لقد تابعت البارحة في اجمل امسية تلفزية برنامج سامي الفهري حكايات تونسية ولئن كانت الحكايات السابقة لم تشدني ولم تلفت انتباهي ولم تستوقفني ولم تحركني الا ان حكايات البارحة قد أرغمتني على متابعتها وشدتني واوثقتني واسرتني فقد استضاف صاحب البرنامج بذكاء وحرفية مجموعة من النسوة التونسيات المتخصصات في الأعمال الفلاحية اللاتي اثبتن للجميع في تلك الليلة انهن حقا نساء عاملات ومجتهدات بل مجاهدات للحصول على قوتهن ونفع غيرهن في هذه البلاد فكلهن ينهضن مع صياح ديكة الفجر وربما قبل ذلك وينطلقن في معانقة الصباح وممارسة نشاطهن وكلهن جد ونخوة وفخر فقلت في نفسي وانا مسرور ومعتز وفخور حقا وفعلا بهذه الفئة من النساء التونسيات مازال الخير في الدنيا ومازال فيها ما يستحق الحديث والكتابة عنه وإسالة الحبر بعد ان قل وشحت في اخر هذه السنوات المواضيع القيمة التي تدفعني وترغمني على تسجيل او خربشة او النقر على جهازي كاتب ومحرر وموقع ومبلغ الكلمات ...كما قلت في نفسي أليست هذه الفئة من النساء هي التي تستحق اسم وصفة حرائر تونس بحق وصدق وليس من قبيل المغالطات والمجاملات والخزعبلات؟ فهل يجوز ان نطلق هذه الصفة الرفيعة على فئة او طائفة من النساء وهن مع الأسف الشديد كثيرات يقضين اوقاتهن من طلوع الشمس الى غروبها وهن في المقاهي ضاحكات مقهقهات أكلات شاربات وفي غيرها من اماكن اللهو و فضاءات الشيخات والرياقات وهن ينفقن الدينارات وراء الدينارات غير مباليات ولا مكترثات بواجباتهن ومسؤولياتهن في هذه الحياة ؟ وهل يجرؤ احد من العقلاء ان يقول ان هذه الفئة وهذه الطائفة من النسوة المذكورة انفا يقضين اوقاتهن في نفع وافادة البلاد مثل تلك الفئة من الفلاحات العاملات المجتهدات المجاهدات؟ ...اليست هذه الفئة العاملة النشيطة من النساء هي التي تستحق وحدها التشجيع والشكر والتقدير على كل لسان وبكل المقالات؟ ولكم لفت انتباهي وحرك عاطفتي بالخصوص والتخصيص الحديث ومشهد تلك الرحلة الصباحية الشاقة التي تقضيها بعض العاملات الفلاحيات للوصول الى عملهن في اسرع الأوقات وهن يمتطين شاحنة صغيرة وكانهن شبه مغامرات ولا يدرين ما يخبئ لهن الطريق من الأحداث ومن المفاجآت؟ ورغم كل ذلك كانت احدى ضيفات تلك الأمسية الفلاحية والتي اسميها احدى المناضلات تحاول ان تخفي ما استطاعت تلك الظروف البائسة البئيسة التي تقاسيها ومثيلاتها من العاملات راضيات قانعات بما يدره عليهن عملهن الشريف من بضع او باضوعة الدينارات التي ينفقن منها ثلثها بالتمام والكمال اجرا في التنقلات لياكلن لقمة عيشهن وعيش من في كفالتهن بارفع انواع الكرامة واعلى مراتب الرزق الحلال... ولا اريد ان اضع نقطة النهاية لهذا المقال قبل ان اذكران دموعي قد انسكبت تاثرا ورافة بحال هذه المراة ومثيلاتها في هذا العمل الشاق واسفا وحسرة على طائفة اخرى من النساء الكسولات المغرمات بالتسكع والزينة والترفيه وانفاق الاف وملايين الدينارات في مشاغل واعمال تافهة والتسابق من اجل الظهور والثرثرة المقرفة في القنوات والبلاتوات وليدعين انهن حراير تونس المناضلات والوطنيات وهات من مثل هذه الكلمات او اللوبانات... فليتهن يشاهدن ويسمعن حكايات تلك الفلاحات ليعرفن وليفهن حقا الفرق بين الحرائر الكاذبات المدعيات وبين حرائر تونس الصادقات اللاتي قل ان نراهن او نسمعهن في وسائل الاعلام واللاتي يصدق فيهن كلمة جنديات الخفاء وصفة الوطنيات الحقيقيات واللاتي ندعو الله تعالى ان يكثر من امثالهن في هذه البلاد التي ضجت في هذه السنوات الأخيرة من فئة وطائفة نساء الكسل والكذب والنفاق ووضع الساق على الساق في وملء المقاهي والملاهي والأسواق وتاقت الى نساء الجد والعمل والتفاني والتضحية في سبيل تحقيق الكرامة والحرية الفعلية وليست تلك التي تتحدث عنها كثير من النساء في بلادنا باللسان وبالشوارب ويكتفين برسمها على القراطيس والأوراق...