لقد تكلم وصرح احد العرافين التونسيين المشهورين الذين كان التونسيون يسمونهم بالدقازة في قديم السنين والذي اصبح بين عشية وضحاها وفي غفلة من الزمان قبلة ومقصد الصحفيين في كل ان وفي كل حين والذي اصبح ايضا موضع ترحاب وتقديرفي الاذاعة وفي التلفزيون وحيثما حط به الترحال وتوقف به المسير... اقول لقد تكلم وصرح وطمأن الترجيين فقال بكل ثقة واعتداد وهوعلى يقين ان فريقهم سيتعب وسيغصر وسيعصر في مقابلة الزمالك المسماة بمقابلة السوبار الكبير والتي انتظرها وارتقبتها الجماهير ولكنه سينتصر وسيفوز في النهاية وفي الأخير وسيجلب لنفسه ولجماهيره الاعجاب والانبهار والتقدير ... ولكن الذي حصل والذي وقع ان دقازة سي الدقاز او سي العراف ظهرت وطلعت مخطئة وغالطة بل معكوسة مقلوبة وان فريق الترجي قد انقاد مرة اخرى كمثل ما انقاد في مثل هذا النوع من الرهانات الفارطة الى هزيمة جديدة شنيعة بل تخبط وبقبق في فضيحة كروية ماسطة كما يقول التونسيون ولاسطة ولولا الطاف الله لكانت نتيجة اللقاء اكثر من قبول الترجي لثلاثة اهداف جميلة كاملة نظيفة جعلت انصاره يغضبون ويتحسرون ولكنهم حمدوا الله على هذه السقطة او هذه اللطخة الجلدية الخفيفة فهل سيتذكر الصحفيون دقازة هذا الدقاز المشهورالمقلوبة الغالطة وهل سيكفوا عن التهافت عليه واستشارته في كل شان وفي كل شاردة وواردة ...وكم يؤسف العقلاء حقا انهم تجاوزوا استشارة هذا العراف او هذا الدقاز في نتائج وفي مصيرالماقبلات الرياضية بل اصبحوا وخاصة في مناسبة راس كل سنة ميلادية يسالونه عن مستقبل وعن مصير تونس في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى عن مصير العالم بل مصيركامل الكرة الأرضية ولكم قلت في نفسي رضى الله على التلفزة وعن الاذاعة التونسية في الزمن الماضي الجميل التي لم تكن يوما تسال العرافينلا او الدقازين عن مستقبل وعن مصير تونس رغم ما مر بها من ازمات ومن هزات من النوع الكثير وليست من النوع القليل... وعلى كل حال فاني اذكر هذا العراف او هذا الدقاز وهؤلاء الصحفيين وجميع التونسيين المولعين منهم ببرامج الدقازة والكهان والعرافين بشيء مما جاء في بائية الشاعر الكبير ابي تمام الذي ابدع في استنباط هذه القصيدة الرائعة التي يرد فيها على المنجمين وعلى العرافة وعلى الدقازين و يعاتب من يتهافتون عليهم لمعرفة المغيب عنهم و المكتوب لهم على الجبين والمسطر لهم في الأزل في اللوح المحفوظ عند الله عز وجل رب العالمين الذي نهى عن هذا الصنيع فقال قولا من صدقه وامن به فانه لا ينخدع ولا يتيه ولا يضل ولا يضيع في اي مقصد وفي اي اتجاه (قل لا يعلم من في السماوت و الأرض الغيب الا الله) وقوله تعالى الذي لالاه الا هو(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو) فاذا كان الغيب عند الله وحده وهو مخبا عنده وقد اقفل عليه بالمفاتح او بالمفاتيح فكيف يدعي او يصدق عاقل ان هناك عرافا او دقازا قادر على ولوج هذا الغيب وعلى العثور على هذه المفاتح وان يعلم ويعلمنا من الخاسر ومن المنهزم ومن الفائز ومن والرابح؟ اما عن صاحبنا وعن شاعرنا ابي تمام فقد قال في اسلوب استنكاري يعرفه ويفهمه من يعرفون ومن يفهمون لغة العرب بعد ان نظر وبعد ان تامل وبعد ان تدبرهذا الكلام الرباني بدقة وامعان و توصل بعقله و بحسن وبسلامة دينه وعقيدته الى انكار ما جاء في كلام وفي كتب العرافين والمنجمين او الدقازة من الأخطاء ومن الأغلاط ومن التدجيل ومن الكذب اين الرواية بل اين النجوم وما صاغوه من زخرف فيها ومن كذب تخرصا واحاديث ملفقة ليست بنبع اذا عدت ولا غرب فليت العرافين والمنجمين والدقازة يكفون و يتركون النجوم والكواكب تدور وتسبح في افلاكها وليتهم لا يربطون ولا يتعسفون ولا يستدلون بها على التكهن بما سيقع في حياة الناس من شؤونها ومن احوالها وليتهم يعتقدون ويصدقون ان هذه النجوم قد خلقها الله لغايات اخرى غير التنجيم وغي الدقازة وغير الكهانة فقال في كتابه المكنون( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)