تفضل الدكتور عفيف البوني مشكورا بإهدائي نسخة من موسوعة (أنسكلوبيديا القرءان مصحف عثمان) للقران الكريم الذي بات المرجع الوحيد المعتمد من المسلمين من عهد خليفة المسلمين عثمان ابن عفان رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا ببركاته. اشتمل الكتاب الذي اختار له كعنوان "انسيكلوبديا القرءان"على 538 صفحة من الحجم المتوسط ومقسم لجزئين الاول خاص بالعناوين والمواد واسماء الاعلام والشخصيات والكائنات والظواهر والثاني للملاحق والمراجع. اعتمد الكاتب في بحوثه الموثقة والتي اجراها في عدد من السنين معتمدا في التبويب على أحرف هجاء اللغة العربية، مبتدئا بإبراهيم الخليل ومنتهيا بيونس عليه السلام وذلك تسهيلا للقراء وتيسيرا على الباحثين المجدين في ذلك المجال الدقيق. شدتني قراءة ذلك الكتاب أكثر من شهر لما اشتمل عليه من اسرار ومقارنات موثقة بين الكتب السماوية الخاصة بالموحدين ومقارنة بين الكتب السماوية المعتمدة من اليهود والنصارى وما تفرع عنهم من النظريات من أساطير الاولين. أخذني خاصة التقديم الذي بدأ به الكاتب كتابه تيسيرا للقراء العاديين من امثالي وتسهيلا للباحثين المختصين. استعمل صاحب هذه الموسوعة أحرف الهجاء العربية وهو ما مكنه من جرد أسماء الاعلام والشخصيات والكائنات والظواهر سواء التي جاءت في الأديان السماوية بالإضافة للصابئة الذين ذكروا في سورة البقرة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والنصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)". لم يسبق لي ان تعمقت في هذا الشأن ولكنني بقراءتي هذه للكتاب ازددت ايمانا بما تربيت عليه مثل غيري ممن ولدوا بالبلاد الاسلامية وكما جاء بالحديث الشريف (كُلّ موْلودٍ يُولدُ على الفِطرَة فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجسّانه) رواه البخاري. ولكي أعطيكم فكرة عن تلك الموسوعة التي سماها صاحبها "بالانسيكلوبيديا"أنقل لكم حرفيا ما جاء بالتقديم في الصفحات 19و 21و22 و23 و24: قبل البدء حين تأنسن أسلاف نوعنا عبر اكتساب العلم وممارسة العمل صار الانسان سيد الطبيعة وسخرها لخدمته من خلال إنشائه: الثقافة/ الحضارة. وبذلك الإنشاء، أضاف الانسان العالم العامل، للطبيعة ما لم تفعله هي بذاتها... ومع تطور الانسان والمجتمع عبر التاريخ، صارت المعرفة العلمية والعملية أرقى وأصدق من كل المعتقدات في كل الكتب المقدسة لكل الأديان، كما صارت المعرفة السلطة الأعلى والأنبل من كل السلط المدسترة المرجعية في الدول الديمقراطية ذات المجتمعات المتمدنة اليوم... بهذه القناعة ألفت هذا العمل وأقدمه قراءة محينة لا تكرر قراءات رجال الأديان أشباه المتعلمين، بما في ذلك أعني السياسيين الذين ينشطون فيها بغير الوسائل السياسية عبر تكفير التفكير او عبر التفجير. وفِي مشروعي الثقافي هذا بعض ملامح يتدارك بها التونسيون ما كان من أسباب الانحراف بالثورة السياسية، ووحدي أتحمل ما قد أكون أخطأت فيه من صواب في مأ أوردت من المعلومات (وليس الآراء الشخصية). وما هو صواب، فقد عبرت به أصالة عن نفسي وعن ضمير النخب العقلانية والعالمة والمبدعة والوطنية والحداثية، وهي تتحمل معي مسؤولية الإنارة حتى تضيق مساحة الضباب والتضليل الأيديولوجي. (الصفحة (19
واما ما جاء في التقديم: من الصفحة 21 الى 24 من صفحات المقدمة يمكن قراءة ما يلي: هذه الانسيكلوبيديا في تفسير القرآن هي: مكتبة جامعة في كتاب واحد 538 صفحة و280 مادة و43 ملحقا، فيها التعريف بأنبياء الأديان والشخصيات وكل الكائنات والظواهر القرءانية كما وردت في وثيقة مدونة قبل 1365 سنة من الآن 2019 أعني مصحف عثمان وهي أول تفسير شامل للقرءان بعلوم اللغة والتاريخ والإنسان وهو تفسير لم تتسع له عقول رجال الأديان في البيئات والأزمان. يحتاج الانسان والمسلم والباحث (المعاصر) ان يقرأها ليحين بحثه عن الحقيقة وعن السعادة عبر الموازنة بين المعتقدات المنقولة من الأسلاف، والمعارف المكتسبة بالتجربة من الواقع عبر الأجيال، وكل قراءة بها كسب يفضي الى المراجعة والتصحيح والإضافة. في هذه الانسيكلوبيديا يقدم المؤلف قراءة للقرءان كرجل ثقافة لا كرجل دين وكباحث لا كفقيه يقدم فهمه وتفسيره للقرءان بعلوم الانسان، كما لم يرد قط في كل كتب التفسير والحديث بحسب اطلاعي. هي قراءة باحث معاصر لمصحف عثمان/ القرآن/ القرءان، قراءة تحين فهم وتفسير لغته وأفكاره، وتُعرف شخصيات وكائنات وظواهر وقصص وأساطير *الوحي المقدس* ولا تستنسخ ولا تجتر، قراءات رجال الدين الغابرين والمعاصرين، بل تقطع معها وبذلك، تعيد لنص القرءان تاريخه وتاريخيته، وتعيد لشخصية نبي الاسلام، بشريته، وتعيد للعقل العربي عموما ونسبياً خصوصا الواقعية والتوافق مع منطق الحياة والتاريخ والطبيعة. وهي تأليف في تفسير القرآن بالقرءان بمنهج غير مألوف في التاريخ الثقافي، من قبل مثقف وجامعي، لم يقنعه ما حرره الرواة والمحدثون والمفسرون وعلماء الاسلام وخطباء المساجد (ودعاة الدين المسيس ومبدعو المذاهب). حيث فهموا النصوص المقدسة، بصفتهم مسلمين وفسروها لمسلمين محدودي الثقافة (أو هم من الأميين) ودسوا عواطفهم في تفسيرهم، وقولوا القرءان ما لم يقله، وأغفلوا جوهر السياق، ولم يفقهوا حدود خصوصيته الدينية في الزمان والمكان، ومن ذلك اعتمادهم على الأحاديث الموضوعة، والروايات والأساطير والاسرائيليات المنتقاة، والعنعنات الطويلة، والتي تذكر أسماء نكرات وتصفها بالثقاة"من دون إثبات بمنهجية البحث العلمي. وهذه الانسيكلوبيديا بهذا الفهم والتفسير، تتعامل مع مصحف عثمان عن القرءان باعتباره وثيقة تاريخية (الى جانب قداسته الدينية). خطت في القرن السابع الميلادي اَي قبل الان ب 1365 سنة عن طريق لجنة كلفها الخليفة عثمان، بجمع وضبط ما كان مبعثرا من سور وآيات القرءان في محامل مشتتة، وقد تم هذا الضبط الرسمي الشامل والنهائي للوحي المحمدي بحسبالتواتر المجمع حوله من القدماء ؛! بقي نص القرءان (كما في مصحف عثمان) أصلا ثابتا لم يقع تحريفه ولا تصحيفه رغم ما روي عن عثمان، من أنه أمر بإتلاف أو حرق بعض مدونات نصوص قرءانية، ورغم تلف بعض آخر ورغم ضياع النسخ الخمسة الاولى المتطابقة من مصحف عثمان وهي النسخ الأصلية، وأقدم ما بقي من أعرق المخطوطات المستنسخة عن المصحف العثماني.... وهذه الانسيكلوبيديا تعتبر ذلك المصحف العثماني المصدر الأول والاصلي والأصدق تواترا والأوفق والمباشر (الأقرب بين زمن التدوين وزمن إبلاغ النبي عن نص القرءان او زمن وفاة النبي) ليس فقط عن دين الاسلام، بل أيضا وخاصة عن شخصية وحياة وعاطفة وعقل وكفاح ودعوة ورؤى وسلوك محمد بن عبد الله: الانسان والنبي، والقائد السياسي والعسكري ورائد مشروع حضاري كبير له ولقومه وللعرب وللعالمين...... وفي صفحة 29 من التقديم يمكن قراءة جذور الكاتب ومرجعتيه، وهي تكاد تكون عامة لدى المسلمين. *. مؤلف هذه الانسيكلوبيديا تلقن منذ طفولته؛ كيف يجب أن يكون؛ مسلما صالحا! (كما حال الأجداد في إطار العائلة والقرية) لكنه حين تقدم في العمر وفِي الدراسة بعدة جامعات، وجال العالم واكتشف وقرأ، وتأمل، وقارن، بعد أن فكر مليا، فاكتشف كيف يكون إنسانا ومواطنا ايجابيا وعقلانيا وصالحاً لنفسه ولغيره في الحياة، وحرا ومتمدنا ومنفتحا على كل الثقافات، ويحترم كل الأديان والمتدينين بها بشرط الا يصادروا حقه في حرية التفكير، وفِي قول لا، عندما يقتنع بعدم صواب الرأي الآخر، حتى لو أجمع عليه الجميع (في غير ما هو خارج العلم) أي هو من القوانين الملزمة للجميع في الدول الديمقراطية، ومن بين ما تعلمه: سفاهة تقسيم البشر الى صنفين (مؤمنين) (أومسلمين) و(غير مؤمنين)!) أو غير مسلمين أَي كفار). والتخلي عن سفاهة تقسيم البشر الى (ذكور) و( إناث ) على أساس التمييز الجندري، الى غير ذلك من أشكال التمييز الاخرى، على أساس الدين أو العرق أو اللون....مثل هذه التقسيمات التمييزية، هي حماقة قي هذا العصر، وكانت عند الأسلاف مبررة بحكم الجهل، وقد حان زمن التخلي عن الكثير من التراث اللامادي الموسوم بالسلبية، كالادعاء بالثبات الدائم؛ على نمط من الأفكار والعادات والرؤى والمعتقدات التي كانت للأجداد، فاليوم الحاجات والتحديات الراهنة والواقع المعلوم، هي التي تحدد ما يجب وما لا يحب... فما يكون صوابا ونافعا أو حقيقة ثابتة أو نسبية شيء، وما يخالف العقل ولم يوجد في التاريخ ولا في الطبيعة شيءآخر يخرج عن الصواب والنفع والواقع، وقديما قال الجاحظ (780_869) ليس على الناس أضر من قولهم ما ترك الاول للآخر شيئا،وقال ديدرو (1713_1784 Diderot) اذا كان العقل هبة السماء (يقصد الله بمنطق الدين) فالسماء كما قال، قد وهبتنا هبتين متناقضتين (هبة العقل) وهبة العقيدة(الثابتة والقائمة على النقل) ... وقال قاستون باشلار (1884_ 1962) Gaston Bachelard إن تاريخ العلم، هو تاريخ انهزام اللامعقول لحساب المعقول، وفِي هذا السياق أيضا، قال فالري (1871_1945) ان أكثر الأسئلة عمقا، في الفكر والعالم عبر التاريخ هي: كيف لم أفكر في هذا؟ وأنت كيف فكرت في ذلك؟ … وفِي صفحتي 32و33 من التقديم نجد أيضا: لقد انجزت هذا العمل الفكري بعقل أكاديمي ودرست قراءان محمد والذي قرأنه في الثلث الاول من القرن السابع الميلادي... وفِي هذه القراءة انتهيت الى قناعة شخصية مفادها ان افكار الاجتهاد في الدين ودعاوى الإصلاح والتوفيق بين الدين والعلم …هي دعوات خاطئة أو تلفيقية، لأنه لا يوجد في النصوص المقدسة، ما يتناقض مع العلم والعقل والتطور وقيم العصر، مما لا يقبل منطق الاجتهاد او الإصلاح لجأوا التوفيق بين الصحيح في العلم والخاطئ في الدين وحيث من غير الوارد حذف أجزاء من النصوص المقدسة، ولا الاستمرار في العمل بمضمونها، لذلك لا يوجد حل داخل النص، بالخروج عليه من أجل الانسان والحيلة وحضارة العصر. الأديان أوجدها الانسان من اجل الانسان في الماضي ولم يوجد الانسان من اجل الأديان بل وجد ليحيا وليفكر وليعمل بحرية، فهو سيد نفسه وتسيد على الطبيعة… ومع التسليم بحق كل إنسان في هذا الزمن أن يعتقد بحرية كما يشاء بشرط ألا يخرق القوانين السارية في الدولة المدنية الديمقراطية، يجب أن نلاحظ وجود تنافض صريح بين ان يكون الانسان مؤمنا بالموساوية أو النصرانية أو الاسلام… (كما وردت أشكال الايمان في النصوص المقدسة لهذه الديانات الثلاثة) (من مثل الايمان بالشياطين والملائكة والجن وقصص معجزات؛ الأنبياء واسراء محمد عبر السماء! وقيام الله بالصلاة على النبي إلخ)، وبين أن يكون الانسان المعاصر الحر ملتزما بواجبات المواطنة، كما يحددها الدستور الديمقراطي، وملتزما بالسلوك المدني في العيش المدني مع الآخرين ……انهي وحتى يمكن اتمام الصورة سأنقل لكم رأي صاحب الموسوعة موضوع الكلام في تقديم الجزء الثاني منها وبالتحديد في صفحة 367 اذ كتب: القسم الاول الأفكار والأحداث الصانعة والمعطلة للتاريخ يعتقد المسلمون ورجال دينهم ان تاريخ البشر قد حواه كتاب القرءان أو كتاب الله (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) النحل /89 و(كل شيء فصلناه تفصيلا) الاسراء / 12كما يعتقدون أن التاريخ كل التاريخ الصحيح؛ قد ضبط في القرءان وفِي أحاديث النبي…! ويعتقدون أن التاريخ الأحسن والأفضل بين كل الزمان البشري هو تاريخ النبي والإسلام والمسلمين … وما عداه من التاريخ هو في منزلة أدنى أو هو غير صحيح… وخلاصة القول وما انتهيت اليه بعد قراءتي المتأنية يمكن لي ان اعترف بقيمة العمل الذي انكب كاتبه عليه لعدد من السنين وأتصور أنه يعد سابقة تجرأ فيها أحد المفكرين بالاصداع برأيه معترفا بانتمائه للإسلام منذ طفولته، ولكنه كلما تقدمت معارفه كبرت حيرته، انه لم يحاول أن يخفي آرائه متحديا نقاده المحتملين ولو أنه كان في إمكانه الاكتفاء بموقف الراوي بوصفة مؤرخا. وفي تقديري وحسب فهمي لما جاء بالموسوعة موضوع كتابتي وتعليقي عليها بموضوعية وتحفظ، فان كاتبها قد يكون تأثر بقراءاته المتعددة للكتب السماوية وأفكار الفلاسفة وخاصة المستشرقين منهم، والتوسع في مادة التاريخ وعصر النهضة منه خاصة، أثرت فيه في بعض المواقف، ومنها نظرية التطور والارتقاء، والشك والدفع بالطبيعة وحدها في الحالة التي انتهت اليها الإنسانية، ولم يكن للدين أو للمعتقدات اللامرئية أي دخل فيها حينئذ. لم أكن معه على اتفاق مطلق ولكنني أقدر فيه سعة علمه ومعرفته، واكتفي في حقه باعترافه الصريح الذي دونه بنفسه في هذا المجلد، وأذكره بما جاء في القرءان وبمصحف عثمان الذي اعتني به وخاصة قوله تعالى في سورة الحج. تحديا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) كما لا يفوتني أن أدعو لقراءة الكتاب موضوع هذه الترجمة وقد وجدت فيه لذة خاصة دعمت مجددا إسلامي وايماني. تونس في 14 ماي 2019