العالم بأسره اليوم حائر أمام هذا الوباء الذي طالت مدته وكل العلماء في سباق محموم من أجل إيجاد لقاح لفيروس كورونا يزيل الأزمة الصحية التي أتعبت الدول والحكومات وحصدت الآلاف من الأرواح وشلت حركة الناس وأجبرت الكثير منهم أن يلزموا بيوتهم والدخول في حجر صحي إلى وقت غير معلوم رغم أن المسؤولين يحددون مدة زمنية له ، وهي أزمة أضرت باقتصاديات العالم حتى قالت عنها نصاف بوعفيف بن علية المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة بنبرة فيها الكثير من الحزن والحيرة "بأن العالم كله اليوم عاجز أمام هذا الوباء ". واليوم بعد أشهر من ظهور وباء كورونا وانتشاره في معظم دول العالم هناك أسئلة حائرة تطرحها الحكومات ويسألها الأفراد: متى ينتهي هذا الوباء ؟ وكيف السبيل إلى التخلص من هذه الجائحة؟ وهل من فرج قريب حتى تنتهي البشرية من أزمتها التي حلت بها ويعود الإنسان إلي حياته الطبيعية ويسترجع صورة عيشه المعتادة ؟ وهل يقدر العلماء في المنظور القريب منالوصول إلى اكتشاف طبي يوقف خطورة هذا الفيروس وتمدده ؟ في الحقيقة لا أحد اليوم بمقدوره أن يقدم إجابة شافية عن كل هذه الأسئلة كما لا أحد يملك الجواب الذي يطمئن الإنسانالحالي ويقلل من مخاوفه إلا جوابا واحدا وهو أن كل العالم في سباق مع الزمن للوصول إلى لقاح أو دواء وهي مسألة تتطلب سنة على الأقل حتى يدخل اللقاح الجديد إلى الأسواق ويباع في الصيدليات ويستعمله الإنسان ولكن من هنا إلى ذلك التاريخ ما العمل ؟ وكيف نتصرف ؟ وهل أن البقاء في الحجر الشامل هو الحل ؟ أمام هذا المأزق العالمي بدأت الحكومات تفكر في السيناريوهات الممكنة لإنقاذ ما أمكن انقاذه من الاقتصاد وإعادة الحياة إلى سيرها العادي وبدأ الحديث عن مرحلة ما بعد الحجر الصحي الشامل والحديث عن خطة لإخراج الناس من منازلهم حسب مراحل مدروسة ومن الحلول المطروحة اليوم ما طبقته حكومات النمسا وسلوفاكيا وسلوفينيا التي تخلت عن الحجر الصحي وطبقت فكرة إجبارية وضع الكمامة على الوجه في الشوارع وفي أماكن العمل وفي الفضاءات العامة بما يعني ألزام كافة الشعب بوضع الكمامات مع احترام مسافة أمان مقدرة بمترأو مترين مع ملازمة غسل اليدين باستمرار. هناك من الدول من بدأت تفكر في إخراج الناس من الحجر الصحي ومطالبتهم بوضع الكمامات واصطحاب تحليل سريع معهم للاستعانة به كلما شعر الفرد ببعض الأعراض أو أحس بمرض أو ألم حتى يمكن معالجته في أسرع وقت ممكن قبل أن يستفحل . كل هذه الحلول التي تبحث فيها الحكومات اليوم وتقترحها مخرجا وقتيا ريثما تنزاح هذه الغمة بصفة نهائية لها كلفة مالية كبيرة لتوفير الكمامات بالقدر الكافي وتوزيعها على كل الشعب وكذلك توفير التحاليل السريعة بأثمان معقولة حتى يمكن للجميع ان يستأنفوا حياتهم العادية ويعودوا إلى أعمالهم من دون حصول أي أضرار أو حصول إصابات أو انتشار للعدوى وله كلفة أخرى معنوية تتعلق بضرورة تغيير الكثير من عاداتنا المجتمعية وطريقة عيشنا كأن نتجنب الأماكن المكتظة كالمقاهي والفضاءات العامة وغيرهما. يبدو الأمر من الناحية النظرية ممكن ويمثل حلا وقتيا لهذه الأزمة المرشحة أن تطول ولكن من الناحية العملية فإنها تطرح الكثير من الاشكاليات بالنسبة للإداريين والموظفين في الشركات والمصانع والمعامل وكل الذين يعولون على الأيدي في أعمالهم حيث تتطلب مثل هذه الحلول إلي استعمال القفازات مع الكمامة والسائل المطهر . صحيح أن لكل جائحة تظهر كلفتها على الإنسان وأن لكل أزمة تداعياتها على الحكومات والدول وصحيح كذلك أن لمجابهة فيروس كورونا ليس هناك من علاج سريع إلا الوثوق في العلماء وأن العلاج الوحيد المتوفر حاليا هو الوقاية من الوباء وإتباع الاجراءات الصحية وملازمة الحجر الصحي. ولكن إلى متى يمكن أن يتحمل الإنسان هذه الاجراءات ؟ وإلى متى يمكن أن تصمد هذه الاجراءات في علاقة بتطور الحالة النفسية للكثير من الناس الذين لم يتعودوا على العيش لفترة طويلة داخل بيت مغلق لا يخرجون منه إلا للضرورة القصوى ؟ وكيف يمكن أن نضمن انضباط المواطن واحترامه للحجر الصحي أمام توقه الدائم للحرية وطبيعته التي جبل عليها والتي تأبى إلا الحركة والنشاط والعمل ؟ في الحقيقة فإن العملية صعبة و القرار السياسي والصحي أصعب خاصة في موضوع إخراج الجميع من منازلهم لاستعادة حياتهم وعودتهم إلى سالف نشاطهم رغم تواصل هذا الوباء في الانتشار وتهديد حياتنا .