الحماية المدنية: 538 تدخلا خلال ال 24 ساعة الفارطة..    عاجل: إنخفاض أسعار لحوم الدجاج بداية من الأسبوع المقبل    عاجل/ بشرى سارة: انخفاض أسعار اللحوم البيضاء..    محيط قرقنة يعزز صفوفه بأربعة لاعبين لاعبين جدد    عاجل: أعراض السلالة الجديدة من فيروس كورونا    خطير/ الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يؤثر على شريان رئيسي بالقلب..    القبض على المتصدين للهجوم على السفارة المصرية في لندن    جهاد جاب الله يعلن اعتزاله اللعب    طقس غير مستقر اليوم...وأمطار محلية قد تمتد إلى المنستير والقصرين    أحلام: ''رجّعوني على تونس...توحشتكم''    المنتدى التونسي: ضرورة مراجعة توزيع المساهمات وضمان الشفافية في إدارة صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل    إيران ترفض اتهامات أستراليا وتتعهد بالرد على طرد سفيرها    استشهاد 14 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على عدة مناطق من قطاع غزة..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    الرابطة الأولى: مواجهات واعدة بين طموح التأكيد ورهان التدارك    الرابطة الأولى: لاعب الترجي الرياضي يعزز صفوف الشبيبة القيروانية    قيس سعيّد: ''الحقّ حقّ لن يسقط بالتقادم...والباطل باطل ولو غُلّف بشرعيّة صوريّة''    عاجل: حكم تاريخي... 3 أشهر سجنا لقاتل الكلب في سوسة    بناته أم حفيداته؟ قضية "زنا محارم" عبر أجيال تهز الشارع المغربي    البطولة الإسبانية: فوز جديد لأتلتيك بيلباو وخيتافي    النفزاوي: لا نقص في الدواجن والبيض.. والأسعار في تراجع مع وفرة المخزونات    موسكو.. من قرية صغيرة الى قلب روسيا النابض وافضل الوجهات السياحية    إندونيسيا.. آلاف الطلاب يشتبكون مع الشرطة احتجاجا على "بدلات" النواب    القمة الأمريكية الكورية الجنوبية: استثمارات ضخمة وتطوير التعاون الصناعي والدفاعي    بسبب التطرف اليميني.. تسريح ما يقرب من 100 جندي من الجيش الألماني    مصر تدفع بآلاف الجنود إلى سيناء وتعزز قواتها العسكرية    وزارتا النقل والسياحة تتفقان على تكوين فريق عمل لايجاد حلول للاشكاليات التي تعيق فتح خطوط جوية جديدة    تاريخ الخيانات السياسية (57) .. .الخليفة الطائع من القصر إلى الحجر    مهرجان الفستق بماجل بلعباس ..تثمين ل«الذهب الأخضر»    الفنانة أنغام تعود إلى منزلها بعد فترة علاج في ألمانيا    في الطريق الرابطة بين جندوبة وفرنانة ... 3 وفيات و 6 جرحى في حادث تصادم بين «لواج» وسيارة عائلية    شبيبة القيروان - زين الدين كادا يعزز الصفوف    إطلاق أول مسابقة وطنية لفيلم الذكاء الاصطناعي    فتح جسر على مستوى الطريق الجهوية رقم 22 يربط مستشفى الحروق البليغة ببن عروس بمداخل المروج    عاجل/ دراسة تكشف عن مشكلة خفيّة في أجساد النساء خلّفها فيروس كورونا    للتسجيل الجامعي عن بعد: البريد التونسي يكشف عن آلية جديدة للدفع    يأكل اللحم: تسجيل اول إصابة بالدودة الحلزونية في امريكا.. #خبر_عاجل    بهاء الكافي: عودة قوية ب"الرد الطبيعي" بعد غياب    قابس : برنامج ثقافي ثري للدورة السابعة لتظاهرة " أثر الفراشة "    من بينها تونس: 7 دول عربية تشملها فرص الأمطار الصيفية    شكري حمودة يوضح: التنسيق مع المصانع المحلية والدولية يحمي المخزون ويواجه النقص الظرفي    لقاء اعلامي للصحفيين المهتمين بالشأن الثقافي بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات    عدسات العالم تسلّط الضوء على الوعي الثقافي: المهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية في دورته الخامسة    وزير الخارجية يلتقي عددا من التونسيين المقيمين بالسعودية    اصدار طابع بريدي حول موضوع الطائرات الورقية    عاجل/ من بينهم 3 توفوا في نفس اليوم: جريمة قتل 5 أشقاء تبوح بأسرارها..والتحقيقات تفجر مفاجأة..!    الحماية المدنية: 113 تدخلاً لإطفاء حرائق خلال ال24 ساعة الماضية..    العودة المدرسية 2025: كلفة تجهيز التلميذ الواحد تصل إلى 800 دينار!    كرة القدم العالمية : على أي القنوات يمكنك مشاهدة مباريات اليوم الإثنين ؟    الأبراج ليوم 25 أوت 2025: يوم تحت شعار الخيارات الحاسمة    ارتفاع طفيف في الحرارة مع ظهور الشهيلي محلياً    سوسة: مهاجر إفريقي يُقتل طعناً بسكين على يد أصدقائه    تاريخ الخيانات السياسية (56) .. أفتكين و بختيار وسطوة الترك    وفاة مفاجئة لفنان مصري.. سقط أثناء مشاركته بمباراة كرة قدم    هام/ كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية..    أولا وأخيرا .. هاجر النحل وتعفن العسل    موعدُ رصد هلال شهر ربيع الأوّل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى 20 مارس.. يعود من جديد سؤال الاستقلال؟
نشر في الصريح يوم 20 - 03 - 2019

ما زال استقلال البلاد من الاستعمار الفرنسي في 20 مارس سنة 1956 نقطة خلاف كبرى تشق وحدة الشعب التونسي وموضوعا خلافيا حادا بين نخبه ومثقفيه لم يحسم إلى اليوم وهو مع قضايا أخرى نراه اليوم أحد أسباب تقسيم الشعب وتمزيقه شيعا ومذاهب. فعلى خلاف غالبية شعوب الدنيا التي عرفت استعمارا لأراضيها والتي مثل استقلالها نقطة اتفاق وتجميع ووحدة فإن استقلال البلاد من الاستعمار الفرنسي مثل حدث تفريق وتقسيم للشعب الذي نراه اليوم غير متفق على موقف واحد من الاستقلال فإلى جانب الخلاف حول الأسباب التي جعلت دولة الاستقلال لا تنشر بروتوكول الاستقلال حيث ظهر جدل كبير بعد الثورة حول هذه القضية إلى درجة أن قام أحد المحامين برفع قضية يطالب فيها الحكومة التونسية بنشر وثيقة الاستقلال وتمكين عموم الناس من الاطلاع على فحواها وإلى جانب الخلاف حول حقيقة الاستقلال هل هو تام أو منقوص ؟ وهل بدأ يوم أن أمضى الطاهر بن عمار على بروتوكول الاستقلال أم تأخر إلى حين قيام حرب بنزرت حتى نطمئن إلى أن الاستقلال قد تحقق فعلا ؟ وإلى جانب الخلاف حول القيمة التي تكتسيها الاتفاقيات المكملة لوثيقة الاستقلال التي أمضيت سنة 1955 والتي يقول عنها الكثير من المهتمين بالتاريخ أنها خطيرة للغاية في كونها تديم الاستعمار الفرنسي بطريقة ملتوية وتشرع للتواصل المقنن للوجود الفرنسي في البلاد وخاصة الاتفاقية الثقافية والاقتصادية التي تجعل من تونس بلدا تابعا للاتحاد الفرنسي وبلدا لا يمكن أن يفك ارتباطه مع مستعمره القديم ويجعله تحت وصايته الدائمة وإن بدا في الظاهر مستقلا.
وإلى جانب الكثير من القضايا الأخرى التي يثيرها الاستقلال وخاصة مسألة السيادة الوطنية على ثروات البلاد وهل تمتلك البلاد سيادتها الكاملة للتحكم والتصرف ومراقبة نفطها وغازها وامتلاك قرارها المستقل في إدارة ملف الطاقة بكل حرية بعد أن اتضح أن موضوع الثروات الباطنية يشوبه الكثير من الغموض والتعتيم ما يوحي بأن فرنسا لا تزال تسيطر على قطاع الطاقة في بلادنا وما يوحي بأننا لا نزال مستعمرين ولكن في ثوب وشكل جديدين. إلى جانب كل هذه القضايا المتصلة بموضوع حقيقة الاستقلال لا يزال هناك إلى اليوم سؤال كبير بخصوص من حرر البلاد ؟ ومن يعود إليه الفضل في الاستقلال في علاقة بالرواية الرسمية التي تبنتها دولة الاستقلال والتي تنسب كل شيء للراحل الحبيب بورقيبة وهي رواية لتاريخ الحركة الوطنية وتاريخ تونس الحديث ترجع كل الفضل لبورقيبة وتحصر الاستقلال في دور الزعيم الأوحد والمجاهد الأكبر وهي بذلك تكون قد أقصت جهد الكثير من المناضلين والمناضلات من أبناء الشعب التونسي من الذين ضحوا بأرواحهم وأنفسهم في سبيل تحرير البلاد وهي رواية تقصي جهد الكثير من مناضلي حركة التحرر الوطني من زعماء الحزب الدستوري القديم والجديد حيث تم تناسي الكثير من الأسماء اللامعة التي لعبت دورا كبيرا في زمن الاستعمار وهي رواية تقلل كذلك من جهد الريف التونسي والجهات الداخلية من سكان الارياف والقرى والمناطق الفلاحية في حركة مقاومة المستعمر .
اليوم بدأنا نتحدث عن التاريخ المنسي والتاريخ المهمش والذي تعمدت الرواية الرسمية عدم ذكره وعدم إظهاره وعدم التحدث به وحصرت كل الجهد والفضل في فعل رجل واحد هو من يعود له الفضل فيما تحقق للبلاد من استقلال .. اليوم عاد الحديث عن الجهد الذي بذله الطاهر بن عمار الذي كان على رأس حكومة تفاوضية لإيجاد مخرج سياسي للقضية التونسية يكون الحل الأفضل من مواصلة المقاومة المسلحة وتذكر الوثائق التاريخية ويذكر كل من عاصر تلك الفترة من تاريخ تونس أن الطاهر بن عمار والوفد المفاوض الذي كان معه قد بذلوا جهدا كبيرا دام قرابة السنتين من 4 سبتمبر 1954 الى 3 جوان 1955 تاريخ إمضاء ادغار فور وبيار جولي على الاتفاقيات التونسية الفرنسية في حين أمضى على هذه الاتفاقيات من الجانب التونسي كل من الطاهر بن عمار والمنجي سليم وهي اتفاقيات مهدت لإمضاء وثيقة الاستقلال في 20 مارس من سنة 1956 وهذا يعني أن مفاوضات الاستقلال كانت عسيرة وصعبة للغاية لعب فيها الطاهر بن عمار ومن معه من الوفد المفاوض دورا كبيرا في تحقيق استقلال البلاد وفي توفير أوفر الحظوظ لنجاح عملية التفاوض على الاستقلال ولكن هذا الجهد الذي بذل من طرف الطاهر بن عمار قد تنكرت له دولة الاستقلال وتم معاقبته من طرف الرئيس بورقيبة في محاكمة جائرة وبتهم كيدية ليتم محو إسمه من المادة التاريخية ونسي الرجل وتم تجاهله إلى أن جاءت الثورة وأعادت الحديث عمن قاد المفوضات إلى الاستقلال في أدق مرحلة من تاريخ المقاومة الوطنية وتاريخ تونس بكل رهاناتها ومخاطرها.
وإلى جانب تغييب دور الطاهر بن عمار في الحصول على الاستقلال غيب بورقيبة كذلك دور المجاهدين والمقاومين ومن رفع السلاح في وجه المستعمر الفرنسي ومن صعد إلى الجبال منذ الأشهر الأولى لانتصاب نظام الحماية في البلاد في سنة 1881 فالفلاقة وهي التسمية التي يحلو للرئيس بورقيبة إطلاقها على المقاومة المسلحة قد لعبوا دورا محوريا في إرغام فرنسا على الخروج من البلاد ولولا جهد من صعد إلى الجبال ولولا المقاومة المسلحة وتضحيات الكثير من أبناء الوطن من أبناء الفلاحين وسكان القرى والجهات الداخلية وسكان الجبال لما قبلت فرنسا بالذهاب إلى التفاوض ولما قبلت بالجلوس على طاولة الحوار والقبول بمنح البلاد استقلالها فدور الفلاقة واضح لا غبار عليه في إحراج المستعمر ولكن دولة الاستقلال تنكرت لهم بعد انهاء الاستعمار وقامت بإهانتهم ولم تعترف لهم بالفضل فيما تحقق من استقلال فتم تجاهل الكثيرين منهم ولم تلتفت إليهم السلطة الجديدة في حين منحت غيرهم من الذين لم يقدموا ما قدموه من تضحيات امتيازات وعطايا ومناصب في الدولة ومكانة داخل الحزب فكان أن توفى الكثير من الفلاقة في وضعية سيئة وفي حالة من الفقر والخصاصة ومن دون مورد رزق ومن دون أن تمنح لهم المكانة التي يستحقونها وقد قلل بورقيبة من شأنهم ودورهم واحتقرهم ولم يعترف لهم بالفضل في تحرير البلاد وأبعدهم عن إدارة الشأن العام ولم يمنح الحق للكثير من الرموز البارزة التي قاومت الاستعمار واعتبر أن الذي حرر البلاد هو الحزب والقيادة السياسية وأصحاب العقول التي فكرت وبرمجت وخططت وقد نتج عن هذه المعاملة السيئة التي عومل بها الفلاقة أن ظهر الخلاف بعد الاستقلال حول من يسير الدولة هل يسيرها من قاد المقاومة المسلحة أم من خطط من الناحية السياسية ومن الناحية الاستراتيجية ؟ المقاومون يرون أنهم أولى من غيرهم بتسيير الدولة باعتبارهم من أخرجوا فرنسا بقوة السلاح وليس أصحاب السياسة ولولاهم لما فكرت هذه الأخيرة في الخروج من البلاد لذلك فمن باب أولى وأحرى ان يتولوا هم قيادة البلاد في حين كان بورقيبة يرى أنه هو كان من يقود حركة التحرر الوطني وكان قائد المقاومة المسلحة للبلاد وكان يردد بأنه لا مجال لقيادة البلاد من طرف أشخاص لا يتقنون إلا استعمال السلاح وهذا ما يفسر لماذا استعمل بورقيبة خطابا جارحا وصادما تجاه الفلاقة أراد من ورائه أن يوجه إليهم رسالة مفادها أن تسيير الدولة ليس من مهامهم وأن دورهم ينتهي بخروج الاستعمار قال في خطاب مؤتمر الحزب بسوسة سنة 1956 " الفلاقة هم أناس بسطاء يتصورون أنفسهم أنهم من كان وراء هزم الاحتلال الفرنسي ويحتفلون بذلك في مهرجانات شعبية لقد تورطنا معهم مثل المثل الشعبي القائل "عربي وأعطاه الباي حصان " تورطنا معهم ولكن الامور لا تسير على هذه الشاكلة وكما يريده الفلاقة " وهذا يعني أن بورقيبة قد نسب لنفسه خروج فرنسا من الأراضي التونسية وأنكر أن تكون لبندقية الفلاقة التي وصفها بأنها " صدئة " أي دور في حصول الاستقلال .
يعاد في كل مرة بمناسبة ذكرى الاستقلال سؤال من حقق للبلاد استقلالها ؟ وسؤال لماذا أنكر بورقيبة جهد الآخرين من سياسيين ورفاق دربه ومن قادة ميدانيين ورموز المقاومة المسلحة ؟ ولماذا اعتبرت الرواية التاريخية الرسمية التي روجتها بكثافة دولة الاستقلال أن هذا الحدث كان من صنع بورقيبة وتضحياته وحده ؟ قد تكون نرجسية الزعيم وغروره وتكبره هي السبب المباشر في ذلك وقد يكون سبب هذا الإقصاء ما قاله المؤرخ الهادي التيمومي من " أن فلاح المناطق الداخلية الشجاع يثور لكن الذي يستثمر ثورته هو التاجر البحار الصانع الرئيسي لتاريخ تونس "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.