"من يتصور أن تونس رقعة صغيرة لا قيمة لها في الحسابات الدولية وفي صراع المحاور والشبكات واللوبيات، مخطئ جدا. من يتصور أن إسرائيل لا تعبأ بتونس البعيدة عنها كثيرا، لم يفقه شيئا. من يتصور في المقابل أن ديمقراطيتنا شأن داخلي، وأن سياساتنا منتوج تونسي صرف، يجب أن يوسع أفقه قليلا. تونس مزعجة، ليس لثرواتها، أو لموقعها، أو لقدراتها. تونس مزعجة لأنها نموذج، لأن ما حصل فيها منذ ثماني سنوات يهدد الأسلوب الذي تعودت القوى الخارجية أن تسيرِّ به توابعها من الدول، والأسلوب الذي تعودت العائلات والمجموعات والطُّغم الحاكمة أن تدير به حياة شعوبها. من يعتقد في المقابل أن ذلك كاف للشعور بالفخر يجب أن ينتظر قليلا: جزء كبير من معاركنا هنا يحدد في مكان آخر. القوانين، التسميات، القرارات، والانتخابات. هذه ليست مسائل تونسية صِرفة. هي مسائل تمس من مصالح ومن رؤى ومن تصورات في أماكن أخرى، قريبة جدا وبعيدة جدا في آن واحد. الانتخابات فعل سيادي، أرقى قرار سيادي يمكن أن يمارسه شعب في العصر الحديث. المواطن الذي يذهب للاقتراع، هو إما مرسخ للسيادة، وإما مرسخ للتبعية. كذلك سيكون الأمر يوم 6 أكتوبر، ويوم 13 أكتوبر. إسرائيل تهتم بنا كثيرا، وتدفع من مالها وعقلها من أجل إعادة الأمور لما كانت عليه. إسرائيل في عقر سياستنا، وفي عقر انتخاباتنا، وفي عقر دارنا! يكفي أن نعي ذلك، حتى نعرف لأي اسم لا يجب أن نصوت يوم الاقتراع !"