كما كتبت سابقا وكررت وأطنبت، فإن بلورة و تكريس المشروع الحضاري التونسي المبني اساسا على التزام الدولة بدين الغالبية الساحقة للشعب في مقابل تحييد الدين عن السياسة و الحرص على المضي قدما في المسار الديموقراطي، يبقى بلا منازع من أسمى وأوكد الاولويات الوطنية الحالية، شاءت الاقدار أن يتزامن الأمر مع الحصار والانكسارات التي يتعرض لها تنظيم الاخوان المسلمين في تركيا و قطر و السودان و ليبيا وحتى انخراط الرئيس الامريكي في محاولة تصنيف الأخير من ضمن التنظيمات الارهابية، وإن كان الامر ربما مستثنيا ولو جزئيا لبعض الاحزاب في تونس أو المغرب. في نفس الوقت، تتردد حركة النهضة ليوم الناس هذا في الإعلان عن مرشحها للانتخابات الرئيسية نتيجة تعقد الحسابات والمآلات المحتملة. إني اعتقد ان قرارا تاريخيا للنهضة يقضي بتحولها لحركة مدنية محافظة وخارج ما يسمى بالاسلام السياسي، سيخدم المشروع الحضاري التونسي وفي نفس الوقت سيسحب البساط من تحت أقدام المتآمرين الداخليين والخارجيين تحت تعلة الاسلام السياسي، وسيمنح النهضة فرصة تاريخية للفوز بالرئاسية لم تكن لتحلم بها لو بقيت على حالها اليوم . مع الإشارة في الأخير وأن تحييد الدين عن السياسة لا يجب ان يكون تكتيكا أو عملية ظرفية بل قناعة علمية راسخة ومبدئية كنت كتبت عنها كذلك سابقا في اكثر من مناسبة. ويبقى لأهل القرار سديد النظر... ناشط سياسي مستقل