سنة 1964 زار الرئيس بورقيبة القيروان بمناسبة المولد النبوي و طلب من الوالي أن يدعو له أبناء القيروان الذين شاركوا في مؤتمر قصر هلال 2 مارس 1934 فأسرع الوالي بسيارته ليجمع للرئيس عم الشاذلي عطاء الله شاعرنا الكبير والطاهر طقطق بجبته الخضراء وعم الهذيلي بوقميزة وأنا كنت أتعلم على يديه المسرح واللغة العربية وهو أفقر الجماعة لأني أعرف وضعه عن كثب، وأعرف همته العالية و معهم معلمي محمد بودخان ببرنسه الأبيض ولا أخفيكم أني وقتها فرحت لأني قلت في نفسي سيجازي الزعيم من هم في حاجة الى معونة مستحقة لأن هؤلاء عرفوا سجون الاستعمار ولم ينالوا أي مغنم شخصي و خاصة عم الهذيلي، وطبعا كنت حاضرا في اللقاء المؤثر لأني كنت مراسلا جهويا لبعض الصحف… فإذا بالرئيس يحتضنهم ويقبلهم ويقول باكيا أنتم من أسستم الحزب أنتم من لكم فضل الاستقلال وشرع يسأل كل واحد منهم عن حالته وحاجته فلم أسمع ولم يسمع بورقيبة إلا عبارة الحمد لله مستورين! وحين جاء دور عم الهذيلي استبشرت ومنيت نفسي بتحسن أحواله المادية وهو أقل من حقه فإذا بعم الهذيلي يقول لبورقيبة دون تلعثم وبثقة كاملة أصيلة أحمد الله على نعمه علي بالصحة والعافية والكفاف فألح بورقيبة سائلا: هل تريد رخصة لواج أو منحة شهرية؟ فجاء رد المناضل الكبير والمتعفف: لا ألف شكر يا سي الحبيب ما عملناه كان لله وللوطن ولا نتقاضى عنه إلا رضى الله وعزة النفس ونخوة الاستقلال… أقول هذا للشباب الذين لم يعيشوه حتى يعلموا أن من سبقهم كانوا على خلق ثم أسألهم هل بقي خلق من هذا اليوم ؟