أزمة الكمبيالات تهدد استقرار الشركات الصغيرة والمتوسطة في تونس    في الصيف التونسي: كيف تحمي حيوانك من ضربة الشمس والموت المفاجئ؟    كولومبيا: إصابة المرشح الرئاسي ميغيل أوريبي بطلق ناري    قافلة "صمود" التونسية تنطلق نحو غزة في هذا التاريخ: رسالة تضامن وصمود في وجه الحصار    ما عندكش وقت للرياضة؟ تقسيم المشي على النهار ينجم يكون سرّ صحة قلبك    طقس ... درجات الحرارة تتراوح بين 28 و43 درجة الأحد    درجات حرارة مرتفعة ورياح شمالية تخفف من حدة الحرارة    جائزة محمود درويش تضيء على إرث الصغير أولاد أحمد وشعر المقاومة    قصة رجم الشيطان في منى: عبادة تعبّر عن الطاعة والتضحية    أزمة مالية تهدد استعداد المنتخب الزامبي قبل مباراتي تونس الوديتين    سلامة غذائنا تبدأ من البحث العلمي: رسالة منظمة الصحة العالمية    السيطرة على حريق قرب مدرسة إعدادية في سوسة : تدخل بطولي للحماية المدنية !    بلدية المرسى: تواصل البرنامج الاستثنائي للنظافة الخاص بفترة العيد    تسليم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    السلطة تنفي "أي علاقة" مع أبو شباب وجماعته المسلحة في غزة    إيقاف نجم "التيك توك" 'خابي لام' في أحد مطارات أمريكا لهذا السبب    إنتر ميلان يتعاقد مع البرازيلي لويس هنريكي    ترامب يهدد ماسك ب"دفع ثمن باهظ"!    جمعية تونس نظيفة: "لم نتمكن من جمع سوى 20 بالمائة من جلود الأضاحي    في حفل تكريم الموسيقي لسعد المؤخر ...موسيقيون لأول مرّة يجتمعون وبالذكريات يتأثرون    بسبب «عربدة» الجزارة والقشارة والخضارة و«اللواجات»: وزارات التجارة والفلاحة والنقل تفشل في «امتحان» العيد    رئيس جمعية قرى الأطفال "آس أو آس" : زكاة الشركات أبرز مواردنا... وقريبا فتح قرية جديدة في سيدي بوزيد    في عمليات لوحدات الديوانة: حجز 15 ألف قرص مخدّر وهواتف ب 800 مليون    أول أيام عيد الاضحى: شجار بين الجيران ينتهي بجريمة قتل بمنزل تميم    منح جائزة محمود درويش الأولى بعد الوفاة للشاعر الصغير أولاد أحمد عن مجمل أعماله (لجنة تحكيم)    مع الشروق : لوبيات الأضاحي    كأس الرابطة الإفريقية لكرة السلة : الإتحاد المنستيري يفوز على ريفيز النيجيري    طقس الليلة    نائب بالبرلمان: النيابة العمومية اذنت للحرس الوطني بمباشرة الابحاث حول شبهات فساد بشركة اللحوم    الامريكية كوكو غوف تفوز ببطولة رولان غاروس للتنس لأول مرة    اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة يرحّبان بقرار منظمة العمل الدولية رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    فرصة العمر لهؤلاء المختصّين للعمل في ألمانيا...سجّل الآن!    رونالدو ينهي الجدل ويعلن موقفه النهائي من المشاركة في مونديال الأندية    بورصة تونس: "توننداكس" ينهي شهر ماي 2025 على إرتفاع بنسبة 0،80 بالمائة    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي يحذّر: السياسات النقدية الحالية تُعمّق الركود وتمنع تراجع التضخم في تونس    المنتخب الجزائري: تسريح بلايلي وتوغاي للالتحاق بالترجي استعدادًا لمونديال الأندية    الإدارة العامة للاداءات تضبط الرزنامة الجبائية لشهر جوان 2025 وتدعو لتفادي الاكتظاظ    1,6 مليار دولار: من هي الفنانة الأكثر ثراءً في العالم سنة 2025؟    حجز حوالي 745 رأس غنم لغرض المضاربة والاحتكار خلال فترة عيد الأضحى    فريق طبي بولاية القصرين ينقذ حياة مريضين تعرضا لجلطة قلبية حادة بفضل منصة "نجدةTN"    دراسة صادمة : النوم الكثير قد يقتل دماغك أكثر من قلة النوم!    المنسق العام لموسم الحج بوزارة الصحة: "كل حجاجنا صعدوا عرفة ولم نُسجل أي حالة وفاة"    كأس العالم للأندية لكرة القدم 2025: "فيفا" يعتمد تقنيات مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في المباريات    خطوة مفاجئة من إيلون ماسك تجاه ترامب    فظيع/ حادث مرور مروع يوم العيد..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    المنتخب التونسي يواجه جمهورية إفريقيا الوسطى : الوقت و المكان    عاجل : يوم القر 2025 ينطلق رسميًا وتوصيات بعدم تجاهله    بعد العيد، فرصة ثقافية للعائلة: الوجهة المتاحف!    طقس اليوم الثاني من العيد : هكذا ستكون الحرارة    بلدية تونس: تنفيذ سلسلة من التدخلات الميدانية في مجال النظافة يوم عيد الاضحى    موارد مائية: ضرورة مواجهة الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية بمرناق    هل من الخطر شرب المشروبات الغازية مع لحم العلوش؟    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    









"العرب" : ضعف المعارضة الجزائرية مصدر قوة بوتفليقة

لقد اتضحت الصورة تماما الآن بخصوص الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي ستجري يوم 18 أفريل القادم من هذا العام بعد أن وضع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة حدا للتكهنات في ما يعني ترشحه، ولا شك أن رؤساء ما تسمّى بأحزاب المعارضة وعددا من الأشخاص الطامعين في منصب رئيس الدولة قد أصابتهم الصدمة جميعا بعد إعلانه عن نيّته في البقاء في قصر المرادية لعهدة رئاسية أخرى تسمى في الجزائر بالعهدة الخامسة.
وتعليقا على ترشيح الرئيس بوتفليقة لنفسه مجددا، رغم مرضه المزمن، قالت صحيفة جزائرية بأن هذا الترشح هو قتل مسبق للرئاسيات. في هذا السياق ينبغي القول إن المشرفين على خطاب هذه الوسيلة الإعلامية التابعة للقطاع الخاص وأن أغلبية ما تدعى بمؤسسات سبر الآراء، والفاعلين السياسيين قد عجزوا حتى الآن عن ممارسة التحليل العلمي للأسباب الحقيقية التي أفرزت ولا تزال تفرز ظاهرة التشبّث بالسلطة في المجتمع السياسي الجزائري، وجراء ذلك فإنهم يديرون جميعا الظهر للحقائق التي شكلت ولا تزال تشكل بنية الواقع السياسي الجزائري منذ الاستقلال إلى مرحلة الرئيس بوتفليقة.
لا شك أن المشكلات الجوهرية القائمة والتي ينتج عنها سلوك وذهنية الانفراد بالحكم في المشهد السياسي الجزائري، لم تحظ بدراسة تحليلية جدّية حتى يومنا هذا، سواء من طرف المحللين الجزائريين الحياديين المتخصصين في الشأن السياسي الوطني، أو من طرف أحزاب المعارضة وقياداتها التي يلاحظ أنها تفتقد للتكوين السياسي المؤسس على العلم والفكر والذي يمكن أن يؤهلها لأن تعالج الأمراض التي ما فتئت تعصف بالمجتمع الجزائري منذ اندلاع النزاع المسلح على السلطة مباشرة بعد الاستقلال ومرورا بالصراع الدموي طوال العشرية السوداء بين الإسلاميين وبين النظام الجزائري نتيجة إلغاء المرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية التي كان من المنتظر أن تحصدها جبهة الإنقاذ الإسلامية في ذلك الوقت.
وفي الواقع فإن أمَّ المشكلات التي تخلخل النسيج الداخلي الخفي للواقع السياسي الجزائري تتمثل دون أدنى شك في الفشل الذريع في بناء الدولة الديمقراطية التعددية بأسسها المادية والثقافية والفكرية على مدى سنوات الاستقلال. علما وأن هذا الفشل لم يسقط من مجرة غريبة بل هو نتيجة الصراعات على السلطة وانحطاط الأخلاقيات على مستوى الهرم الأعلى للنظام الحاكم وفي البنية العميقة للمجتمع الجزائري، وانتشار الفساد الإداري والاقتصادي في أجهزة الحكومات المتعاقبة والمؤسسات التابعة لها على مستوى المركز وفي الأطراف، بالإضافة إلى تحكم الأمّية المركبة في رقاب المواطنين، وتدهور التعليم بشكل سافر وتحوله إلى فضاء يفرّخ التخلف والبطالة، وبروز ثقافة الانتهازية في كل المفاصل المركزية للدولة وامتداداتها في تضاريس المجتمع الجزائري في الأرياف والمدن الكبيرة والصغيرة.
أحزاب المعارضة الجزائرية لم تفرز منذ إنشائها في ثمانينات القرن الماضي، قيادات ذات رمزية يلتف حولها الشعب، ولم تلعب دورا رياديا في قطع دابر ذهنية الأحادية السياسية وأسسها الثقافية الدكتاتورية
وهنا نتساءل هل تكمن مشكلة الجزائر جوهريا وفقط في وجود بوتفليقة واستمراره في سدَّة الحكم؟ بادئ ذي بدء فإن أحزاب المعارضة في وضعها المشتّت والضعيف لا يمكن أن تشكل البديل والمنقذ بشكل فعلي، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عيوب أحزاب المعارضة الجزائرية تتمثل في أنها لم تفرز، منذ إنشائها في ثمانينات القرن الماضي، قيادات ذات رمزية يلتفّ حولها الشعب الجزائري، ولم تلعب دورا رياديا في قطع دابر ذهنية وتطبيقات الأحادية السياسية وأسسها الثقافية الدكتاتورية.
في هذا السياق ينبغي القول إن الرئيس بوتفليقة أو المرشح الحر الجنرال علي غديري، وكذا مرشح حزب حركة مجتمع السلم وغيرهم ليسوا حالات استثنائية بل هم ثمرة لهذا النمط من الثقافة التي يعاد إنتاجها في الممارسة السياسية بشكل غير واع.
وفي هذا الخصوص يلاحظ محللون سياسيون مهتمون بالشأن الجزائري أنّ مأساة الواقع السياسي الجزائري تتلخص أساسا في كون الأصول الجنينية لما تسمّى بأطياف المعارضة الجزائرية تنحدر من مؤسسات وثقافة النظام الحاكم في الجزائر، وبسبب ذلك فإن معظم قيادات وأقطاب أحزاب المعارضة هم أبناء شرعيون لهذا النظام الحاكم وبنيته السياسية أو الإدارية أو للثقافة الدكتاتورية المتغلغلة في الهرم الأعلى للسلطة وفي النسيج الاجتماعي الجزائري. وجراء هذا لم نشهد منذ تدشين التعددية الحزبية الصورية في الجزائر، أي نمو طبيعي ومطرد للأخلاقيات الديمقراطية داخل أحزاب المعارضة، سواء في ما يتعلق بتسييرها الجماعي أو بتداول قيادتها بسلاسة، بل هناك رؤساء أحزاب يرفضون العمل بمبدأ التداول منذ ولادتها إلى يومنا هذا.
إلى جانب هذا الخلل فإن هذه الأحزاب المعارضة قد فشلت في تنفيذ اتفاقيات أرضية مازفران التي وعدت فيها بتشكيل تكتل واحد لمواجهة سياسات النظام الحاكم وكذا مرشحه في الانتخابات الرئاسية. لقد أجهض غياب برنامج وطني مشترك لهذه الأحزاب، ومعها الشخصيات التي تظهر فجأة في مناسبات الانتخابات، تشكيل أي قطب سياسي موحد عضويا على أساس الشراكة في أرضية عقائدية وتنظيم هيكلي، وبذلك صارت هذه الأحزاب المبعثرة، وهذه الشخصيات الطارئة تنتج وتعيد إنتاج ثقافة الأحادية السياسية التي تعيبها على الرئيس بوتفليقة وعلى غيره.
في ظل هذا التمزق والتشرذم نرى بأعيننا تحول الانتخابات الرئاسية إلى مجرد فولكلور بدائي ضاعت فيه المصداقية والثقة اللتان هما أساس العمل السياسي الحضاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.