سنة 1959قام ديمتري كونستانتينوفيتش بيليايف ، الأكاديمي وعالم جينات الروسي بتجارب عديدة حول الثعلب الفضي في سيبيريا. واستنتج أن الانتقاء المنهجي للأفراد الأكثر "استئناسا" بالبشر يمكنه خلق فصيل من الثعالب "الودية" للغاية، وقد تصل إلى أن تكون أليفة.. ونفس الشيء حصل من خمسة عشر ألف سنة حين بدأت بعض الذئاب الاقتراب من المغارات البشرية بقصد تناول بقايا ما يتناوله البشر من لحوم وغيرها.. تدريجيا أحسّ الإنسان أنّه باستطاعته إطعام البعض منها... وهذا البعض من الذئاب تحوّل تدريجيا إلى كلاب.. وفي المرحلة التالية، تعلّمت هذه الكلاب بأنّها سوف تنال مأكلها مقابل حراسة المغارة والمتاع.. هذه الألفة، بين الحيوان والإنسان، سمحت بتبادل فيه كاسبان. لكنّ الأساس في هذه العلاقة هو تسليط قوى دماغية فكرية وتخطيطية للإنسان على حيوان هو أقوى بقدراته الجسدية، لكنّه يملك منسبا دماغيا يقلّ بكثير عن المنسب البشري. هذا هو بالضبط ما يحصل بالنسبة لما نسميه بالفكر المتطرّف. سوف تجد من هو يملك قدرة فائقة على إقناع بعض العقول الضعيفة باسم نصّ ديني للانتحار والتسبّب فيما قد يلحقه هذا الانتحار نفسه في الساحة العامة من دمار وقتل وجرح للغير... في هذه المعادلة يوجد كذلك مقابل: جنّة عدن وحوريات ينتظرن هذا الانتحاري حال مفارقته الحياة الدنيا. وقد برز مع كلّ هذا مصطلح: الذئاب المنفردة. الذئب المنفرد هو الشخص الذي يرتكب أعمال عنف مرتبطة بمجموعة أو حركة أو أيديولوجية ولكنه يفعل ذلك بمفرده خارج أي هيكل قيادة، رغم ارتباطه بها بصورة أو أخرى. وقد تم اعتماد هذا المصطلح من قبل وكالات الحكومة الأمريكية ووسائل الإعلام لتعيين الأفراد باستخدام هذه الطريقة في العنف. كما حدد مكتب التحقيقات الفيدرالي وشرطة سان دييغو عمليتهما لمراقبة "عملية الذئب المنفرد" لكورتيس إلى حد كبير. الاستخدام الحالي في الوقت الحالي، يشير مفهوم "الذئب المنفرد" للإرهاب طبعا وهي عملية عنف ترتكب خارج هيكل القيادة، بغض النظر عن الإيديولوجية. وعمومًا، يشترك "الذئب المنفرد" في علاقة أيديولوجية أو فلسفية أو عقدية مع جماعة متطرفة، لكنه لا يتواصل مع هذه المجموعة. على الرغم من أنه يسعى إلى الأداء بعمله التخريبي ضمن فكر هذه المجموعة. سوف يتصوّر "الذئب المنفرد" وينظم تكتيكاته بمفرده، دون تلقي أوامر أو مشورة. وفي كثير من الحالات، كما هو الحال في التكتيكات التي تصورها كورتيس، فإن "الذئب المنفرد" ليس لديه أي اتصال شخصي مع مجموعة. نتيجة لذلك. ويشكل هذا النوع من الإرهابيين مشكلة خاصة بالنسبة لمسؤولي مكافحة الإرهاب، حيث أنه من الصعب جمع المعلومات حول "الذئاب المنفردة" أكثر من المجموعات الإرهابية التقليدية، وحيث أنّه يحتاج إلى عدد من الأعوان لمراقبته.. تحدي المصطلح: وفقا لجيل كيبل أخصائي التنظيمات الإرهابية، "إن نظرية الذئب المنفرد هي في الواقع أمر غامض. وقد أنشأها أكاديميون زائفون وبعض الصحفيين الذين يتابعونهم، والذين لا يعملون ولا يعرفون حقيقة النصوص وعمل الجهاديين. إنه خيال خالص، لم يكن المصطلح موجودًا أبدًا. هناك أفراد يتصرفون ربما بمفردهم أو في ثنائيات، لكنهم جزء من الشبكات، وقد تم إلهامهم. وبالنسبة لأولئك الذين أخذوا عناء اهتمامهم بما فعله داعش، فإن هذه النظرية لا تستغرق لحظة بالطبع ".
بالنسبة إلى وسيم نصر، الصحفي والمتخصص في الحركات الجهادية، "لا يوجد ذئب منفرد في تاريخ الهجمات الجهادية. نحن نكتشف في كل مرة أن هناك تداعيات، واتصالات، ودعم لوجستي. وهناك دائمًا، في الخلفية، أشخاص يساعدون » ومهما كان العنف الذي يقوم به هذا الإرهابي الذي يقض مضجعنا ويفسد يومنا وليلنا، فإنّ التجارب قد أكّدت من لدن علماء آخرين أنّه بإمكان العلم تغيير حيوان أهليّ ودي للغاية (كلب مثلا) إلى حيوان شرس للغاية. ونفس التجارب تمّت على البشر بتغيير تصرّفهم مع الآخر وبرمجة الدماغ لديهم مما سمح بتغييرهم إلى مفترسين ونزع الصفات البشرية لديهم. والسؤال هو: هل يمكن تغيير هذه الذئاب المنفردة إلى بشر يقبلون بالعيش مع غيرهم من سكان هذا الكون دون التكشير عن أنيابهم؟