نشر المعهد الوطني للاستهلاك في تقريره الأخير أرقاما مفزعة عن استهلاك التونسي للخبز. مع التذكير أنّ مادة "الفرينة" وهي المادة الاساسية لصنع الخبز هي مادة مدعّمة أي تساهم الدولة من مال الشعب لدفع ثمنها. ويشير هذا التقرير أنّ ما يضيع من ثمن الخبز المدعم سنويّا بحوالي 100 مليون دينار وهو ما يقابل 900 ألف خبزة يوميا. ولهذا نرى اليوم عددا من الرجال والنساء وحتى الأطفال يلتفون كل صباح على قمامات "الزبلة" لاستخراج الخبز الموجود بها والمتلوف فيها. وقد كنا نعلم أنّ كمية هامة من هذا الخبز تذهب ك"علفة" للأبقار وهو ما جاء في تدخل الرئيس "بورقيبة" عند أزمة غلاء الخبز لما قال إنّ رئيس بلدية تونس أعلمه أن كمية هائلة من فواضل الخبز يقع تقديمها للبقر ك"علفة" وذلك ما جعله يقرر التراجع في هذا القرار مما وضع حدّا للمظاهرات الصاخبة لينهي بذلك أزمة الخبز التي عرفها عهد المرحوم "محمد مزالي". ونرى اليوم بعض الجرارات الصغيرة تقف صباحا لتعبئة الخبز الزائد وتفرّط فيه بمقابل زهيد. وحينما نعلم أهمية الخبزة لدينا ونتذكر الاضرابات التي كادت أخيرا ان تنفجر من طرف الخبازين ونعلم كذلك أنّ 5 % فقط من الفضلات المنزلية يتم استغلالها، ونعلم كذلك أن عديدا من صانعي "القاتو" يلجؤون الى الخبز لصنع ابراج الحلويات من "القاتو" المرتفع الثمن ونقرّ بذلك بأنّ المؤسسات العمومية والخاصة كالمطاعم الجامعية والمدرسية والمستشفيات والمطاعم الخاصّة والمساحات التجارية الكبرى والمؤسسات السياحية هي اكثر قطاعات تبذير الخبز رغم قلة السواح منذ مدة نتأكد عن بليّة من بلايا بلادنا في تبذير مواردها ونقتنع نهائيا بأنّ بلادنا اصبحت "خبزة" لكل "المستكرشين".