قساوة على مآلها، ولم يراعوا انهاستولت عليها قوى سياسية، تنقصها الخبرة والمصداقية، رمت بها في جحيم،ملوحة دائما ابواب اثارة الفتنة في البلاد، يجب التنبه اليها، ومقاومتها بالحجة والبرهان، و بما ان بلادنا في حاجة ملحة الى استنباط الطرق المؤدية،لنا في تجربة فرنسا الدائرة حاليا، منوالا يجب الاقتداء به، ويمكن ببساطة الالتجاء اليه، ناهيك انهبرزت للوجود بلديات منتخبة، يمكن تثمين دورها، في فتح كراس لمدة زمنية محدودة، تسجل عليه الحاجيات والشكاوي، ثم تنقل بدورها لأعلى هرم الدولة، للبحث فيها، وايجاد الحلول لها، على المدى القصير والبعيد، وهي عملية لا تكلف أموالا ولا إدارة،لأنها تمارس من طرف أعضاء المجلس البلدي، وتدخل في صلبمسؤولياتهم،ونكون بذلك على بينة من واقع مجتمعاتنا، وما تطمح اليه، ونبعث روح الثقة من جديد،لأنه بدونها، لا يمكن ادارة عجلة الاقتصاد،ولا الخروج من الازمة الخانقة، التي طال مداها، وأثرت أيما تأثير على حياتنا اليومية. "وقل اعملوا فسير الله عملكم ورسوله و المؤمنون"صدق الله العظيم.