اكتبها وارددها بكل فخر"من ليس له تاريخ ليس له مستقبل"، يوم الاغر، 1 جوان 1956، عاد زعيم الامة الحبيب بورقيبة الى تونس، وخرج الشعب التونسي باسره للتنويه برجوعه الى ارض الوطن، وقد قضى عشرين سنة في الدفاع عن تونس، حتى من سجون المستعمر،كان يسطر المنهج، ويبني المستقبل، و يركز اصول الثورة، بمعية رفاق دربه، ولم يتغافل أبدا على التفكير في مصير البلاد، وتصور اختياراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد الثورة، كانت تلك المواضيع محل عناية وتفكير،بإيعاز منه، وموافقة زملائه في الكفاح تعالت اصوات الشعب، في ذلك اليوم، بدون استثناء يذكر، الى تكريم الزعيم والحضور بكثافة لاستقباله، تعبيرا له عن تأييد مطلق، لخطته وقبوله بالاستقلال الداخلي،الذي مهدللاستقلال التام ،الذي تلاه بعد مائتين يوما من الامضاء على اتفاقية الاستقلال الداخلي،الذي هومعجزة لقاء بورقيبة ومنداس فرانس،ذلك الزعيم الفذ لفرنسا،والذي كان لي شرف الاهتمام به ومرافقته كلما حل ضيفا على تونس، وانا اذ ذاك رئيس ديوان المرحوم، رجل الدولة، والوفي لبورقيبة، محمد الصياح،طاب ثراه، ان أول جوان يمثل مرحلة هامة في تاريخ بلادنا، اذ يعتبر الاشارة الاولى للشروع في بناء دولة عصرية، ينعم بها حتى من كان وأهله وذويهيعارض المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة،وهم هؤلاء الذين كانوا في احضان المستعمر،ينبشون اليوم القبور،في محاولة يائسةللمس من تاريخ نضاله،الذيشهد له به العالم باسره،وحاول من قبلهم جماعة الانقلاب الطبي،ولم يفلحوا في تزييف التاريخ،وذهبوا بكل وقاحة حتى الى سجنه،لكنهم وأزلامهم سحابة عابرة،رموا بأنفسهم في مزبلة التاريخ، وان عمروا في الحكم طويلا، وعبثوا بمزاياه، وتصرفوا فيه بدون وعي،هم اليوم تحت سلطة القضاء،او فارون من العدالة،لأيام معدودة،هم اليوم في المهجر، كما كان غيرهم، ينعمون بمظلة الاجنبي،الذي يدر عليهم من ثروته، ولا بد أن يكشف التاريخ دورهم، في محاولة تفكيك لحمة الامة التي بناها بورقيبة،والتي هبت من جميع أرجاء البلاد،كالرجل الواحد لاستقباله عند رجوعه من المهجر،يوم غرة جوان 1956 ان أنصار الفكر البورقيبي والمدافعين عليه،يدركونتماما، ان في السياسة الحقائق فقطهي المهمة،و ان المسؤول على ادارة الامة لايحاسب عن نواياه،بل عن نتائج تصرفه فيها،والدستوريون يمثلون مرجعا في هذا الباب،وهم مخزون انتخابي هائل، يتمتعون أيضا بتجربة ميدانية كبيرة، مفقودة حاليا في كل الاحزاب الموجودة،لان المنافسة بينهم، ليست على البرامج،لأنهاغائبة لديهم، بل على الزعامة ،لا غير، للتظاهر في وسائل الاعلام،وكسب الشعبية الخياليةلديهم، واغلبهم جربوا في المسؤولية ولم يؤدوها على الوجه الاكمل، واغتنموها في الاثراء الغير المشروع،و الدستوريون لا تعنيهم المغازلات البائسة لاستدراجهم في احزاب الوبال على تونس، و لهم ان يقرئ لهم حساب، في تصور المستقبل، لهم وزنهم في البلاد، ولن يتحالفوا مع الذين ينكرون تاريخ تونس، وليس لهم ولاء الا لتونس، وهم صانعو تقدمها وازدهارها، نتيجة تضحياتهم الجسام بدون مقابل، لا كما هو شان السياسيون الجدد، الذين افلسوا الدولة وكلهم يحرثون في البحر، وكلامهم في النفخات زمرا، بسبب عدم مصداقيتهم، وفقدانهم لتاريخ يذكر، في العمل من اجل تونس، ومناعة استقلالها، بل بالعكس انزلقوا وراء تيار المال الفاسد، و"اللوبيات" الخبيثة، والازدواجية في السلوك، لنكران ما أنجزه حزب بورقيبة، في التعليم والصحة والبنية التحتية، وفي كل الجهات، وفي كل مظاهر الحياة،فسارعوا عند توليهم حكمهم بإزالة حزبه من الوجود، لأمر في نفس يعقوب، وهو خوفهم من المقارعة مع مناضليه بالحجة والبرهان، لانهم غير قادرين على ذلك، ولم يكونوا قدوة في سلولهم لتحريك السواكن، وبعث الثقة في النفوس، ورموا البلاد في يم المديونية، وفي احضان الديبلوماسية الموازية التي تهدد استقلال البلاد، و تحت رقابة الشركات المالية المتعددة الجنسيات التي غايتها الربح دون سواه،أما ما يجب أن نستخلصه من ذكرى هذا اليوم العظيم، فنوردنفس الخلاصة التي ذكرها بورقيبة نفسه عند حلوله بأرض الوطن، سيكون هذا اليوم "بمثابة منارة توجه خطواتنا في الطريق الذي لا يزال يتعين السير فيه،و هذا الدرس هو الحاجة إلى الاتحاد، والتماسك في صفوفنا، يجب أن نعتبر أنفسنا إخوة وأخوات متحدون حول نفس المبادئ، ولنفس الغاية،ونتسم بنفس المثالية...اذاكانهذاهومسارعملنا،وإذااتبعناهذاالطريق،فإنالعالمبأسرهسوفيحترمنا،وسنكونأهلا للمفخرة التي نطمح اليها،والتيسنصلإليهاعاجلاًأمآجلاً،منخلالعملناواتحادناوواقعيتناالسياسية" تلك هي النظرة الثاقبة التي يمكن ان تخرج تونس من عنق الزجاجة التي وضعوها فيها، بدون روية، من تداول على الحكم منذ ثورة الشعب التي لاح التنكر لمزاياها ومراميها من بعضهم لانهم "لايفقهون"