زرت مرّة صديقا لي يعمل قابضا ( مدير مكتب الضرائب) بإحدى ضواحي العاصمة في مكتبه. وكان أوّل ما شدّ انتباهي ذلك الإطار الجميل الذي يتضمّن الآية الكريمة:" وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين". ولم تمض على جلوسي إليه بضعة دقائق حتى دخل عليه بعض الموظّفين يستأذنه في تلبية رغبة مواطن في تأجيل دفع ما عليه من دين مستوجب لعدم قدرته على الدفع فأجابه بلهجة الآمر أن لا مجال للتأجيل، إما أن يدفع أو أغلقوا له المحلّ.. وما كانت تمضي فترة قصيرة من الوقت إلا ودخل علينا موظّف حاملا ملفّا وهو يستأذنه لواحد من الخلق في تأجيل ما عليه من دين.. وكانت إجابة صديقي في كل مرّة بالرفض والتهديد..إما أن يدفع أو أغلقوا له المحلّ...فقلت له على وجه الدعابة إني لم يسبق لي أن رأيت نقيضين اجتمعا في محلّ واحد كاجتماعك أنت وهذه الآية الكريمة المكتوبة بحروف ذهبيّة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. وأحسب أن وزارة المالية لواطلعت على أمرك لأرسلت إليك مكتوب شكر وتحفيز تختمه بقولها وما أرسلناك إلا نقمة للعالمين.. ولو فكّرتُ يوما في أن أهديك شيئا توشّح به صدر مكتبك الأنيق لأهديتك إطارا يحمل قوله تعالى: "إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".. وقمت من عنده وهو يكاد يتميّز من الغيظ.