"واشنطن بوست": محادثات ترامب مع زيلينسكي وقادة الاتحاد الأوروبي بعد القمة كانت متوترة    انفجاران يهزان محطة لتوليد الكهرباء جنوبي صنعاء    الرّابطة الثانية : تعزيز جديد في صفوف مستقبل القصرين    عاجل: الصوناد توفرلكم خدمة رسائل قصيرة لمتابعة فواتير الماء    إندونيسيا: إصابة العشرات بعد زلزال بقوة 6 درجات    الجزائر تسحب الحافلات المتهالكة بعد "كارثة الوادي"    وزارة التجهيز تدعو الى استعمال الطريق الرومانية بسبب اضراب اعوان بطاحات جربة    النادي الافريقي: راحة بيومين للاعب فهد المسماري    الألعاب العالمية شينغدو 2025 (الكرة الحديدية): الثنائي التونسي منى الباجي وخالد بوقريبة يتوج بذهبية الزوجي مختلط في اختصاص الرمي بالدقة    عاجل: اضطراب في حركة المرور نحو جربة والوزارة توضّح الطرق الممكنة    الحرارة بين 29 و40 درجة: تقلبات جوية مرتقبة بعد الظهر...بهذه المناطق    الكرة الحديدية – الألعاب العالمية بالصين (زوجي مختلط) : ميدالية ذهبية للثنائي الباجي وبوقريبة    نقل تونس: فتح محضر في حادثة تهشيم بلور إحدى الحافلات الجديدة    كرة القدم العالمية : برشلونة ولامين يامال يضربون بقوة، جميع نتائج اليوم السبت(فيديو):    فحوى مكالمة هاتفية بين رئيس الجمهورية ونظيره الجزائري..    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل.. أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    نقل تونس: فتح محضر في حادث تهشيم بلور احدى الحافلات الجديدة    دقاش توزر: مواطنون يستغيثون: محطات النقل .. معاناة في الصيف والشتاء    مرتضى الفتيتي في حفل بمهرجان سوسة الدولي...فقدت الوعي فعواطفي هي التي غنّت الليلة    كوميديا اجتماعية بلمسة نسائية .. «للاّهم» تُبهر جمهور مسرح قرمبالية    في الصّميم : شطحات السّالمي.. انحراف التّحكيم و«مافيولا» زهمول    عاجل: وفاة مدير تصوير مصري معروف    تاريخ الخيانات السياسية (48) .. انقلاب على المقتدر بيومين    قبلي اليوم: رياح رملية وأتربة    حجز أجهزة تكييف    الجربي: أفكر في الترشح الى رئاسة هيئة المحامين    الاتحاد التونسي للفلاحة يعتبر احترام مؤسسات الدولة ورموزها والمحافظة على السلم الإجتماعية مبادئ ثابتة    نابل: انتهاء موسم جني وتحويل الطماطم بإنتاج حوالي 260 ألف طن    تواصل تهاطل الأمطار الغزيرة بهذه الجهات وتحذير من السباحة    ثلاث حكمات تونسيات يسجلن حضورهن في تصفيات شمال افريقيا المؤهلة لرابطة أبطال افريقيا للسيدات    عاجل/ ارتفاع ضحايا التجويع في غزة إلى 251 شهيدا..    عاجل/ جمعية القضاة تدعو إلى الإفراج عن المسعودي..    ناج من حادث الجزائر يروي لحظات الرعب : تفاصيل صادمة    حجز 4 محركات ضخ وقوارير غاز منزلية بمنطقة الزقب بأوتيك..    القصرين: أعوان شركة عجين الحلفاء والورق يعيدون تشغيل معدات معطّلة منذ سنوات رغم الصعوبات المالية    إلغاء عرض "كي-ماني مارلي" بمهرجان قرطاج وتعويضه بتكريم للفاضل الجزيري    عندما تسحر "الزيارة" جمهور مهرجان صفاقس الدولي    احذر.. النوم المفرط قد يدمّر صحتك بدل أن يحسّنها!    طقس الويكاند: ينجم يخلي ''العومان'' ممكن؟    عاجل/ نواب بالبرلمان يقررون مقاضاة هؤلاء المسؤولين..    علاش ''اللبن الرائب'' حاجة باهية لصحة الجسم في الصيف؟    الرابطة الأولى: تشكيلة النجم الساحلي في مواجهة النادي الإفريقي    تصل إلى 40 مم: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق بعد الظهر    وزارة الصحّة تدفع نحو تطوير الطب النووي وتحقيق الاكتفاء الدوائي    قيس سعيّد: لا تسامح في الفساد ولا تراجع عن المحاسبة    عاجل: قمة بوتين وترامب بألاسكا.. محادثات مثمرة بلا أي اتفاق رسمي    حملة وطنية لمراقبة ''الكليماتيزورات'' تسفر عن حجز آلاف الوحدات غير المطابقة...شنيا لحكاية؟    عاجل/ حادث مرور مروع بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    اتحاد تطاوين يتعاقد مع اللاعب ريان القديري    دراسة تحذّر من ظاهرة صحية خطيرة مرتبطة بعطل نهاية الأسبوع    عاجل: نزل البحيرة، رمز تونس المعماري، يواجه الهدم    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    الحملة الوطنية لمراقبة أجهزة تكييف الهواء الفردية تفضي الى حجز أكثر من 3380 مكيف هواء وتسجيل 146 مخالفة    وزارة الاسرة تنظم باليابان فعالية للتعريف بأبز محطات الفعل النسائي على امتداد مختلف الحقبات التاريخية    عاجل: أحلام الإماراتية توضح للتونسيين حقيقة أجرها في مهرجان قرطاج    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرزوقي : رغم إخفاقات الثورة في الملف الاقتصادي والاجتماعي فإن جزءا من أهدافها تحقق
نشر في الصريح يوم 19 - 07 - 2019

في إطار سلسلة لقاءاته التي يجريها مع شخصيات وطنية و ضمن برنامجه استضافة رموز سياسية وحزبية لإجراء حوار معمق معها حول القضايا التي لها بعد استشرافي وفكري يهم مستقبل البلاد في هذه الظرفية التي تعرف فيها مرحلة الانتقال الديمقراطي جملة من المشاكل والاكراهات وتشكيكا في قدرة المسار الثوري على أن يكون مختلفا عن واقع الاستبداد بل شعورا وخيبة أمل لدى طيف كبير من الشعب من فشل الثورة عن تحقيق استحقاتها التي وعدت بها ، نظم مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية ندوة فكرية بنزل " المرادي " بضاحية قمرت استضاف لها الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي يوم السبت 13 جويلية الجاري ليقدم وجهة نظره وتصوره لسؤال " تونس إلي أين " ؟
في هذا اللقاء تحدث المرزوقي في الكثير من المواضيع التي يراها تمثل تحديا كبيرا للبلاد في قادم السنين وعن القضايا التي يجب أن يعتنى بها من أجل تونس افضل .. تحدث عن التهديد الذي ينتظر البلاد في السنوات المقبلة بسبب التحول المناخي وعن غياب الوعي عند طيف كبير من الطبقة السياسية بهذه المخاطر التي تتطلب أن تكون في أولويات الحكومات القادمة .. تحدث عن تونس إلي أين سياسيا في ظل عودة الممارسات السياسية القديمة التي تعامل الشعب " كرعايا " وليس كمواطنين والمواطنة في فكر المرزوقي ليست مجموعة حقوق فقط وإنما هي في المقام الأول مشاركة في الشأن السياسي أي التحول من شعب سلبي الى شعب مساهم في الشأن السياسي فصفة المواطنة هي صفة سياسية والتحدي السياسي الذي تراهن عليه البلاد هو في بناء دولة قوية تجمع بين احترام الحريات الفردية وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة مع احترام القوانين الضابطة للمجتمع وتطبيقها على الجميع .. التحول السياسي المنشود يشمل مفهوم الدولة وانتقالها من دولة فئة قليلة من الافراد المتحكمة و المهيمنة الى دولة جامعة لكل الناس ودولة يطبق فيها القانون وتحترم مؤسساتها وهذا المبتغى هو الصراع القائم اليوم ملامحه منظومتان تتصارعان واحدة تعمل على تركيز المؤسسات الجديدة للدولة وأخرى تريد العودة الى الوراء وتريد دولة من دون مؤسسات .
تحدث المرزوقي عن التحولات التي يشهدها العالم في مجال مفهوم الدولة وتدخلها ودورها خاصة بعد التفكك الذي تعرفه الدولة الحديثة نتيجة نظام العولمة والهيمنة الاقتصادية العالمية التي ألغت الحدود وقلصت من سيادة الدول على ترابها واقتصادها والمواجهة التي يعرفها هذا النظام العالمي العابر للقارات من قبل النزعات القومية التي تعود اليوم و التي تعمل على استعادة صورة الدولة القوية المعروفة بحدودها وإقليمها وسيادتها كل هذه التحولات تجعلنا نقر بوجود تحولات كبرى بصدد التشكل ووجود تنظيم جديد للدولة يعمل على جعل الشعوب تتحرر أكثر وتتوسع في حقوقها
تحدث عن التحدي الكبير الذي يتعب الدولة التونسية اليوم قبل كل تحد وهو كيف يقع التصدي إلى منظومة الثورة المضادة ؟ فما حصل خلال السنوات الثماني بعد الثورة هو أن الدولة العميقة قد أفشلت الثورة وفي المقابل فإن منظومة الثورة المضادة هي الأخرى قد فشلت ولم تنجح في استعادة كل القديم .. هي معركة وصراع بين توجه عام عند الشعوب ورغبتها في التخلص من الديكتاتوريات وتوقها للتحرر وبناء واقع أفضل وتوجه آخر يعمل على استعادة الاستبداد من جديد .. هناك في وطننا صراع إرادات ومعركة مع منظومة الثورة المضادة التي يمثلها في مصر الانقلاب العسكري وفي تونس الإعلام الفاسد - على حد تعبيره - الذي لعب دورا في جعل الناس تكره الثورة وفي سوريا الحرب الأهلية التي حولت الثورة السورية من ثورة سلمية على حاكم مستبد إلى تدخلات أجنبية وصراع قوى إقليمية وعالمية وفي هذا الصدد علينا أن ننوه بالحراك الشعبي في كل من الجزائر والسودان الذي فهم أخطاء الثورات واستوعب درس الثورة التونسية وهو أن الثورة والتغيير لا ينجحان إلا إذا تم إزالة كل النظام القديم والتخلص من منظومة الحكم القديمة فما أعاق نجاح الثورة التونسية هو قبولها ببقاء رموز النظام السابق في الحكم وقبول التعامل والتصالح معهم وهو خطأ استراتيجي قاتل فوت على الشعب التونسي فرصة تاريخية لبناء واقع جديد وأفضل واليوم الحراك الجزائري يستوعب الدرس التونسي وقرر أنه لا تعامل مع المنظومة القديمة وأن المرحلة اللانتقالية لا يمكن أن تدار بالرموز المورطة في منظومة حكم بوتفليقة .. لقد تعلموا من اخفاقاتنا شعارهم لا جديد مع القديم وإلا فإن القديم سينقلب على الجميع .. الثورة المضادة في تونس باتت معروفة ومكشوفة للجميع ولم يبق لها إلا السند الخارجي لذلك فإن بقايا المنظومة القديمة نراها اليوم تتحالف مع أعداء الثورة في دول عربية معروفة .
يعتبر المرزوقي أنه رغم اخفاقات الثورة في الملف الاقتصادي والاجتماعي فإن جزء من الثورة قد تحقق من خلال تركيز منظومة الحريات التي طالبت بها الطبقة الوسطى غير الذي تخلف عن التحقق هو مطالب الطبقة الفقيرة التي لم تتحقق أحلامها من الثورة بتخلف الاستحقاقات الاجتماعية وتراجع شعارات الثورة الاجتماعية في العمل والتشغيل والتنمية الشامة والعدالة الاجتماعية.
يواصل المرزوقي في تحليل فكرته حول طبيعة الوضع الحالي القائم على صراع قوي وعلى معركة بين منظومات وصراع مصالح وإرادات ويعتبر أن الدول الأوروبية قد عادت اليوم إلى سياساتها القديمة وهي المراهنة على الديكتاتوريات وعاد قادتها إلى التفكير القديم الذي يعتبر أنه لا خيار للغرب إلا في دعم الحكم الاستبدادي وحالة مصر خير دليل على الموقف الأوروبي الذي لم يفعل شيئا من أجل الديمقراطية التي يبشروننا بها والديمقراطية التي طالما روجوا أنهم يريدون فرضها بالقوة على العالم الإسلامي وهذا الموقف الغربي الذي يستعيد اليوم وقوفه من جديد إلى جانب الحكومات الجبرية الظالمة لشعوبها والمنقلبة على إرادة الشعوب مبرره ليس المحافظة على المصالح وإنما مبرره خلل هيكلي في الديمقراطية الغربية التي تحتاج اليوم أن نعيد النظر والتفكير فيها بعد أن وقفنا على أن الدول الغربية لا تنتصر للديمقراطية خارج حدودها وهذا يجعلنا نقر بكل وثوق أن الديمقراطية في صيغتها الغربية مستقبلها قد انتهى وعلينا أن لا نعول على الغرب وإنما كل التعويل في ترسيخها في أوطاننا على أنفسنا .. لما كنت رئيسا كان خطابي دوما مع الرؤساء الغربيين الذين التقيت بهم هو دعوتهم أن يخفضوا لنا من الديون وأن يراعوا المرحلة الانتقالية التي نمر بها وأن يدعموا ديمقراطيتنا الناشئة ولكن الديمقراطيات الغربية لم تقبل بذلك إلا بعض الدول وبنسب صغيرة من الديون والحال أنه كان من المفروض أن تقف هذه الديمقراطيات الغربية مع الثورة التونسية وتستجيب لطلباتنا دعما للفكر الديمقراطي الجديد في تونس.
ينهي الدكتور المرزوقي هذا الحديث في ندوة " تونس إلى أين " بطرح جملة من الأسئلة في علاقة بالتحديات المستقبلية التي سوف تشكل عوائق نحو البناء الجديد للدولة والمجتمع أول هذه الأسئلة سؤال تونس إلى أين في مكافحة الفساد بطريقة أكثر نجاعة ؟ وثاني هذه الأسئلة ماذا فعلنا في تركيز الحكم المحلي بعد أزمات تجربة الانتخابات البلدية الأخيرة وما خلفته من صراعات انتهت بحل الكثير من المجالس البلدية ؟ تونس إلى أين في تغيير منوال التنمية الحالي الذي لم يعد قادرا على الإفادة أكثر وإحلال خيارات اقتصادية جديدة محله وبدائل تنموية تستجيب للتغيرات الحاصلة من شأنها أن نحقق استحقاقات الثورة ؟ تونس إلى أين في تفكيك منظومة الإرهاب وكشف من يقف وراءه ومن يحرك الزر كلما أراد و ما العملية الأخيرة التي جدت في شارع شارل ديغول بقلب العاصمة إلا خير دليل على أن هناك قاعة عمليات تحرك في الإرهاب لضرب الثورة ولمزيد إفشال المسار الانتقالي. تونس إلى أين في التخلص من منظومة الثورة المضادة بعد أن حصل اليقين من أن الدولة العميقة هي الدولة نفسها بما يعني أن الثورة تجد نفسها اليوم في صراع مع الدولة !! وهذه الحقيقة قد أثبتها شوقي طبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد حينما قال بأن الذي عطل التقدم في ملف محاربة الفساد هي الدولة العميقة ومؤسسات الدولة التي رفض مسؤليها التعامل معه لذلك فإن القضايا المصيرية تحتاج لمعالجتها إلى الزمن الطويل ومن أجلها نحتاج أن نفكر بعقلية الزمن الطويل وأن ننظر إلى الأفق البعيد ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.