بقلم مرشد السماوي : جماهير و مسؤولين سابقين منقسمين بين مؤيد و معارض لقرارات الهيئة التسييرية الحالية للنادي الصفاقسي    الكاف: تزويد السوق البلدي بلحم الضأن بسعر تفاضلي ب40 دينارًا للكلغ    أين وصلت أشغال القسطين 2 و3 من مشروع المدخل الجنوبي للعاصمة؟    تأجيل إضراب بطاحات جزيرة جربة إلى هذا الموعد    همس الموج: شاطئ «الباجية» بطبرقة.. متعة المياه الهادئة    أخبار الملعب التونسي : مطالبة بصافرة أجنبية لنهائي «السوبر» وتحذيرات للعياري    بطولة العالم للألعاب المائية ..التونسي أحمد الجوّادي يحرز ذهبية سباق 800 متر سباحة حرة    مونديال الاصاغر للكرة الطائرة .. هزيمة غريبة أمام تركيا وتخوفات كبيرة من المرتبة الاخيرة    بضيعة فلاحية ببنزرت: حجز 48 ألف قارورة مياه معدنية مخزّنة في ظروف غير صحيّة    المواطن تائه و«التاكسي واللواج» ينتعشان: إضراب النقل يشلّ العاصمة والجهات    سهرة فلكية بمدينة العلوم    طبرقة - عين دراهم : وجهة فريدة تجمع بين سياحة الاستجمام وصقل المواهب الرياضية    النادي الافريقي يتعاقد مع الليبي اسامة الشريمي الى غاية جوان 2027    عاجل/ فاجعة في الطريق الرابطة بين القصرين وسيدي بوزيد..وهذه حصيلة الضحايا..    باجة: اندلاع حريق في جبل عين جمال    الشيا: الحبة الصغيرة التي قد تحارب الكوليسترول وضغط الدم    عاجل: البنك المركزي يُبقي على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير    وزيرة الصناعة تدعو الى مزيد التنسيق لتنفيذ مشروع المدنية الذكية للسيارات في ظل تزايد طلبات الاستثمار في هذا القطاع    البنك المركزي يبقي على نسبة الفائدة في مستوى 7,50 بالمائة    هيثم الجويني يعزز صفوف فريق القوة الجوية الرياضي العراقي    نجاح أربع عمليات زرع أعضاء من متبرع واحد في حالة موت دماغي    سيدي بوزيد: وفاة 5 أشخاص واصابة 4 آخرين في حادث مرور    سليانة: المصادقة على المخطط الجهوي للتنمية 2026 - 2030    احتجاز الناشط التونسي حاتم العويني ورفاقه في سفينة "حنظلة": نقابة الصحفيين تدعو الى فرض عقوبات دولية على الكيان الصهيوني..    عاجل/ السجن لمحاسب بشركة استولى على أموال عمومية..وهذه التفاصيل..    مهرجان مكثر الدولي: تسع سهرات فنية من 10 إلى 17 أوت القادم    المنستير: خمسة عروض فنية متنوعة في الدورة 38 لمهرجان سيدي سالم ببني حسان    انفجار مصنع ألعاب نارية يودي بحياة 9 أشخاص في تايلاند    باجة: صابة هامة من الاعلاف الخشنة ودعوة للمحافظة على المخزونات تحسبا من التغيرات المناخية    عاجل/ من بينهم التونسي حاتم العويني: هذا ما قرره الاحتلال في حق نشطاء سفينة "حنظلة"..    15 سنة سجناً لمروّج مخدرات بجهة البحر الأزرق    بايرن ميونيخ يتعاقد مع الكولومبي لويس دياز حتى 2029    اضراب جامعة النقل...شلل تام في جميع المحطات    اليوم العالمي للصداقة: شكون صاحبك بالحق؟ وكيفاش تميّز الصحبة الصحيحة من المزيّفة؟    أعوان شركة السكك الحديدية يُهدّدون بالإضراب    بريطانيا ترد على اتهامها ب"مكافأة" حماس    باحثة تونسية تُكرَّم على منصّتها الذكية لمواجهة العوامل الممرضة    أحلام تُخاطب التونسيين: قرطاج بوابة مروري الفني...انتظروني بكل حبّ وشوق    من هو ''الشامي'' اللّي عامل حالة في تونس؟    أكثر من 1300 جواز سفر في أقل من شهرين: تسهيلات جديدة للتوانسة بالخارج!    يا توانسة: طقس الويكاند موش كيف العادة!    محرز الغنوشي: ''السباحة ممكنة بالسواحل الشرقية ولا ننصح بها بالشمال''    بشرى لمرضى الزهايمر...تعرف عليها    في بالك فما علامة أثناء النوم تنذر بخطر صحي...دراسة تكشف    حضور جماهيري واسع في حفلة "الشامي" والسوق السوداء تنغص الفرحة    اسرائيل تستهدف طوابير الجوعى وتسقط شهداء وجرحى    "الشامي" يشعل ركح مهرجان الحمامات في أول ظهور له بتونس    عاجل: انطلاق خدمة التوجيه الجامعي عبر ال SMS بداية من اليوم    تنبيه/ رياح قوية وبحر مضطرب اليوم..#خبر_عاجل    عاجل/ زلزال قوي يضرب هذه المنطقة..ودول تعلن حالة الطوارئ وتتأهّب لتسونامي..    مبابي يرتدي القميص رقم 10 في ريال مدريد بعد رحيل مودريتش    وفاة الفنان المصري لطفي لبيب    تاريخ الخيانات السياسية (30)...تمرّد المبرقع اليماني بفلسطين    تحذير: الحزن الشديد قد يؤدي إلى الوفاة المبكرة..    تاريخ الخيانات السياسية (29) خيانة القائد أفشين للمعتصم    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القديدي يكتب لكم : المجاهد العربي الذي حوكم بالإعدام ثلاث مرات و مات مدهوسا بسيارة!
نشر في الصريح يوم 14 - 12 - 2019

عرفته شخصيا في شهر مارس آذار 1973 حين عاد إلى وطنه و وطني تونس بعد رحلة من رحلات عذابه الطويل و حين وقع الرئيس بورقيبة عفوا رئاسيا يلغي الحكم بالإعدام الصادر ضده في 1957. انه المجاهد التونسي العربي عمنا حسين التريكي رحمة الله عليه. و كانت تربطني في ذلك العهد صداقة طيبة بنجله عمر الموظف بوزارة الإعلام و الذي حرم من والده سنوات حين كان المناضل الكبير حسين التريكي ممثلا لجامعة الدول العربية في الأرجنتين و عموم أمريكا اللاتينية. و قصة العم حسين من أغرب قصص الكفاح من أجل التحرير في تونس و في فلسطين و آخر مرة قابلته فيها كانت حين زار الدوحة فأعدت معه تحريك رماد الذاكرة القوية أستزيد من حكمته و تجارب حياته. و إني سعدت جدا بالمبادرة التي يقوم بها نجل أخيه محمد فوزي التريكي لإعادة تصحيح التاريخ ومؤسسة التميمي حيث نظمت ندوة علمية تكلم خلالها المناضل الكبير حسين التريكي أمام جيل المؤرخين الشبان. و شيخ المجاهدين العرب ظاهرة حقيقية نادرة في تاريخ الكفاح المعاصر حيث أنه حوكم بالإعدام في محاكم الاستعمار الفرنسي عام 1947 لنشاطه المسلح من أجل التحرير ضمن فصائل المقاومة التابعة للحزب الدستوري بقيادة الزعيم بورقيبة و كان مكلفا بمهمة سرية تتمثل في توفير المتفجرات و تصنيع المفرقعات حتى تتمكن المقاومة من القيام بأعمال فدائية ضد غلاة الاستعمار. و حين اقترب موعد الاستقلال و النصر ابتعد التريكي عن بورقيبة و اقترب من منافسه على الزعامة صالح بن يوسف و دخل في حركة عروبية متأثرة بالثورة الناصرية والقومية العربية و انحاز للجناح المشرقي للحركة الدستورية التونسية وربط الصلة مع المقاومة الجزائرية بل و عين عضوا ضمن الوفد الجزائري المفاوض لفرنسا برئاسة رئيس الجمهورية الجزائرية المؤقتة فرحات عباس. وفرحات عباس رحمه الله هو نفسه الذي حدثني شخصيا عن تلك المرحلة من الكفاح و عن الدور الفعال الذي قام به حسين التريكي و تونسيون آخرون صلب الثورة الجزائرية و كنت أتردد على بيت طيب الذكر فرحات عباس في مدينة نيس الفرنسية بعد رحيله عن الجزائر و كان ذلك عام1978 بواسطة صديقه و صديقي الفرنسي الجزائري جيلبار كورنتو. ثم استقلت تونس وأصبح بورقيبة أول رئيس جمهورية فيها ونصب المحاكم الجائرة لتصفية منافسيه والانتقام منهم ومن العائلة المالكة فنال حسين التريكي حكما بالإعدام عام 1957 و فر هاربا إلى ليبيا مشيا على الأقدام في الصحراء في نوفمبر من نفس العام حتى بلغ القاهرة التي كان له فيها أصدقاء من أيام تأسيس مكتب المغرب العربي في الأربعينات. و في مصر احتضنته الجامعة العربية و عينه أمينها العام عبد الخالق حسونة مندوب الجامعة في أمريكا اللاتينية و طار إلى (بيونس أيرس) حيث أنجز أعمالا مشرفة في التعريف بالقضية الفلسطينية و مقاومة الدعاية الصهيونية ونشر عدة كتب و صحف باللغة الأسبانية سرت في القارة الجنوبية لأمريكا مسرى النار في الهشيم و فضحت الاحتلال الإسرائيلي و ربط التريكي علاقات بالأوساط الدبلوماسية العاملة في الأرجنتين إلى درجة أن المخابرات الإسرائيلية حكمت عليه بالإعدام وحاولت تنفيذ الحكم مرات عديدة في عدة بقاع من أمريكا الجنوبية و فشلت و عاش حسين التريكي بعد هذا الحكم الثالث بالإعدام. كان التريكي مؤمنا بأن قضية تحرير تونس من الاستعمار لا يمكن أن تنفصل عن قضية تحرير الجزائر و المغرب و فلسطين و بأن العرب قوة عظمى إذا توحدوا وكان هذا هو وجه الخلاف مع بورقيبة الذي كان يدعو إلى انتهاج سياسة خذ و طالب. هذه بعض مقتطفات من حياة الرجل الذي بدأ حياة الكفاح عندما كان في الخامسة عشرة من عمره أي عاشر76 عاما من المقاومة وكان يسمي نفسه إلى يوم وفاته مقاوما ما دامت فلسطين لم تتحرر و تؤسس دولة مستقلة و ما دام العرب لم يوحدوا الصفوف و لم يجمعوا كلمتهم. لا أخفيكم أنني إلى اليوم لا أزال متعجبا كيف لم تتصل القنوات الفضائية العربية بشيخ المجاهدين ليكون على الأقل شاهدا على العصر و قد عاش قرنا من الكفاح وكيف لم تتحرك أية حكومة عربية لتكريمه و كيف لم يفكر أي قسم للتاريخ في أية جامعة عربية لاستقدام هذا المنجم الحي من التاريخ بل و كيف أهملت جامعة الدول العربية ممثلها القديم في نصف القارة الأمريكية ؟ و الأهم من هذا كله كيف لم يسأل بعض ولاة أمورنا في تونس عن وضع حسين التريكي و كيف عاش و هل كان يتقاضى راتبا و هل لديه المال ليتعالج وهو الرجل المتعفف الذي لا يشكو و لا يمد يده لأحد. قبل وفاته رحمه الله سلمني ملف شقته الصغيرة في (بيونس أيرس) المهددة بالبيع من قبل البنك لأن عم حسين تأخر ثلاثة أشهرعن تسديد القرض! فتصرفت شخصيا بما يقتضيه ضميري في بلاد عربية غير تونس و لكن القدر كان أسرع لأن هذا البطل المجهول دهسته سيارة في أحد شوارع (بيونس أيرس) إن غياب القيم الأخلاقية في العالم العربي أمر يستحق وحده الدرس و التقييم و إن لله الأمر من قبل و من بعد !

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.