تعرض المخرج السينمائي "النوري بوزيد" إلى اعتداء بآلة حادة على رأسه يوم الثلاثاء الماضي قرب المركب الجامعي بتونس العاصمة، وتفاصيل الحادثة كما رواها لنا بوزيد بنفسه، تفيد بأنه كان في ضاحية المنار لقضاء شؤون خاصة وقد التقى مجموعة من الطلبة بالمركب الجامعي قرب قاعة السينما "عليسة" ودار بين النوري بوزيد وهؤلاء الطلبة حوار عفوي حول مواقفه من الشأن العام كان صرح بها في "راديو موزاييك" قبل أيام وخاصة تلك المتصلة باللائكية وكان "النوري بوزيد" - الذي كان ناشطا سياسيا بارزا خلال السبعينات من القرن الماضي في صفوف اليسار التونسي ودخل السجن لسنوات (وفيه كتب ديوانه الشعري"بحارة") وأطرد من التلفزة التونسية بسبب مواقفه السياسية– يشرح موقفه لمحاوريه بأن اللائكية ليست كفرا وبأنها على العكس من ذلك تحمي حرية التدين للمواطن، وأضاف النوري بوزيد بخطاب بسيط "نموت ع الأعياد ونعتبرها حاجة مقدسة، ونحب جو رمضان ولا يمكن للتونسي حضاريا وثقافيا أن يكون إلا مسلما" وفي غفلة منه ومن الطلبة المحيطين به، انهال عليه "مجهول" بأداة حادة على مؤخرة رأسه ولولا رعاية الله -رغم دفاع النوري بوزيد عن اللائكية- لكانت نتيجة الاعتداء أكثر فداحة ذلك أن بوزيد كان يرتدي قبعة على رأسه قلصت من حدة الضربة التي تلقاها... ووسط تعاطف الحاضرين الذين شهدوا الواقعة، انسحب النوري بوزيد بعد كفكفة دمائه ليتنقل إلى الطبيب ليتلقى الإسعافات الضرورية... لمن أشتكي؟ هل تغير البوليس عن العام الماضي؟ فضل النوري بوزيد عدم الالتجاء إلى الطرق القانونية لتتبع المعتدي وبسؤالنا عن دواعي هذا الموقف، كان رده "إلي باش نشكيلو ممكن يكون أسوأ من الذي ظلمني؟ فهل تغير البوليس عما كان عليه العام الماضي مثلا؟" ومهما كان تأويل تصريح بوزيد فإن رفضه "تضخيم الحادثة" موقف يحسب له، فالنوري بوزيد يحسب له دفاعه عن آرائه التقدمية منذ عقود دون تزلف إلى السلطة السياسية. ويعتبر الاعتداء على النوري بوزيد –الذي لا تعرف أسبابه– سابقة خطيرة تعبر في نظر البعض عن ضيق بعض الأطراف في اللعبة السياسية من الرأي المخالف وينسى هؤلاء "الثوريون الجدد" أن اليد التي تمتد لتكميم فم أو للضرب من خلف لا يمكن أن تكون أبدا يد بناء... ويعرف عن النوري بوزيد موقفه الرافض للنموذج الإسلامي في الحكم وقد تعرض فيلمه الأخير "آخر فيلم" المتوج بالتانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية إلى ظاهرة التطرف الديني واستغلال البعض للشباب كقنابل بشرية خدمة لغايات فئوية ضيقة. ولعله من المثير للاستغراب أن لا تبادر التلفزة التونسية -التي تملك حقوق بث هذا الفيلم- ببث الشريط إلى اليوم؟ فقد يفهم عدم إقدامها على هذه الخطوة في ظل "الحكم البنعلي" أما بعد ثورة 14 جانفي فلا شيء يبرر إبقاء "آخر فيلم" رهين أدراج خزينة الأفلام بالتلفزة التي بثت خلال الفترة الماضية "باب العرش" للمختار العجيمي و"كحلوشة" لنجيب بلقاضي دون مقص... وقد طالب النوري بوزيد التلفزة التونسية بإعادة بث شريطه "عرائس الطين" كاملا بعد أن بث سابقا –قبل 14 جانفي- بشيء من التهذيب والتشذيب.. Millefeuilles في الخريف القادم... أما عن فيلمه الطويل القادم "Millefeuilles " الذي تحصل على موافقة لجنة الدعم بوزارة الثقافة بمنحة قدرها 500 ألف دينارا، فقد قام النوري بوزيد بتحيين أحداثه لتكون البداية بمظاهرة شارع بورقيبة يوم 14 جانفي وتنتهي أحداث الفيلم بمظاهرة الدفاع عن اللائكية يوم 19 فيفري الماضي، ويأمل النوري بوزيد أن يشرع في التصوير خلال شهر أكتوبر القادم... ويظل هذا الموعد مؤقتا في انتظار استكمال تمويل الفيلم من طرف منتجه عبد العزيز بن ملوكة باعتبار أن الميزانية تناهز المليار ومائتي ألف دينار، وقد أفادنا منتج الشريط بأنه شرع في جملة من الاتصالات مع عدة أطراف لتوفير ظروف تصوير الفيلم في أفضل الظروف وبأعلى التقنيات جودة... الكاستينغ مؤجل... على الرغم من تردد أسماء كثيرة في كاستينغ النوري بوزيد مثل سهير عمارة وسناء كسوس وحتى النجم المصري محمود حميدة الذي رحب بالعمل مع بوزيد خلال لقائهما السنة الماضية في مهرجان أبو ظبي السينمائي، فإن النوري بوزيد ظل وفيا لعاداته في التكتم على أسماء الممثلين إلى آخر لحظة.. وقد علمنا أن بعض الأطراف اقترحت على بوزيد التفكير في الممثلتين التونسيتين المقيمتين بالمشرق فريال قراجة (مصر) وهدى صلاح(دبي)... سينماتاك باريس تكرم النوري بوزيد... بعد تكريمه في ميلانو الشهر الماضي تأكدت دعوة النوري بوزيد من طرف سينماتاك باريس خلال الفترة من 6 إلى 25 جويلية 2011 بمناسبة عرض أفلام النوري بوزيد القصيرة والطويلة وحتى تلك التي ساهم في كتابتها كسيناريست مثل "عصفور سطح" و"صمت القصور" و"موسم الرجال"... ويذكر ان المركز الثقافي الإسباني عرض الاثنين الماضي شريط "صفايح ذهب" للنوري بوزيد الذي شارك أيضا في حوار حول موضوع "السجن" بالمركز الثقافي الإسباني قبل يومين...