اقول في بداية هذا المقال او هذا التحرير انني كنت متشوقا كالطفل الصغير ومتشوفا التشوف الكبير لمتابعة جلسة اليمين الدستورية التي سنرى ونسمع فيها الأستاذ قيس سعيد الذي انتخبته الأغلبية الشعبية الشبابية لرئاسة الجمهورية التونسية فقد كنت اقول في نفسي واسالها هل اصابت غالبية الشباب عندما اختارت هذا الرجل لرئاسة هذه البلاد؟ لقد كنت اسالها ايضا كيف سيظهر هذا الرئيس الجديد قيس سعيد في مجلس النواب او في البرلمان وقد جاءه الناس من كل جهة ومن كل صوب ومن كل مكان؟ هل سيتكلم بنفس الكلام وبنفس النبرات وبنفس الثقة التي كان يتكلم بها قبيل وبعيد الانتخابات الرئاسية التي سجل اسمه في سجلها التاريخي المحفوظ في هذه البلاد التونسية؟ وهل سيقع في شيء من الارتباك ومن التلعثم وفي شيء من المجاملة وتغيير نوعية الخطاب الذي عرفه به التونسيون وخاصة انصاره الكثيرون المنتمون الى فئة والى شريحة الشباب؟... ولكن سرعان ما توارى وما انقشع الضباب وسرعان ما تبين لي كل شيء وسرعان ما اتضح لي الحال وسرعان ما ادركت الجواب وسرعان ما امسكت بتلابيب الصواب منذ اللحظة الأولى التي تخطى فيها هذا الرئيس باب مجلس النواب اذ لم تتغير ملامحه ولم تتبدل معالم شخصيته المعروفة بالجد والحزم والوقار وهو يتبادل التحية مع الشيخ مورو ويتجاذب معه اطراف الحوار ثم عندما رايته يتقدم الى كرسيه المخصص له في هذه الجلسة بكل هدوء وكل سكينة وهما صفتان وميزتان عرف بهما منذ ظهوره في وسائل الأعلام منذ مدة ليست بالقليلة...ثم وبعد ان احيلت اليه الكلمة التي سيضمنها خطابه المرتقب والذي سيشرح فيه وسيبين من خلاله منهج سياسته لهذا الشعب رايناه قد لفت انظاروادار رقاب وشد انتباه الحاضرين بسلامة وفصاحة خطابه الهادئ الرصين المتين فقد قال ما يجب وما كان يتوقع منه ان يقول في ثبات وحماس لا شك انه اثر في القلوب وانه اقنع العقول فالرجل يقول ويؤكد انه سيحافظ على الدولة مهما كان الثمن وانه سيضرب على ايدي من يريدون العبث بها وان يصيبوها بالضعف وبالوهن كما قال وأكد انه سيحافظ على ممتلكات الشعب وانه سينميها مهما كان الارهاق في سبيل ذلك ومهما كان التعب وانه سيعى الى اعانة الفقراء والمساكين الذين عبثت بحقوقهم طائفة الكاذبين و المنافقين و المفسدين وانه لن ينسى الشهداء الذين قضوا نحبهم في سبيل حفظ كرامة وحرية وبقية حقوق التونسيين كما ذكر وتذكر جهود واتعاب وتضحية اولائك الشباب الذين ناصروه وازروه حتى اوصلوه الى منصب رئاسة الجمهورية في هذه البلاد وجعلوه يتكلم في مجلس النواب وتستمع له الأذان وتلتفت اليه الأنظار وتشرئب نحوه الرقاب...اما عن الحاضرين في تلك الجلسة البرلمانية التاريخية فقد كانوا يتابعون خطابه بكل انتباه وشغف واهتمام وقد بدت على وجوههم او على وجوه اغلبهم مظاهر وملامح الارتياح والاعجاب فضلا عن علامات ومظاهر الاقتناع والاحترام وقد كان في هؤلاء الحاضرين طبعا من سبقوه في تحمل المناصب السياسية ومن ترشحوا معه ومثله الى هذه الانتخابات الرئاسية ولا شك عندي ان جميعهم او على الأقل اغلبهم من العقلاء ومن المنصفين قد اقتنعوا اليوم ان الشباب الذين انتخبوا هذا الرجل واختاروه لمنصب رئاسة التونسيين قد اصابوا اصابة من النوع الرفيع الممتاز المتين ولا شك ايضا انهم قد اقتنعوا ان كل الذين ترشحوا مثله لهذا المنصب الرئاسي الكبير ونافسوه فيه لم يكونوا افضل منه في اي شيء قليل او كثير وان النسبة المائوية التي تحصل عليها من اصوات الناخبين التي تجاوزت السبعين قد نالها هذا الرجل عن استحقاق وعن جدارة جعلت منافسه في الدور الثاني والأخير يقبل بكل ارتياح وتسليم ما حصده في هذا الدور الثاني من الهزيمة امامه ومن الخسارة...كما انني ازيد فاقول ان هذا الرئيس الجديد قيس سعيد قد اعاد الى التونسيين ما فقدوه من النخوة ومن العزة ومن الكرامة بعد استماعهم الى هذا الرجل الذي يريد ان يعيد لتونس ما فقدته سابقا في سنواتها السياسية العجاف الأخيرة في المحافل السياسية العربية والعالمية من مزايا وفخرالقيادة و الريادة و الزعامة فالرجل بكل صراحة ومن غير زيادة او مجاملة قد اظهر للتونسيين ولغيرهم من المتابعين انه ليس مجرد رئيس لبلد محدود صغير فقير بل انه من طينة الزعماء الكبار من امثال الثعالبي وبورقيبة وجمال عبد الناصر والملك فيصل الذين عرفوا واشتهروا انهم من ذوي الشخصيات القوية الرائدة ومن اهل التفكير والمبادرة وحسن التدبير... وقصارى القول الذي يجب ان يقال ان هذا الرئيس التونسي الجديد قد نجح ايما نجاح بعد هذا الأمتحان وهذا الظهوروبعد هذا الخطاب وانه قد جعل التونسيين يستبشرون ويتفاءلون خيرا بعد خطابه التاريخي المشهود من داخل البلاد ومن خارج الحدود وبعد ظهوره في اول يوم له امام الناس وهو يتسلم مفاتيح ويتقلد مقاليد حكم ورئاسة وقيادة هذه البلاد وذلك بعد ان يئس التونسيون منذ سنوات من ايجاد رجل مثله يستحق حقا وفعلا منصب الرئاسة التي كانت قبله اقرب شيء الى الفلكلور والى الابتذال والى التهكم والى.... وليسمح لي القراء ان اترك لهم حرية اتمام فراغ تلك النقاط السوداء واني لواثق من حسن الاتمام وحسن الأداء فهم بلا شك من ذوي الفطنة ومن اهل الذكاء وهل مازال في التونسيين جقا غبي او ركيك او بليد وقد رضي عقلاؤهم بان يكون رئيسهم وقائدهم وزعيمهم رجلا يسمى قيس سعيد؟