مجال السياسة الذي يتحرك صلبه سياسيون من طينة البشر لا يخلو كما هو حال جميع العلاقات الانسانية فيما بينها ،من أحقاد و انفعالات و كره و محبة و فرح و حزن و غيرها من الأضداد . أن اصرار النهضة على تشريك قلب تونس على وجه الخصوص في الحكومة القادمة ، و ان كان من أجل فرض الحركة لوجودها كحزب أول و مقرر في الساحة السياسية لا يقبل التدخلات الفوقية حتى لو صدرت من رئيس الجمهورية ،و ان كان في نفس الوقت وفاءا و دفاعا عمن صوت لراشد الغنوشي حتى يترؤس البرلمان ، و ان كان لغاية ضمان أوفر حظوظ نجاح عبر أوسع حزام سياسي ممكن للحكومة القادمة ، فانه كذلك ، تأكيد آخر على تدني كبير في مستويات الثقة بين النهضة من جهة و بين حركة الشعب و التيار الديموقراطي من جهة أخرى ، جعل التعايش بينهم لوحدهم تحت سقف واحد شبه مستحيل . على كل حال ، فحركة النهضة الغنوشية البرغماتية ، لم تجاهر بمعارضتها خيار قيس سعيد لرئيس الحكومة المكلف مع حزمة التعليمات التي تلقاها ،و لم تعبر صراحة عن رفضها لما وقع من تهميش و تجاهل لاراء كبرى أحزاب و كتل البرلمان ، بل و في حركة رشيقة في المكان و الزمان المناسبان ، اعلمت الفخفاخ برفضها لأي شكل من أشكال الاقصاء حتى وصل الأمر بأحد نوابها ألا و هو السيد الفرجاني ، أن يطلب من الدستوري الحر المشاركة في الحكومة ، لتسجل نقاطا اضافية في رصيدها الشعبي كحركة منفتحة و متسامحة تغلب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية الضيقة . الغنوشي هاته المرة ، ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ، و أنا شخصيا من عشاق النقشات و "التشكيبات" السياسية و ان صدرت من حزب أعارض مرجعيته الفكرية و السياسية منذ سنين خلت . النهضة و بعبارتنا العامية تركت الفخفاخ " لا يقدم ، لا يوخر " و لو كان الأمر متعلقا بمباراة كرة قدم ، لربما حصل التواء في ظهر اللاعب المقابل من قوة المراوغة . و حتى لو افترضنا تنازل الفخفاخ و رضوخه لشرط النهضة ، فستخرج الأخيرة كأكبر مستفيد ، بما أنها سترجع حركة الشعب و التيار لأحجامهما الحقيقية صلب الحكومة و ستكون قد وجهت رسالة مضمونة الوصول لرئيس الجمهورية قيس سعيد مفادها : النهضة لا تهمش و هي التي تقرر . ناشط سياسي مستقل