التبادل التجاري بين أمريكا وتونس يحقق فائضا ب300 مليون دولار    المهدية: محامو الجهة ينفّذون وقفة احتجاجيّة وإضرابا حضوريا بيومين للمطالبة بإحداث محكمة استئناف بالجهة    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    السجن مدى الحياة لشخصين..فصلا رأس زميلهما عن جسده..    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    إخماد حريق بشاحنة ثقيلة محملة ب7،6 طن من مواد التنظيف..    فرنسا: غرق 5 مهاجرين...التفاصيل    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    الفيفا يكشف عن فرضيات تأهل الترجي الرياضي لكأس العالم للأندية    اقتطاعات بالجملة من جرايات المتقاعدين...ما القصة؟    يهم التونسيين : غدًا طقس شتوي 100% و هذه التفاصيل    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز 08 صفائح و05 قطع من مخدر القنب الهندي..    جندوبة: الإحتفاظ بمروج مخدرات بمحيط إحدى المؤسسات التربوية    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    بنزرت: تنفيذ 3 قرارات هدم وإزالة واسترجاع لاملاك عامة بمعتمدية جرزونة    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    وزير الدفاع الايطالي في تونس    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    عمال بشركة منتصبة بصحراء تطاوين يحتجون ويطالبون بإلغاء المناولة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 23 أفريل 2024    بطولة إفريقيا للأندية للكرة الطائرة: مولودية بوسالم يواجه الأهلي المصري من الحفاظ أجل اللقب    محمد الكوكي: هدفنا هو التأهل للمشاركة إفريقيا مع نهاية الموسم الحالي (فيديو)    فظيع/ جريمة قتل تلميذ على يد زميله: تفاصيل ومعطيات صادمة..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    الإطاحة ب 9 مروجين إثر مداهمات في سوسة    مدنين: حجز 4700 حبة دواء مخدر وسط الكثبان الرملية    رغم منعه من السفر : مبروك كرشيد يغادر تونس!    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    بن عروس: توجيه 6 تنابيه لمخابز بسبب اخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 بالمائة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    صادم: كلغ لحم "العلوش" يصل الى 58 دينارا..!!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار «تأزيم الأزمة»: قائد السبسي يُعلن القطيعة مع النهضة و«ينصح» الشاهد بتجديد «الشرعية»
نشر في الصباح يوم 25 - 09 - 2018

◄ تحاشى تفعيل الفصل 99 ورفض تقديم «النصح السياسي» لابنه أو غيره!
◄التزام بمواعيد الانتخابات.. والترشح مجددا وارد
منهيا علاقته بحركة النهضة بعد خمس سنوات من "التوافق"، ومكتفيا ب"نصح" رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالتوجّه إلى مجلس نواب الشعب لتجديد الثقة في حكومته ونيل الشرعية البرلمانية.. ومتمسّكا بالبحث عن "مبرّرات" حول فشل لنجله حافظ قائد السبسي في الادارة التنفيذية لحزب نداء تونس الذي بدأ في "التلاشي"..
أطلّ امس رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حوار التلفزي المنتظر وسط توقّعات سياسية من مختلف الأطراف الحاكمة والمعارضة بأن يقترح بوصفه رئيسا لكل التونسيين والضامن لوحدة الوطن، حلولا ترتقي ل"كارثية" أزمة سياسية الراهنة والتي تتعمّق يوما عن يوم، ولكن رئيس الدولة لم يأتي بحلول جديدة بل عمل على تعميق الأزمة بإعلانه "رسميا" نهاية سياسة التوافق التي كان أحد أبرز مهندسيها محمّلا "حليفته" السابق حركة النهضة المسؤولية بعد أن اختارت أن تصطف الى جانب يوسف الشاهد وتدعم الاستقرار الحكومي و"تتحدى" دعوة قائد السبسي السابقة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بالاستقالة أو بالتوجّه للبرلمان لتجديد الثقة..
دعوة جدّدها الباجي قائد السبسي في شكل نصيحة دون تخيير هذه المرّة بين الاستقالة أو التوجّه للبرلمان قائلا حرفيا «يا سي فلان امشي للمجلس جدّد شرعيتك " مضيفا "ان كنت قد رفضت الذهاب في السابق خوفا من الأغلبية فاليوم لديك كتلة تدافع عنك (في إشارة لكتلة الائتلاف الوطني) ولديك أيضا كتلة حركة النهضة ".
وفي مختلف إجاباته على الأسئلة المطروحة بدت العصبية والتوتّر واضحان على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، الذي ترك أمر امكانية ترشّحه لعهدة رئاسية معلّقا، مكتفيا بإجابة "لكل حدثا حديث" مؤكّدا على أن لديه كامل الحق في الترشّح كغيره من التونسيين الذين تتوفّر فيهم الشروط وقد توقّع الباجي قائد السبسي أن يكون عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة أكبر، مستدركا "لكن الترشح حق دستوري لكل من تتوفّر فيها الشروط وهذه الديمقراطية".
في ذات الحوار أطنب الباجي قائد السبسي في استحضار مواقف من تاريخه السياسي الماضي كشاهد على العصر وعلى الاحداث وعلى مؤامرات القصر التي أطاحت بالزعيم بورقيبة وكأنه يردّ بذلك عن اخفاق وفشل الحاضر الذي لم ينفه بقوله "كان عندي أمل نخرّجو البلاد من أزمتها.." في اعتراف ضمني بأنه أخفق في تحقيق "أمله".. ولم يفوّت رئيس الدولة الفرصة لينتقد الاعلام الذي اتهمه ب"فبركة" بعض الاخبار ونقل تصريحات مغلوطة مؤكّدا على ضرورة أن يكون هناك اعلام حرّ ومسؤول.
نهاية زمن «التوافق»
اعتبر رئيس الجمهورية أن كارثة الفياضات الأخيرة كارثة استثنائية قائلا "كانت صدمة كبيرة لنا جميعا " لكنه في المقابل شكر الحكومة التي قال عنها أنها انتقلت على عين المكان وقامت بدورها مضيفا "ولكن يجب أن تعلم الحكومة ان هذه القضية يتجنّد لها الجميع وعليها أن تعمل على مشروع وطني لمجابهة هذه الكوارث".
وفي سياق آخر نفى قائد السبسي أن تكون المرحلة الحالية الغارقة في الازمات شبيهة بآخر أيام بورقيبة قائلا "الفرق هو أننا اليوم عندنا دستور لكن التمشّي الديمقراطي في أزمة.. ليس هناك ديمقراطية دون تناوب على السلطة".
ولكن قائد السبسي أكّد أنه وبرغم الأزمة السياسية فانه ملتزم بإجراء الانتخابات في مواعيدها المقرّرة أي في ديسمبر 2019 قائلا "الانتخابات ستجرى في وقتها على عكس دعوات التأخير والتقديم.. أنا فرضت موعد الانتخابات البلدية وسأفرض موعد الانتخابات الرئاسية".
وفي علاقة بالحملات الانتخابية السابقة لأوانها قال قائد السبسي "من سوء الحظ بدأت سنتين قبل الانتخابات".
وفي تعليقه على صورة نجله "حافظ قائد السبسي" قال رئيس الدولة ممازحا "هذا أعرفه" لكنه في المقابل نفى أن يكون المدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي سببا في حرب نداء تونس قائلا إن كل الاحزاب تمرّ بأزمات وإن حتى الاحزاب التي انشقت على النداء تعيش بدورها أزمات" ومضيفا "حافظ قائد السبسي ولدي في الدار ومن يقول عكس ذلك لا يعرف الباجي قائد السبسي".
كما نفى رئيس الدولة نيته توريث ابنه واتهامات بكون عائلته تتدخّل في الحكم قائلا "من من عائلتي وزيرٌ أو معتمدٌ أو رئيس شركة وحافظ قائد السبسي أنا لم أضعه على رأس الحزب.. ومن في الحزب ولا يرغب في وجوده عليه أن يتفق مع كل الرافضين له لتغييره" مضيفا ولدي وكان يسمع كلامي نقلو راهم جماعة منستير غاضبين عليك وهاذم خرّجوا بورقيبة وبالتالي اخرج وحدك".
وحول الخلاف الحاصل بين المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد قال الباجي "لو غادرا الاثنان المشهد السياسي فان تونس لن تتضرّر لأن هناك كفاءات أفضل منهما" رافضا أن يقدّم نصيحة سياسية لابنه أو يعترف صراحة بأنه وراء أزمة نداء تونس.
وطوال الحوار أعاد الباجي قائد السبسي نصيحته ليوسف الشاهد حتى يتوجّه للبرلمان لتجديد شرعيته، وفي علاقة بتفعيل الفصل 99 من الدستور أكّد الباجي قائد السبسي أنه لن يفعّل هذه الصلاحيات ولكن الأمر في علاقة ب "لن الزمخشرية" كما قال والتي يمكن أن تتغيّر في المستقبل وبذلك اكتفى بالتلويح بتفعيل الفصل.
وفي علاقة بالقطيعة مع حركة النهضة قال رئيس الدولة أنه تعامل مع حركة النهضة في اطار سياسة التوافق منذ 5 سنوات الى الأسبوع الفارط لماّ قرّر أن ينهي العلاقة، وفق تعبيره، مشيرا إلى أنه ليس هو من أعلن القطيعة بل حركة النهضة، مذكّرا بأنه "دافع عن حركة النهضة ودفع الثمن".
ورغم اعتراف رئيس الدولة بخطورة المرحلة سياسيا واقتصاديا الاّ أنه وكمّا توقّع عدد من السياسيين ل"الصباح" لم يأت بحلول ولم يقدّم مقترحات بقدر ما أطنب في تشخيص الأزمة، هذه الأزمة التي تحوّلت الى أزمة أكبر بنهاية سياسة التوافق التي أعلن عنها رسميا الباجي قائد السبسي رغم أن هذه السياسية وعلى هناتها نجحت في تجنيب البلاد مآزق وأزمات خاصّة على المستوى التشريعي.
◗ منية العرفاوي
خوفا من المعارضة «المتنمرة» وخشية «الفشل»: قائد السبسي يتجنب الوقوع في فخّ الفصل 99 من الدستور
لم يُجازف الباجي قايد السبسي، كما كان متوقّعا ويتجه الى تفعيل الفصل 99 من الدستور الذي ينصّ على أنّه «لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة..».
وكما أفلت رئيس الجمهورية من فخّ هذا الفصل في حواره قبل الأخير في جويلية الماضي عندما تفادى تفعيل صلاحياته الدستورية التي يضمنها له هذا الفصل واكتفى بدعوة رئيس الحكومة الى الاستقالة او الذهاب «طوعيا» لمجلس نواب الشعب لتجديد الثقة في حكومته ، أفلت هذه المرّة من هذا الفصل الذي قد يضع كل مسيرته السياسية على المحكّ، من خلال الاكتفاء بالتلويح أو ... دعم الاستقرار الحكومي..
ورغم أن الباجي قائد السبسي منذ شهرين وبعد حوار يوسف الشاهد الذي دفع بالأزمة داخل الحزب الحاكم الى العلن عندما حمّل مسؤولية تدمير حزب نداء تونس لنجل رئيس الدولة حافظ قائد السبسي، كان ما زال يمسك بكل خيوط اللعبة وما زال قادرا على حسم المسألة ووأد الخلافات داخل الحزب لو احتكم إلى الرصانة وخيّر عدم الانحياز إلى نجله حافظ قائد السبسي، إلا أن كل الأمور تغيّرت الآن و»خصم ابن الرئيس» أصبح «خصم الرئيس» كذلك.. ليصبح يوسف الشاهد أكثر من قيادي في حزب نداء تونس وطموحه أبعد من منصب رئيس الجمهورية.
وقد تكون جملة «أنا نُحكم وحدي» التي ردّدها الباجي قائد السبسي في أكثر من مناسبة وفي سياقات مختلفة خاصّة قبل الانتخابات الرئاسية في 2014، تلخّص بشكل عميق فلسفة ونظرته للحكم والسلطة، لكن فكرة «أنا نُحكم وحدي» عجز رئيس الدولة المنتخب على ترجمتها عندما وصل إلى الحكم ووجد نفسه مجبرا على احترام المؤسسات الدستورية وعلى تقاسم السلطة مع رئيس الحكومة الذي منحه الدستور صلاحيات واسعة وضمانات قوّية لممارسة مهامه.
وتحوّل الأمر الى نوع من ال «تراجيديا» بعد أن كشف يوسف الشاهد عن الجانب المتمرّد في شخصيته ولم يعد تلك عن تلك الشخصية التي راهن عليها يوما الباجي قائد السبسي ورأى فيه القدرات المناسبة لتقلّد منصب «الوزير الاوّل» تحت جبّة «رئيس الحكومة».. وأمام طموحات الشاهد وتصلّب قائد السبسي حصلت المواجهة المباشرة بين الباجي قايد السبسي الذي يرفض أن تخرج خيوط اللعبة من يديه وبين يوسف الشاهد الذي ما زال له هامش كبير للمناورة وتسجيل النقاط ضدّ خصومه وأولهم المدير التنفيذي لحزبه حافظ قايد السبسي والذي استطاع أن يعزله داخل النداء ويهزّ الأرض تحت أقدامه..
واليوم يجد الباجي نفسه في موقف ضعف لا يسمح له بهامش كبير للمناورة ف»خصمه» رئيس الحكومة يتمتّع بنفوذ وقوّة داخل مجلس نواب الشعب وهو اليوم مسنود برلمانيا من كتلة قائمة الذات تضمّ عدّة شخصيات وأحزاب مؤثّرة..وبالتالي فان رئيس الجمهورية لن يغامر بخسارة برلمانية محتملة اذا تم رفض التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها..ثم أن شخصية الباجي قائد السبسي لن تساعده في وضع نفسه في موقع المتهم أمام معارضة برلمانية «متنّمرة» تحمّله علنا مسؤولية الفشل والإخفاق بعد 2014 .
وهو كذلك استطاع أن يضمن الى حدّ ما مساندة حركة النهضة الحليف القوّي للباجي قايد السبسي بالأمس ولكن اليوم يبدو أنها مع يوسف الشاهد تتجه لشراكة وتحالف جديد لا يخلو من الحسابات السياسية في علاقة بالانتخابات القادمة.
كما أن عدّة عوامل موضوعية حالت دون أن يفعّل قائد السبسي صلاحياته وفق ما ينصّ عليه الفصل 99 من الدستور، وأوّلها قانون المالية الذي يفترض أن تحيله الحكومة الى مجلس نواب الشعب في غضون الأيام القادمة بالاضافة الى الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي تجعل من أي عملية تغيير مفاجئة وغير محسوبة للحكومة قد تؤدّي بالبلاد الى الهاوية..
◗ منية العرفاوي
هذا ما انتظره السياسيون من حوار رئيس الدولة
شدّ حوار رئيس الدولة أمس اهتمام الرأي العام وخاصّة الأحزاب والفاعلين السياسيين الذين انتظروا هذا الحوار أكثر من عموم التونسيين على اعتبار أنه على ضوء توجهات ومواقف ورؤى رئيس الدولة ستتبلور مواقف المرحلة القادمة بالنسبة لأحزاب الحكم والمعارضة على حدّ سواء..
ائتلاف حاكم بفضل سياسة التوافق والتي كان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أبرز دعاتها وأهم ضامنيها التي دفع إليها بعد انتخابات 2014، وبلغ البعض الآخر السلطة بإرادة الباجي قائد السبسي مرّة أخرى في إطار مبادرة ما سمّي ب»حكومة الوحدة الوطنية» التي دعا إليها منذ سنتين وأفرزت اليوم منظومة الحكم الحالية.. ولكن اليوم مع الأزمة السياسية الراهنة تعمّقت الخلافات سواء في إطار سياسية التوافق أو في ظلّ حكومة الوحدة الوطنية والتي خيّر من خلالها رئيس الحكومة يوسف الشاهد مواجهة خيارات رئيس الدولة، خاصّة في علاقة بالحزب الحاكم نداء تونس، لتندلع أزمة ثقة بين قطبي السلطة التنفيذية: رئيس الدولة ورئيس الحكومة.
في المقابل نجد المعارضة تصرّ على تحميل رئيس الجمهورية إخفاقات الأربع سنوات الماضية بالخيارات التي تصفها ب»الخاطئة»...
ولكن، ماذا انتظرت أحزاب الحكم والمعارضة من حوار رئيس الجمهورية، كيف كانت توقّعاتها، وما هي القرارات التي انتظرت أن يتخذها، قبل سويعات من حواره؟
رضا شرف الدين (رئيس لجنة الإعداد لمؤتمر نداء تونس):
«لدينا ثقة في مواقف وخيارات رئيس الجمهورية».
علي العريّض (القيادي والنائب عن حركة النهضة):
«سنستمع بانتباه واهتمام إلى كلمة رئيس الجمهورية وبعد ذلك سنبلور مواقفنا وفق مصلحة البلاد طبعا..».
عصام الشابي (أمين عام الحزب الجمهوري):
«أولاّ رئيس الجمهورية استغرق الكثير من الوقت في ظلّ أزمة لا تحتمل الانتظار حتى يتوجّه إلى الشعب بهذا الحوار أين يطلّ كالعادة من وسيلة إعلام خاصّة وهو ما يبرز أن له موقفا «معاديا» من الإعلام العمومي.
وفي الحقيقة لا يمكن أن ننتظر الكثير من رئيس الجمهورية الذي فقد الكثير من خيوط اللعبة ولم يعد كما كان منذ شهرين. فليست هناك معطيات سياسية جديدة، وخلافه مع رئيس الحكومة بات خلافا مستهلكا خاصّة بعد أن أصبح موقف «النهضة» واضحا الآن وهو الاصطفاف الى جانب يوسف الشاهد، الذي استطاع كذلك أن يصنع لنفسه كتلة برلمانية أقوى عدديا من كتلة نداء تونس».
وبالنسبة للفصل 99 فإن تفعيله يبقى مغامرة غير محسوبة ومجازفة غير مضمونة لأن إسقاط الحكومة بتفعيل هذا الفصل يبدو صعبا جدّا الآن.. ما أتوقّعه شخصيا أن رئيس الجمهورية سيتحدّث في بعض الحقائق الاقتصادية وسيكشف ربما معطيات تخفيها الحكومة ليحرجها أمام الرأي العام، وسيحمّل سبب تدهور الاقتصاد إلى الحكومة وسيحاول أن يظهر بصورة الرجل المنقذ وسيعيد قراءة العلاقة مع «الشريك السابق» حركة النهضة».
باختصار رئيس الدولة سيكون في صورة محلّل للأحداث وليس في صورة الرجل صاحب السلطة الذي يصنع الأحداث ويتخذ القرارات».
كريم الهلالي (النائب بمجلس نواب الشعب عن كتلة الائتلاف الوطني):
«أتوقّع وأطلب منه ألا يلجأ إلى تفعيل الفصل 99 من الدستور، «الفصل الفخّ» الذي في صورة تفعليه سيخرج منه الجميع منهزما وكلفة تفعليه ستكون باهظة سياسيا.. نريده أن يكون بالفعل رمزا للوحدة الوطنية وألا يكون جزءا من الأزمة. نحن نطلب منه دعم الاستقرار الحكومي وتحييد الحكومة عن التجاذبات والدفع نحو تحوير وزاري معمّق يخرج البلاد من أزمتها.
عبد المؤمن بلعانس (القيادي والنائب عن الجبهة الشعبية):
«على رئيس الدولة قبل كل شيء أن يعترف بالفشل، فشل الائتلاف الحاكم وفشل الحكومة وفشل الرؤية والتوجّه.. يجب أن يُصارح الشعب بذلك الفشل، ولكنه لن يفعل ذلك. وهو سيحاول كعادته إيجاد «شماعة» يعلّق عليها الفشل.. والشماعة ستكون الحكومة والنظام السياسي والقانون الانتخابي وغيرها من اسطوانات العادة، المشروخة والممجوجة، ولكن لن يعترف أبدا بأن رؤيته وتوجهاته هي المعادية لمطالب الشعب.
وبالنسبة للفصل 99 فأنا أتوقّع أن يكتفي بالتلويح بتفعيله فقط، في محاولة يائسة لإثبات أنه ما زال يملك زمام المبادرة، وأنه مستعدّ للتخلّي عن تفعيل هذا الفصل ليظهر الأمر في شكل «منّة» منّ بها رئيس الجمهورية لتفادي مزيد من التأزم في الوضع السياسي الراهن.
ولكن أنا على يقين أن الحوار لن يأتي بالجديد ولا بحلول حقيقية للازمة، بل سيكون مواصلة في الأزمة التي أتوقّع أن تتعمّق أكثر».
غازي الشواسي (أمين عام حزب التيار الديمقراطي):
«اليوم البلاد تعيش أزمة مختلفة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وهو السبب في كل هذه الأزمات وعلى رأسها الأزمة السياسية، بسحبه للثقة من الحبيب الصيد وبدعوته لحكومة وطنية ثم لوثيقة قرطاج 1 و2 وتسميته ليوسف الشاهد قبل أن يدعوه إلى الاستقالة أو الذهاب إلى البرلمان لتجديد الثقة.
ننتظر منه أن تكون له شجاعة الانحياز لمصلحة البلاد وتفعيل الفصل 99 من الدستور وأن يذهب إلى البرلمان صاحب الشرعية الأصلية لينهي هذه الأزمة السياسية» .
ورغم ذلك أنا لا أنتظر ولا أعول كثيرا على هذا الحوار لأن الباجي قائد السبسي في كل حواراته لم يطرح بدائل حقيقية للأزمات التي مرّت بها البلاد، وما أخشاه أن يتحوّل الحوار إلى حديث عن مشاكل ابنه عوض الحديث عن مشاكل البلاد وتداعياتها على أمن الدولة واستقرارها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.