عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق سنية الدهماني..    عاجل/ بطاقات ايداع بالسجن في حق برهان بسيس ومراد الزغيدي..    نحو بلورة تشريعات قانونية تحسّن من واقع الأسرة وتعزّز استقرارها    ليلى عبد اللطيف تتنبأ بنتيجة مواجهة الترجي الرياضي والأهلي المصري    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الرابعة إيابا من مرحلة تفادي النزول    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    فاجعة: جريمة قتل شنيعة تهز هذه المنطقة..    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ: إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق 7 أشخاص    قفصة: شاحنة ثقيلة تدهس تلميذتين    قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع أتاوة الدعم    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    مطار تونس قرطاج: العثور على سلاح ناري لدى مسافر تونسي    أثار ضجة كبيرة .. "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج.. "    أخبار النجم الساحلي .. ضغط على الجويني وتبرعات بربع مليار    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    البنوك تستوعب 2.7 مليار دينار من الكاش المتداول    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 15 ماي 2024    البريد التونسي يصدر طابعا جديدا غدا الخميس احتفاء بعيد الأمهات    بسبب فشل سياسة الدولة وارتفاع الأسعار مئات آلاف العائلات محرومة من حلم امتلاك مسكن !    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    في تظاهرة الأسبوع الأخضر المتوسطي ..150 مسؤولا وخبيرا يستعرضون حلولا ل«مستقبل مستدام» بمنطقة المتوسط    أخبار المال والأعمال    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    تصفيات مونديال 2026: حكم جنوب افريقي لمبارة تونس وغينيا الاستوائية    عاجل : الفيفا تعلن عن الدولة التي ستستضيف كأس العرب    عقوبة ب20 مليار لشركة المشروبات ''SFBT''    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم بالقيروان..    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ مقتل 3 مقاتلين ليبيين في اشتباكات مع مهربين قرب الحدود مع الجزائر..    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    كيف سيكون طقس اليوم الأربعاء ؟    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : أي نظام سياسي نريد...وهل نحتاج إلى تنقيح الدستور؟
نشر في الصريح يوم 29 - 03 - 2019

ندوة مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ليوم السبت 23 مارس الجاري حملت معها سؤالا يؤرق اليوم الكثير من الشعب التونسي وهاجسا معرفيا يعرف اختلافا كبيرا حوله بين النخبة السياسية المثقفة هذا السؤال هو أي نظام سياسي نريد ؟ و أي نظام سياسيي تحتاجه البلاد ويكون أفضل وأنجع من النظام الرئاسي الذي ثار عليه الشعب وطالب بتغييره ؟ و هل نحتاج اليوم وبعد أربع سنوات على صدور الدستور الجديد أن نغيره وننقح بعض فصوله ؟ وهل يصح القول أن الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد و كل الفشل الذي ينسب اليوم إلى الحكومة سببهما الدستور والنظام السياسي الذي ارتأيناه ؟
فبعد سؤال من أين نبدأ الإصلاح ومعالجة كل الفساد الذي استشرى في البلاد والذي طرحته المؤسسة في ندوة سابقة على السياسي محمد عبدو، تطرح اليوم مؤسسة التميمي على الأستاذ أيمن محفوظ أستاذ القانون الدستوري سؤالا آخر يتعلق بأي نظام سياسي نريده للبلاد ؟ في علاقة بالدعوات التي تظهر اليوم مطالبة بضرورة تغيير دستور 2014 وضرورة تغيير النظام السياسي الذي يرجع إليه رئيس الدولة وينسب إليه كل الفشل السياسي الذي رافق كل الحكومات التي تعاقبت منذ الثورة . فهل صحيح أن خيارتنا الدستورية وتبنينا النظام البرلماني المعدل هما السبب فيما نراه اليوم من ضعف في الأداء السياسي للحكومة ولرئيس الجمهورية ؟ أم أن للحقيقة وجها آخر ؟
في هذه الندوة التي حضرها وزير المالية الأسبق حسين الديماسي وأستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد والمفكر حمادي جاب الله والكثير من رواد المنتدى الأسبوعي قدم الأستاذ أيمن محفوظ تشريحا للوضع سياسي الحالي واعتبر أن النظام السياسي ليس نصوصا قانونية ولا يمكن أن يغتزل في المعطى القانوني فقط وإنما النظام السياسي في حقيقته هو إلى جانب النصوص القانونية هو عقلية ومعرفة ومناخ وإرث ثقافي وممارية سياسية فمن دون هذه العناصر لا يمكن أن نكّون صورة واضحة عن النظام السياسي مع ملاحظة أنه أحيانا تكون النصوص الدستورية جيدة ولكن الممارسة السياسية هي التي تكون سيئة وأحيانا أخرى يكون العكس لنجد أنفسنا أمام ممارسة للحكم ناجحة رغم أن نصوص الدستور ليست بالجيدة بما يعني أن التوجه الديمقراطي قد يواجه عراقيل نتيجة العقلية الثقافية غير القابلة به ولتوضيح هذه الفكرة أعاد الأستاذ أيمن محفوظ إلى الأذهان تجربة الرئيس فؤاد المبزع في بداية الثورة حيث مكنه القانون المنظم للسلطات العمومية الذي تمت المصادقة عليه في شهر ديسمبر من سنة 2011 ليحل محل دستور 1959 من صلاحيات واسعة وجعل منه أقوى رئيس لكن على مستوى الممارسة فإنه يعد أضعف رئيس لأنه لم يستعمل الصلاحيات التي خولها له هذا الدستور المؤقت واكتفى بالقليل من الصلاحيات لتحل محله الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي ترأسها الأستاذ عياض بن عاشور ومارست صلاحيات واسعة فاقت ما خوله الدستور المؤقت للرئيس فؤاد المنبزع .
ما يمكن قوله بخصوص دستور 26 جانفي 2014 هو أنه أرسى نظاما سياسيا غير قابل للتصنيف ولا يشبه أى نظام من أنظمة الحكم المتعارف عليها ذلك أن النظام السياسي في تعريفه يخضع إلى جملة من القواعد وبالرجوع إلى هذه القواعد فإن نظامنا ليس بالنظام الرئاسي ولا بالنظام البرلماني لأن فكرة النظام السياسي تقوم فكرة التوازن السلبي أو الايجابي بين السلط الثلاث فالنظام الرئاسي مثلا يقوم على نوع من التوازن السلبي وميزته أن الرئيس لا يمكن له أن يحل البرلمان وفي المقابل فإنه غير مسؤول أمامه أما في النظام البرلماني فإن التوازن يكون إيجابيا أي أن الرئيس يمكن مساءلته أمام البرلمان وفي المقابل يجوز للرئيس أن يحل البرلمان والحكومة ولكن في الدستور التونسي لا يمكن الاحتكام إلى هذه القواعد المعيارية الشكلية التي تحدد نوع النظام السياسي.
وهذا الغموض في توصيف النظام السياسي المتبع سببه أننا وضعنا نظاما سياسيا لا يخضع للمعايير الدستورية فالنظام السياسي المطبق اليوم يمكن وصفه بالنظام الهجين والفريد من نوعه لذلك فهو يحتاج إلى إعادة نظر لأن ممارسة الحكم أوضحت أن هناك مشكلا كبيرا في علاقة رئيس الدولة بالحكومة وخلافا بين رئيس الحكومة والبرلمان ومشكلا آخر في كون الجميع يحتكمون إلى المشروعية التي اكتسبوها ويعتبرون أنفسهم أصل السلطة. فرئيس الجمهورية كثيرا ما يذكر الشعب خلال كل خطاباته التي يلقيها بأنه رئيس منتخب من طرف الشعب وبأن السلطة عنده في حين نجد رئيس الحكومة ينسب حقيقة السلطة إليه بصفته قادم من الحزب الفائز في الانتخابات وبالتالي له مشروعية شعبية وهو كذلك منتخب أو مزكى من طرف نواب الشعب مما يجعل مشروعيته مضعفة. أما مجلس نواب الشعب فإنه يجعل من نفسه السلطة الحقيقية والأصلية بوصفه ينوب الشعب ويمثله وبصفته يمارس السلطة الرقابية على عمل الحكومة وعلى أداء رئيس الدولة فضلا عن مهمته التشريعية.
يعتبر الأستاذ محفوظ أن الإشكال الذي أوقعنا فيه الدستور بهذه الخيارات هو اختلال التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية واختلال العلاقة بينهما باعتبار أن الحكومة وفق خياراتنا الدستورية ليست مسؤولة أمام رئيس الدولة ولكن يسائلها مجلس نواب الشعب الذي يمتلك آليات كثيرة لمراقبة الحكومة منها توجيه لائحة لوم ضدها في حين لا تمتلك الحكومة نفس الآليات لمراقبة عمل البرلمان ومن نتائج هذا الضعف فإن الحكومة التي فوض لها الدستور ضبط السياسة العامة للدولة وأعطاها مهمة إدارة الشأن العام هي غير قادرة على فرض جدول عمل البرلمان في علاقة بالمصادقة على المشاريع التي تراها ذات أهمية وأولوية والبرلمان بالصورة التي هو عليها وبتركيبته الفسيفسائية حيث يشمل خليط من الأحزاب يكون غير قادر على تحديد الأولويات التشريعية وهذا يعود إلى طريقة الاقتراع التي اعتمدناها و القائمة على التمثيل النسبي وهي طريقة لا تسمح بوجود حكومة حزبية تكون مسؤولة على برنامجها وإنما كل ما تسمح به هذه الطريقة في الاقتراع هو تشكيل حكومة ائتلافية.
وهذا يعني أننا قد اخترنا نموذجا للسلطة التنفيذية معقد في حين الصورة التي أوجدها النظام الرئاسي هي أن الرئيس يستأثر بالسلطة التنفيذية ويستعين في عمله بعدد من المعاونين يسمون كتاب دولة مع وزير أول .. إن نظامنا السياسي معقد وصعب التطبيق ويحدث إشكالات كثيرة في الممارسة خاصة في علاقة رئيس الدولة برئيس الحكومة وفي تحديد مهام كل منها وحدود هذا التدخل خاصة في الحالة التي نعيشها اليوم والتي نجد فيها في البداية رئيس الدولة ورئيس الحكومة من نفس الحزب ليتحول هذا التلاقي إلى افتراق بعد الخلاف الذي نشب داخل الحزب الحاكم أدى إلى خروج رئيس الحكومة من الحزب الفائز الذي رشحه لمنصب الحكومة.
وينهي المحاضر كلامه بقوله أن ما يمكن استخلاصه هو أن هناك خيارات قانونية ودستورية يجب مراجعتها لتحقيق التوازن والوضوح للنظام السياسي وتبني إجراءات مبسطة حتى نبتعد عن التعقيد الذي يحدث الصعوبة في التنفيذ ونحتاج إلى تعديل لقانون الأحزاب حتى نمنع الأحزاب التي تهدد الديمقراطية والنظام السياسي فالديمقراطية من حقها أن تحمي وتحصن نفسها من كل تشكل سياسي لا يؤمن بها ويمثل خطرا عليها ونحتاج في الأخير إلى تغيير في نظام الاقتراع الذي اتضح أنه يغرق الساحة السياسية والمشهد السياسي بعدد كبير من الاحزاب التي لا تزيد المشهد السياسي إلا تمزقا وتشرذما.
كانت هذه قراءة الأستاذ أمين محفوظ للوضع السياسي الحالي وتحليل للممارسة السياسية التي يصفها البعض بأنها فاشلة وهي مقاربة ترجع كل الخلل والفشل في الأداء الحكومي إلى الخيارات الدستورية وإلى طبيعة النظام السياسي الذي اخترناه وهي مقاربة تلتقي مع ما يقوله ويردده رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي يدافع بقوة على فكرة تعديل الدستور والنظام السياسي بما يسمح من اعطائه ومنحه أكثر صلاحيات وهو موقف يستحضر صورة الرئيس الماسك بكامل السلطة التنفيذية التي نجدها في النظام الرئاسي وهي رؤية ترجع المأزق الذي نعيشه اليوم إلى النصوص الدستورية بما يعني أن نص الدستور يتضمن في طياته أسباب فشله بقطع النظر على الممارسة وبقطع النظر عن التطبيق والتجربة وهذا يعني أن هذه المقاربة ترفض أن يكون الفشل السياسي مرده شيئا آخر غير النص القانوني ولا يركز على أداء السياسيين المطالبين بالسهر على حسن تطبيق الدستور ونظامه السياسي ذلك أنه على خلاف ما ذهب إليه الأستاذ أيمن محفوظ فإن هناك رأيا آخر يعتبر أنه من المبكر أن نحكم على دستور لم يطبق بالكامل حتى نجري تقييما موضوعيا له وهذا يعني أنه طالما لم نستكمل الهيئات الدستورية و ومن أهمها المحكمة الدستورية والهيئات التعديلية وطالما لم نمض بجدية في تطبيق الباب السابع من الدستور وتفعيل السلطة المحلية فإنه من الخطأ أن نحاكم الدستور وننسب إليه الفشل السياسي ونفس الشيء يقال على النظام السياسي الحالي الذي جعله البعض الشماعة التي يلقون عليها فشل أدائهم السياسي بما يعني أننا اليوم نعيش مشكل عدم احترام كل مسؤول لمهمته ودوره والصلاحيات التي منحها له الدستور فلو أخذنا رئيس الجمهورية مثلا فإننا نجد أن هذا الأخير لم يقبل بالصلاحيات التي خولت له بمقتضى الدستور ما جعله يتدخل في صلاحيات رئيس الحكومة وهذا من شأنه أن يحدث شيئا من الارتباك والاضطراب على العمل السياسي ما يوهم بوجود نزاع في الصلاحيات أوجده الدستور وتسبب فيه النظام السياسي والحال أن أصل المشكل يعود إلى الأشخاص الذين لم يلتزموا حدود ونطاق صلاحياتهم المحددة دستوريا و هذا الاتجاه يعتبر أنه لو احترم كل مسؤول دوره المحدد لرأينا مشهدا سياسيا مغايرا ولما رأينا هذا التنازع في الصلاحيات بما يعني أن المشكل الذي نعيشه هو مشكل أشخاص وعقلية وليس مشكل نصوص قانونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.