فاصل شخصي كتبت الفة منذ قرابة التسع سنوات كتبت على الفايسبوك "بوست" فيه صورة المرزوقي، وقدمت انتقادا لطيفا مضمونه مدى قدرة الرجل على الحكم وإخراج تونس من مشاكلها... أذكر الكم الهائل من الشتائم الذي تلقيته، أذكره لانه كان اول الطريق، واذكر تأليه المرزوقي، وأذكر جملة قالها أحدهم: "لأنك أنت تنتقدينه فنحن معه"... حينها كنت في اول الأربعينات من عمري متحمسة للحياة فعلا لا ظاهرا...أصدق أن جوهري هو "ألفة" هذه الشخصية المسرحية...أصابني احباط وغضب ورددت على الشتيمة بعنف شديد...وتصورت انها نهاية الكون... مرت السنوات كما يمر كل شيء، وكبر الجسد وكبرت اجساد من كتبوا لي تعاليقهم، اكيد ان بعضهم يئس من تونس بحكم سقوط الاقتصاد وتفاقم البطالة وغياب الأفق فهاجر من تونس، اكيد أن بعضهم توفي، أكيد أن بعضهم غير مواقفه تماما اما انتهازية او وعيا بتغير الظروف او خيبة أمل... اليوم، لا أتصور أن أي راي أو قول سيغير معتقد حالم أو يائس، ولم يستطيع حتى أن يحمله على التفكير...الغريق الذي بتعليق بقشة لا يمكن أن تقنعه أن تلك القشة نفسها ظاهر وزن ثقيل سيجذبه الى القاع... يقول لي بعضكم، وأقول لنفسي: وما ذنبي ان ابلغ القاع؟ اولا، ان لم يكن ام قدرك فلن تبلغه: يمكن ان تهاجر، ان تقاوم، ان تبتعد، ان تتعايش...ويمكن ان يتبدل كل شيء، فالحياة مفاجآت... ثانيا، ان كان ذلك قدرك فستبلغ القاع ضرورة...كان يمكن ان تكون تونس جنة البلدان اقتصاديا وسياسيا، وتكون انت مصابا بمرض خطير يؤلمك في كل أعضاء جسدك...كيف ستغير هذا القاع البيولوجي؟ كان يمكن ان تكون تونس جنة البلدان اقتصاديا وسياسيا، وتفقد انت اقرب الناس الى قلبك... كل الاحتمالات ممكنة... بعبارة اخرى نصيحتان من صديقة تحبكم: -لا تناقشوا شخصا يؤمن أنك عدو وخصم وشرير ومجرم ومستغل ووو...فكل ما ستقوله له سيؤكد أن ما يتصوره هو حقيقة...دعوا الحياة تقم بدورها... -لا تخافوا وتفزعوا، ولا تسعدوا وتهللوا استنادا الى مستقبل هو مجرد وهم في أذهانكم، اي انه مجرد فكرة... الحياة جميلة، حاولوا التمتع بكل لحظة فيها، بكل نفس، بعيدا عن وهم الأفكار...او وهم الحكاية... أعترف لكم ان اكثر ما يضحكني ان ينعتوني بالمفكرة، لو كانوا يعرفون اني لا اصدق افكاري، وإنما أراها تعبر وتمر كما يعبر كل شيء في الحياة ويمر... مجرد سحب تتراكم وتتراكم...وتحجب النور لمن لا يعرف انه هو النور.