موفى أفريل: تسجيل فائض بالميزان التجاري الغذائي بقيمة 1.350 مليار دينار    وزير الرياضة يعلن عن قرار هام..#خبر_عاجل    قفصة: تسجيل رجة أرضية بالسند    مجلس عمداء المحامين يدعو رئيس الجمهورية إلى اتخاذ اجراءات    الترجي والإفريقي في نهائي بطولة تونس لكرة اليد    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    الإعلان عن تركيبة الإدارة الوطنية للتحكيم    عاجل : منحرف خطير يروع المارة في قبضة أمن الملاسين    في ذكرى النكبة: تونس تجدّد دعمها اللامشروط للشعب الفلسطيني    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    يشكّل تهديدا للنمّو.. الصين تسجّل فائضا قياسيّا بملايين المساكن    الكشف عن شبكات إتّجار بالمواد المخدّرة تنشط بولايات تونس الكبرى    قابس : عدد أضاحي العيد غير كاف والحل في التوريد    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    بسبب لقطة غير لائقة من الجمهور في مباراة الترجي والنجم: التلفزة التونسية تفتح تحقيق..    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو يتعرّض لإطلاق نار بعد اجتماع الحكومة    نابل: الفلاحون المنتجون للطماطم يطالبون بتدخل السلط وجبر الأضرار جراء تضرر الصابة    القصر: وقفة احتجاجية على خلفيّة حادث وفاة تلميذتين    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    فاجعة: جريمة قتل شنيعة تهز هذه المنطقة..    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    وزير الفلاحة يعرب عن إعجابه بصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    عاجل/ متابعة: هذه التهم الموجهة لبرهان بسيس والزغيدي والعقوبة التي تنتظرهما..!!    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    ينتحل صفة موظف للداخلية و يجمع التبرعات لفائدة شهداء المؤسسة الأمنية ...ما القصة ؟    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    الترجي الرياضي: تواصل التحضيرات .. وكاردوزو يفرض "الويكلو"    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة إيابا من مرحلة تفادي النزول    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    أصحاب المخابز يُطالبون بصرف مستحقّاتهم لدى الدولة    في مسابقة طريفة بصفاقس.. صناع الخبز يتنافسون على نيل شرف أفضل صانع خبز !    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من محمد البوعزيزي إلى فادية الحمدي..
نشر في الصريح يوم 24 - 04 - 2011


إلى ابنة بلدي : فادية :
لقد فضلت أن أكتب رسالتي هذه إليك.. بعد أن تم إطلاق سراحك.. ولقد فعلت ذلك متعمدا.. حتى لا تمثل هذه الرسالة.. محاولة مني للتدخل في شؤون القضاء.. أو للتأثير على سير عمله..
إلى فادية: أود في البداية.. أن أحيي قضاءنا النزيه.. وأن أشد على أيادي رجاله الشرفاء.. والذين أصدروا حكمهم العادل في شأنك دون التأثر.. بهذه الموجات العنيفة التي تهز الشارع عندكم.. وهي موجات.. قد حاول أصحابها تحملك المسؤولية المطلقة فيها أقدمت على فعله بنفسي.. وحاولوا الزج بك في أتون المجرمين والخونة.. وكأنك المسؤولة الأولى عن كل «اللي صار في عهد الخراب والدمار».
إلى فادية: قد تتعجبين.. وقد يتعجب الذين يطالعون هذه الرسالة.. ولعلكم قد تقولون في قرارة أنفسكم: هل يعقل أن يتوجه الضحية برسالة إلى جلاده.. ولماذا يتوجه بها إليه..
الحقيقة يا ابنة بلدي.. أنني لا أعتبرك كذلك.. ولم أدع يوما أنك تمثلين جلادي الحقيقي..
صحيح أن البعض قد رسموا لك هذه الصورة.. وقد نجحوا في تحويلك إلى «دراغيلا» بل إنهم قد حاولوا أم يمسحوا في صورتك كل أدران العهد الماضي وكل سيئاته وكل أخطائه وكل النجاحات التي كانت تغطيه وصحيح أن هذا قد آلمك.. لكن تأكدي أنه قد آلمني بدوري.. وقد حز في نفسي..
يا فادية يا ابنة بلدي: لا أنكر.. أن خصومتي معك.. قد أثرت على معنوياتي.. وقد زادت من تشنجي.. ومن نقمتي.. ولا أنكر.. أن هذا قد دفع بي في ذلك اليوم.. للتعبير عن غضبي بشتى الوسائل والطرق.. ولا أنكر كذلك أن موقفك المتصلب في ذلك اليوم.. وفي تلك الساعة.. وحتى في الأيام وفي الساعات الأخرى.. السابقة.. قد زاد في تهييج أحوالي إلا أنني لم أفعل ما فعلته بنفسي بسببه..
أما لماذا أقدمت على فعله.. فلأنني واحد.. من الآلاف.. بل من الملايين.. ممن عاشوا الظلم.. وقاسوا من شدته.. وظلوا وعلى مدى الربع القرن الماضي يتجرعون مرارة الحرمان.. والقسوة والقهر..
أنا يا فادية.. واحد من هؤلاء.. لأنني زوالي.. ولأنني «عياش» ولأنني مطالب بتعويل عائلة وبتوفير الخبز لأفرادها.. ولأنني واحد من أبناء الشعب الكريم.. ولأنني قد كنت شاهدا.. على فساد عهد.. لم يسلم من شره.. غير المقربون منه ومن أزلامه.. ومن زبانيته.. ولأنني قد عرفت مثل الآلاف بل الملايين من أمثالي «الحقرة» والتهميش ولأنني قد ظللت أسمع حكايات غريبة عن العصابات التي تنجح في نهب خيرات بلدي وتنهش لحم شعبه.. ولأنني قد عجزت عن مقاومة هذه العصابات أو حتى على التعبير عن موقفي منها..
إلى فادية :
أشهد أنك لست الجلاد.. وأشهد أنني لست ضحيتك.. وأشهد وأنني وأنت مثل البعض من الضحايا الحقيقيين.. لذلك العهد.. البائد.. قد يبدو كلامي غريبا.. وقد لا يعجب البعض.. لكنني أقوله.. لأنني اعتبره حقيقة.. ولأنه يخرج من أعماقي..
أنت يا فادية ضحية مثلي.. لأنك من «المزمرين» الذين أنتمي وتنتمين لهم.. ولأنك واحدة من أبناء هذا الشعب الكريم.. ولأنك تغادرين فراشك مع مطلع كل يوم.. وتلبسين الزي الرسمي.. لتخرجين إلى الشارع من أجل مطاردتي.. ومن أجل مطاردة المزمرين من أمثالي ومن أمثالك.. حتى تمنعينهم من الانتصاب.. ومن تلقيط خبزتهم..
لم يكن من حقك فعل غير هذا.. ولم يكن من حقك قول لا.. ورفعها في وجه أعرافك..
ولم يكن من حقك مخالفة الأوامر والتعليمات.. ولم يكن من حقك التعبير عن رأيك.. أو حتى التصرف بما تمليه عليك عواطفك وأحاسيسك..
أتصور أنك قد حاولتي يوما فعل هذا.. وأتصور أنك قد كنت تعودين إلى بيتك منهوكة.. ولعلك قد كنت تعترفين لمن فيه.. بظلمك لمحمد البوعزيزي.. ولأمثال محمد البوعزيزي.. وأدعي أنك قد كنت تتبرمين من ذلك.. ولعلك قد كنت تقولين في قرارة نفسك: ينعلبو هالخدمة الكلبة.. أكثر من هذا.. فلعلك قد فكرت يوما.. في التوجه مباشرة إلى مكتب عرفك.. لترمين في وجهه ورقة استقالتك.. ولتؤكدين له.. أنك «ماكش بنت حرام» ولا قطاعة أرزاق.. حتى تقتاتين من ظلمك للآخرين..
كل هذا أدركه.. يا فادية.. وأتصوره.. لكنني أعرف حالك.. وأدرك أنك عاجزة عن فعل ما كنت ترغبين فيه.. لأنك مزمرة مثلي ولأنك عيّاشة.. ولأنك بحاجة.. «للأربعة فرنك» متاع الحاكم.. حتي تعيشين مثل سائر خلق الله.. وحتى لا تمدين يدك لغيرك وحتى لا تجوعين.. في زمن لم تعد الحرّة فيه قادرة على أن تجوع دون أن تسعى للأكل.. بكل ما فيها وبكل ما لديها..
صحيح أن «الزوز صوردي» التي كنت تقبضينها مع مطلع كل شهر.. لم يكن مقدارها يتجاوز.. أقل بوربوار.. يدفعه أصغر فرد من الطرابلسية في أقصر قعدة.. مع أصغر صديقة من صديقاته.. وصحيح أن ما كنت تقبضينه من عملك.. في عام.. كامل.. لم يكن يكفي لاطعام كلب من كلابهم.. لمدة يوم واحد.. لكنه قد كان يمثل بالنسبة لك «شهرية» قارّة.. ومسمار في حيط.. وأداة.. تضمن لك على الأقل العيش.. وتمكنك من مواصلة الحياة..
إلى فادية: بلغي الذين حاولوا.. التدخل بيني وبينك.. من أجل إظهارك في صورة الجلاد.. وإظهاري في صورة الضحية.. بأننا نمثل معا.. الضحايا الحقيقيين.. للجلادين الحقيقيين..
وقولي لهم يا فادية.. أن محمد البوعزيزي.. لا يحمل ضدك الضغينة ولا البغض.. وأعلميهم.. أنه قد ضحى بحياته.. من أجل تونس ومن أجل كل أبنائها.. وأكدي لهم أنه قد حرق نفسه.. ليس هروبا.. ولا انتقاما من فادية حمدي.. ولا من شرها.. بل إنه قد فعل ما فعل حتى يتحرر الناس.. كل الناس.. وحتى تتحرر معهم فادية.. وحتى تتخلص من معاناتها.. ومن مآسيها المتعددة.. وحتى تنعم بحقها في العيش الكريم.. وحتى لا تظل هي ومثيلاتها وأمثالها عبادا.. لنزوات السراق.. وناهبي الثروات.. وأدوات يستعملها هؤلاء من أجل ممارسة سياساتهم الظالمة..
يا فادية : قولي لكل الناس.. أن روح البوعزيزي.. أمانة في أعناقكم.. وأنها ترقبكم.. ولا تريد لكم الدخول في المهاترات.. وفي تصفية الحسابات..
بلغي هؤلاء يا فادية.. أن روح محمد البوعزيزي تدعوكم اليوم.. لدعم التضامن وللالتفاف حول مطالبكم الشرعية.. وتدعوكم للوقوف ضد أعدائكم الحقيقيين.. وبكل من أذنبوا في حقكم.. وأكدي لهم أن هذه الروح.. لن ترتاح.. ولن تهنأ.. ولن تهدأ.. ما دام في هذا البلد من يحاول الإساءة لها.. إما بواسطة تجاهل الأسباب الحقيقية التي دفعت بصاحبها لحرق جسده.. وإما بمحاولة استغلال ذلك من أجل تحقيق المآرب الخاصة.. وإما بركوب ما حصل وبتحويله إلى أداة.. للكسب.. وإما بالسعي لخلق الفتنة بين المزمرين في الأرض.. وإجبارهم على التناحر.. وعلى التباغض.. وعلى التحارب.. حتى يفوتوا عليهم فرصة محاسبة جلاديهم الحقيقيين.. وحتى يتركوا لهؤلاء الحق.. في مواصلة جلدهم لهم ولو بواسطة سياط جديدة..
بلغي كل هؤلاء.. يا فادية.. أن محمد البوعزيزي.. يعتبرك.. واحدة من بنات هذا الشعب الكريم.. ممن قد أسهمت الثورة في تحريرهن.. من جبروت بن علي ومن جبروت زبانيته..
وقولي لهم بأن فادية.. مطالبة اليوم مثلكم.. بإبداء الفرحة.. ليس فقط بسبب إطلاق سراحها من السجن.. بل بسبب نجاح الثورة المجيدة.. في إطلاق سراحها.. وسراح كل التونسيات والتونسيين من سجن الطاغية الجبّار..
ملاحظة : (*) كل ما ورد في هذه الرسالة من محض خيال.. كاتب الركن.. أما لماذا كتبه.. فلأنه قد بدا له.. الأقرب للواقع.. ورحم الله البوعزيزي.. وأعان فادية على معاودة الاندماج في الحياة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.