يقوم المواطنون والمواطنات بواجبهم الانتخابي يوم الاحد 6 أكتوبر وذلك لاختيار نوابهم في مجلس النواب الذي بات مصدر الحكم وتقرير المصير، بعدما تخلصت تونس من الحماية والوصاية وتسليم امرها للغير لعقود انتهت بثورة خلصتها من حكم الأقلية التي كانت تزعم انها الاكفأ والأقدر، واتضح ان ذلك لم يكن دائما صحيحا وتعرض الشعب فيها للكذب والتدجيل وأخذت باسمه القرارات الغير الصحيحة. تخلصت تونس اخيرا من كل ذلك ومن العبودية التي لم تعد تتماشى مع الحرية والحق في تقرير المصير مثلما هو سائد في كل بلاد الدنيا التي باتت مزدهرة اقتصاديا واجتماعياً وتنعم بالرفاهية والامن والطمأنينة. سيكون ذلك الاختيار بحرية تامة ولا سلطان لاحد علينا فيه، الا القناعة وتحكيم الضمير واختيار الاقدر والأكفأ لنقدمه علينا. وحتى لا ونقع فيما وقعنا فيه سابقا لما أعطينا أصواتنا لمن خانوا الامانة وتصرفوا في شؤوننا بدون مسؤولية وتلاعبوا بالقضية، فبات بسببهم تونس مقسومة بين تيارات عدة لم نكن نعرفها من قبل، كما باتت مسرحا للسياحة البرلمانية، ويقال ان بعض النواب عنا باتوا يحولون ولاءهم بالمال، واختلف في تقدير ثمن الراس الذي يباع بدون حياء او تقدير للمسؤولية. وبعد هذه المقدمة الطويلة اريد ان أنبه الجميع لخطورة العملية الانتخابية التي نستعد اليها لأنها شهادة حق لا بد ان نتحرى فيها وسنحاسب عليها في هذه الدنيا وفِي يوم القيامة عملا بقوله تعالى في الآية الكريمة: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾البقرة: 283]، اما وقد اشتبهت علينا السبل وباتت الشهادة تباع وتشترى، فكان عليَّ أن أنبهكم الى خطورة شهادة الزور التي هي عند الله من أكبر الكبائر لو كُنتُم لا تعلمون، كنا نتساهل فيها لأننا لم نكن احرارا مضطرين لتفويض امرنا للغير ليقوم مقامنا، وتخلينا عن ذلك الواجب اضطرارا، فتأذينا ودفعنا مقابل ذلك حريتنا وامننا ومصيرنا وبتنا رعايا حتى فرج الله كربنا، ولكننا لم نأخذ الامر بجدية، وتهاونا فيما كان من حقنا، ولم نختر نوابنا بجدية، ولم نحاسبهم، وتكرر الخطأ بالاستقالة، وبتنا مهملين لحقوق من ماتوا من اجلنا شهداء ونسيناهم، فنطلب من الله ان يغفر لنا جميعا. وفِي هذه المرة ستجدون قائمات كثيرة معروضة عليكم ووعودا، ولا يمكن لكم التشطيب على من لا ترتضوهم لأن النظام الانتخابي المعمول به عندنا فاسد، وليس بمباشر كما يزعمون. لذا كان عليكم اختيار الأقل سوءا، وذلك بإسقاط القائمات التي جربنا أصحابها مرات ولم تعد منهم فائدة مرجوة. وعليكم ان تتجنبوا انتخاب الانتهازيين ومن تأكدتم من فسادهم وقلة ادراكهم للمسؤولية وخاصة من عادوا للماضي القريب مثلما عادت حليمة لعادتها القديمة بعدما شعروا ببرود لهيب الثورة التي أنهكتهم وأظهرتهم في حجمهم الحقيقي. انهم لم يغيروا ما بأنفسهم كما امرهم الله فحق فيهم قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11] فعلا إنها عملية صعبة ومعقدة ولكنها لن تصعب عليكم، إذا غلبتم المصلحة العامة وقدرتم ان رئيس الجمهورية المحدود الصلاحيات لا يمكنه اجراء لأي إصلاحات ضرورية بُدون اغلبية مريحة. أما إذا اردتم ان تحافظوا على إيمانكم فإياكم ان تمنحوا أصواتكم لبقايا ذلك الحزب المنحل قضائيا وكل من تولد عنه من احزاب تلونت بألوان دستورية وذلك تضليلا وتغليطا لأصحاب النوايا الطيبة. لقد جربتموهم، ولكيلا تقعوا فيما حذرنا منه الرسول الأكرم محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام في حديثه الشرف المتفق عليه:(لا يُلْدَغُالمؤمنُ من جُحْرٍ مرتين) بذلك أذكركم، والذكرى تنفع المؤمنين والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين