لا شك ان الذين انتخبوا سي الباجي قائد السبسي ووضعوه ورفعوه وتوجوه في منصب الرئاسة كانوا يظنون وكانوا يعتقدون وكانوا ينتظرون منه باعتباره السياسي المحنك والخبير المجرب ان ينقذ البلاد من عدة مخاوف ومن عدة توجسات كان يحدث توازنات بين جميع الأطراف الفاعلة والمسيرة لشؤون هذه البلاد حتى لا يتغول احد على احد في مجال السياسة و في جميع المجالات ولكنهم يرون اليوم بالعيون ان اتحاد الشغل وخاصة نقابة التعليم قد تغولت تغولا فظيعا مريعا غير مسبوق قد ازعج و أخاف واقلق وأربك جميع التونسيين دون استثناء اذ اصبحوا يرون ان ابناءهم وفلذات اكبادهم اصبحوا بمثابة اكباش فداء يتمترس وراءهم اليعقوبي وجماعته لفرض طلباتهم وتحقيق اغراضهم وأطماعهم الظاهرة العلنية والمستترة الخفية واصبحوا يرون في المقابل لهذا الحال صمت سي الباجي واكتفائه بالتفرج وكانه لا يعنيه شان التعليم لا في الحقيقة ولا في الخيال فهل يدري سي الباجي انه في هذه النقطة بالذات قد خالف سيرة ومنهج ابيه الروحي واستاذه وقائده وملهمه بورقيبة الذي عمل تحت امرته طيلة اعوام وطيلة سنوات اولا يذكر سي الباجي حفظه الله وسدد في الخير وفي الصلاح مسيرته وخطاه ان بورقيبة رحمه الله كان يتدخل في كل صغيرة وفي كل كبيرة تتعلق بشؤون هذه البلاد من ذلك انه تدخل عدة مرات بما يراه صالحا في كبح جماح وهيجان اتحاد الشغالين اذا بلغ بهم الهيجان حدا قد لا تحمد عقباه وهل نسي سي الباجي ان بورقيبة قد تدخل في ازمة بل فتنة التعاضد التي كادت ان تعصف باستقرار وامن البلاد واتخذ فيها قرارات قد وضعت حدا لمخاوف التونسيين من مصير غيرمطمئن وغير محمود قد يؤدي الى فوضى والى صراع ليس له قاع وليس له حدود وهل نسي سي الباجي ان بورقيبة قد وضع حدا لفتنة وأزمة قرار الزيادة في سعر الخبز التي كادت ان تؤث على امن وعلى استقرار التونسيين فاستجاب في اسرع حين الى نداء التونسيين الذين قاموا في صعيد واحد وصاحوا صيحة رجل واحد راجين ومستغيثين (بورقيبة يا حنين والخبزة بثمانين)؟ الى غير ذلك من الأزمات التي كادت لولا فطنة وشجاعة وجراة بورقيبة ان تزعزع استقرار البلاد وتؤثر سلبا على مصالح جميع الفئات وجميع التوجهات وجميع الطبقات فهل سنرى سي الباجي وهو كما يراه وكما يسميه وكما يتصوره من انتخبوه(بورقيبة الصغير) يتدخل سريعا وقبل فوات الأوان بما يتمتع به من خبرة السنين لحل ازمة وزارة التربية مع جماعة نقابة التعليم بعد ان اظلمت الدنيا في وجوه التلاميذ والأولياء واصبحوا جميعا مهددين بسنة يسمونها تجوزا بالسنة البيضاء التي لم تعرفها البلاد التونسية منذ ان ظهر اسمها ورسمها في الوجود منذ عهود وعهود اننا ننبه سي الباجي من باب النصيحة والنصيحة كما نعلم جميعا من الدين الا يجعل اسمه وتاريخه مقترنا بسابقة سنة دراسية بيضاء لا ينساها له التونسيون على مر الزمان وليعمل ما في وسعه ولينزل بثقله التاريخي ودون حسابات ضيقة سياسية محاولا على الأقل وضع حد سريع لهذه الأزمة التعليمية حتى يستريح التلاميذ ومن ورائهم الأولياء مما طاف بهم وأهمهم وارقهم من المخاوف السوداء وله في ذلك كل الشكر لدى كل التونسيين في هذه الدنيا ويوم يقوم الناس للقاء ربهم بعد زلزلة الأرض وبعد بعثرة القبور وبعد اندثار الكواكب وبعد انفطار السماء