لئن درج إخواننا المتحدثون والمحللون وخاصة منهم السياسيون على التفريق بين حال الرؤساء والملوك بقولهم إن الرؤساء لا يتمتعون بمثل ما يتمتع به الملوك من الأموال والقصور ولا يرتعون مثلهم في ما يريدون وما يشتهون لأنهم مراقبون ومحاسبون فاني لم اعد أوافقهم في ما يقولون ولا ما يدعون بعد ما رأينا من حال رؤسائنا العرب ما احتارت له العقول وتجمدت لرؤيته العيون وأخر ما اثبت عندي الشكوك في اختلاف حال رؤسائنا عن حال الملوك هو ما جاءنا من إنباء الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي ادعى طويلا وعريضا انه يخوض ضد الفقر والخصاصة في بلاده أم المعارك وإذا بأخر التقارير الطبية المتعلقة بصحته تثبت إصابته بمرض النقرس المعروف علميا باسم (داء الملوك )والذي يصاب به كما يدل عليه اسمه الملوك خاصة والأثرياء عامة وهو ناتج عن الإسراف في تناول اللحوم الحمراء ذات الشحوم البيضاء والصفراء. ولا شك إن إكثار هؤلاء الملوك المتخمين من أكل اللحوم في كل آن وحين ورؤية شعوبهم تعاني الفقر والحرمان والجوع السافر المبين يدل دلالة واضحة على نفاقهم وزورهم وبهتانهم وهم يدعون في خطبهم وبيانهم إنهم يشعرون بحال المساكين والفقراء ويعملون لإشباعهم في الصبح والمساء وها آن التحاليل الطبية والحمد لله قد كشفت حقيقة أمرهم وباطن سرهم وبينت بالدليل أنهم لا يفكرون في ما يسدون به رمق السائل والمحروم بل يفكرون فقط في ملء بطونهم بشتى أنواع اللحوم والشحوم و يجهلون أو يتجاهلون أنهم يملؤون بطونهم المتخمة على حساب بطون الجائعين والمحرومين من المسلمين وغفلوا او تغافلوا عن قول ربنا الحي القيوم (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )الذاريات 19 وعليه فإذا أردنا آن نعرف في قادم الأيام والأعوام صدق ما يقوله رؤساؤنا وما يصرحون به من الكلام كالعطف على الفقراء والمحرومين والضعفاء والمساكين والأرامل والأيتام فما علينا إلا آن نعرضهم على هذا النوع من التحليل حتى تثبت لنا حقيقة كلامهم بالحجة وقاطع الدليل. وما دمنا في بلادنا التونسية نستعد بعد ثورتنا المباركة الشعبية لإرساء دستور جديد رشيد فاني اقترح اقتراحا أراه من النوع المجدي والمفيد يتمثل في إدراج فصل في هذا الدستور ينص بواضح العبارة وبظاهر وباطن ما فيه من سطور على وجوب إخضاع الرؤساء المنتخبين ونواب الشعب المحترمين كل سنة أو سنتين او على الأقل كل ثلاث سنين إلى اختبار طبي يثبت مدى سلامتهم أو إصابتهم لا قدر الله بمرض الملوك فان كانوا منه سالمين فهم عندنا وعند الله من الرؤساء والنواب الأوفياء المخلصين الفائزين في الدنيا والدين وان ثبت لدينا أنهم به من المصابين فهم عندنا من الخائنين (المستكرشين) على حساب المحرومين والمساكين فلا بد من محاسبتهم الحساب العسير والله بكل شيء بصير واليه المنتهى و إليه المصير. وما أحسن أن نتذكر جميعا في كل آن وحين ما انزل الله في كتابه المبين وجعل فيه هدى وموعظة وذكرى للعالمين (يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين )الأعراف 31 .