مقتل تونسي على يد الشرطة الفرنسية.. عائلته تحتج بالقصرين وتطالب بفتح تحقيق    تونس والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: حرص مشترك لمزيد تعزيز التعاون    مؤسسة UR-POWER الفرنسية تعتزم الإستثمار في تونس.    هذه الولاية تحتل المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج "الزقوقو"    بنزرت الجنوبية.. وفاة إمرأة إثر تعرضها لصعقة كهربائية    الحكومة تعلن عن جملة من الإجراءات لترشيد وحوكمة التصرف في المنظومة الدوائية    عاجل: بدعوة من عبد المجيد تبون: رئيس الجمهورية يتحول إلى الجزائر    الملعب التونسي يعلن انتقال ادم عروس الى قاسم باشا التركي    باحثون مصريون يطورون علاجا واعدا للأطفال المصابين بالتوحد    دراسة جديدة: موجات الحر تزيد من أعراض الشيخوخة..كيفاش؟    ليلة منعشة تنتظر التونسيين    الريحان والفلفل والعسل.. السلاح الطبيعي ضد السعال والبرد    بعد إيقافها: المحكمة تبرّئ ''تيكتوكوز'' من تهمة الدعوة إلى الفجور    تمديد مرتقب للصولد الصيفي أسبوعين إضافيين قبل غلق الموسم!    بمناسبة المولد النبوي: الدخول مجّاني الى هذه المواقع..    جمعية منتجي البيض: هذه الخطوة ستساهم في تخفيض الأسعار    وزير الشؤون الخارجية يترأّس الوفد التونسي المشارك في أشغال الدورة 164 لمجلس جامعة الدول العربية    ماكرون: "قرار أمريكا عدمَ منح تأشيراتٍ للمسؤولين الفلسطينيين "غيرُ مقبول"..    تونس: ارتفاع قتلى حوادث الطرقات ب8,39% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025    تأجيل موعد انطلاق أسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار عن غزة من تونس    ارتفاع متوسط سعر المتر المربع للشقق السكنية ب4%..    تصفيات كاس العالم 2026: المنتخب التونسي من اجل قطع خطوة اضافية نحو التاهل للمونديال    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    نهضة بركان يتعاقد مع اللاعب التونسي أسامة الحدادي    زغوان: تسجيل إصابة ثانية بمرض "حمّى غرب النيل" منذ اوت المنقضي    عاجل/ حادثة مقتل تونسي على يد الشرطة في مرسيليا..فتح تحقيق اداري وندوة صحفية مساء اليوم..    عاجل/ نتائج الحملة الوطنية المشتركة لمراقبة المستلزمات المدرسية..    شيرين تعتذر من ياسر قنطوش    مفتي الجمهورية: الإحتفال بالمولد النبوي حلال    ماتش حاسم في رادس: كيفاش تسابقت المنتخبات التونسية ضد ليبيريا؟    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو إلى تطبيق العقوبات المالية والجزائية ضد جميع مزودي خدمات الإنترنت والإتصالات المخالفين    عاجل: وزير الداخلية الفرنسي يُؤكد على الطبيعة الفردية للحادث...التفاصيل    نابل: أكثر من 397 نشاط ديني احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف    عاجل/ ارتفاع حصيلة ضحايا التجويع في غزة الى 367 شهيدا..    اليوم: أمطار متفرقة في المناطق هذه...وين؟    الديوانة تحذر: ''الزطلة'' والكوكايين تغزو تونس! أرقام صادمة تكشف الخطر الحقيقي    صاروخ من اليمن يتسبّب في إغلاق مطار بن غوريون    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات اليوم من الجولة الثالثة ذهابا    النادي الإفريقي: محمد الشافعي يكشف عن ملف فساد جديد    المولد النبوي: مِشْ كان احتفال، تعرف على السيرة النبوية...منهج حياة ودروس خالدة    تأمينات BIAT والترا ميراج الجريد اشعاع رياضي وثقافي وشراكة مجتمعيّة فعّالة    اليوم: فتح الممر تحت الجسر على الطريق بين جبل الجلود ولاكانيا    الكرملين يرد على ترامب: بوتين لا يتآمر مع شي وكيم ضد أمريكا    أول تعليق من ترامب على إشاعة وفاته..وصورة اليد تنتشر ثانية..#خبر_عاجل    هيئة الصيادلة: الأدوية الخاصة بهذه الأمراض ستكون متوفّرة خلال الأسبوع المقبل    تظاهرة "سينما الحنايا" يوما 6 و7سبتمبر الجا ري    الزهروني: مداهمات أمنية تطيح بمجرمين خطيرين محل 17 منشور تفتيش    قفصة: حجز 40 كلغ من الحلويات المستعملة في عصيدة الزقوقو    وزارة الصناعة: اجتماع لجنة قيادة دراسة الجدوى للمشروع المندمج للنقل الهيدروليكي للفسفاط    أسرة الفقيد الشاذلي القليبي تهب مكتبته الخاصة لدار الكتب الوطنية    مسرحية "سلطة سيزار": صرخة فنية من قلب معاناة ذوي الهمم في تونس    أسرة الشاذلي القليبي تهب مكتبته لدار الكتب الوطنية    قصر النجمة الزهراء يحتضن الملتقى الدولي للفنون من 5 إلى 8 سبتمبر    العالم يشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    الإفتاء المصرية تحسم الجدل: صيام يوم المولد يجوز شرعًا    انطلاق عملية بيع تذاكر "عرض السيرك الخيري"    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي..    صيف المبدعين ..الشّاعرة لطيفة الشامخي .. الكُتّاب ،سيدي المؤدّب وأوّل حِبْر عرفته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : النموذج الأمريكي في مقاومة "فيروس كورونا "..الحجر الصحي أخطر من الوباء!
نشر في الصريح يوم 02 - 04 - 2020

العالم بأسره اليوم متفق على أن البشرية في لحظتها الراهنة تخوض حرب وجود ضد عدو خفي أظهر قدرة فائقة على التقدم والتمدد وعلى حصد المزيد من الأرواح وجميع العلماء والمختصين في مجال الأوبئة والجراثيم قد أجمعوا على أنهم عاجزون على هزم هذا الوباء في القريب العاجل وأنهم يصارعون فيروسا له قدرات كبيرة على الانتشار جعلت العقل البشري في مأزق والمعرفة الانسانية أمام تحد كبير ولكن ماذا تقترح الحكومات والدول ومن ورائهما العقل البشري والعلماء من حلول وصيغ للتخلص من هذه الأزمة الصحية التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بالجائحة التي أدخلت العالم في منعرج خطير ؟
يقول العلماء في غياب توفر لقاح ودواء لهذا الوباء فإنه ليس هناك حل وحيد لمقاومة فيروس كوفيد 19 ولكن هناك اجتهادات وصيغ مختلفة لكل دولة تتبع وفق وضعيتها الخاصة فالصينيون مثلا يقولون بأنهم يتعرضون إلى مؤامرة كبرى من طرف الولايات المتحدة الأمريكية لإضعافهم وهزمهم اقتصاديا بعد أن تجنبوا المواجهة العسكرية وأن الجنود الأمريكان هم من تعمدوا إدخال هذا الوباء إلى الصين لإضعاف القوة الاقتصادية الصينية التي يرشحها الجميع لقيادة العالم في قادم السنين ولمجابهة هذا الوباء فقد توخوا حلا واختاروا نموذجا خاصا بهم في التصدي لهذه الجائحة سمي النموذج الآسيوي الذي يغلب مصلحة المجموعة على حساب مصلحة الفرد و التعويل على نظام سياسي تسلطي يتوخى طرق عمل تسلطية لا تراعي أي حقوق ولا حريات فردية في محاربة هذا الوباء وهذه الملامح لهذا النموذج هي التي جعلت العلماء يصفونه بكونه عبارة على وضع كافة الشعب في قارورة ثم إحكام غلقها حتى يتضح المصابون من الوباء كما يصفى الماء النقي من الماء الراكد وحتى يقع تميزهم عن غيرهم من الأصحاء في علاقة بتطبيق الحجر الصحي الشامل الذي توخته كل من الصين وكوريا الشمالية بطريقة صارمة جدا .
أوروبا لم تتحرك بنفس الشاكلة وبقيت أغلب دولها وخاصة دول الاتحاد الأوروبي تراقب الوضع ولم تتخذ إجراءات إستباقية صحية للتوقي من هذا الوباء وبقيت تنتظر تطور الحالة الوبائية في العالم حتى تتعامل معها وحتى تقر ما يصلح لها من اجراءات بحيث وثقت أوروبا كثيرا في منظومتها الصحية وفي كونها في مأمن من وصول هذا الوباء إليها وانتشاره بنفس السرعة التي تفشى بها في الصين وفي بعض البلدان الآسيوية لذلك فإنها لم تقر الحجر الصحي الشامل إلا في وقت متأخر وبعد أن انتشر وظهرت خطورته على الناس وهو نموذج يصفه العلماء بأنه يقوم على الملاحظة والترقب ثم أخذ الاجراءات من دون اغلاق كامل للبلدان إلا في الحد الضروري .
وإلى جانب هاذين النموذجين للتعاطي مع جائحة فيروس كورونا نجد النموذج البريطاني والأمريكي وهما نموذجان متقاربان من حيث التصور ومن حيث الاستراتيجية التي تقوم على فكرة المناعة الجماعية التي دافع عنها بقوة رئيس الوزراء البريطاني " بوريس جونسن " الذي اعتبر أن هذه الفكرة تسمح للفيروس بالانتشار بين السكان المحليين من دون مرافقته بأي اجراءات صحية في محاولة لتطوير مناعة طبيعية لدى الناس فحسب هذه المقاربة الصحية فإنه حينما نصاب بالعدوى نصبح محصنين تجاهها وبعيدين عن الالتهابات الخطيرة وبالتالي فإن المرض يزول من تلقاء نفسه بما يعني أن الشعب يبرئ نفسه بنفسه وأن الوباء حينما ينتشر في كامل البلاد فإن كامل الشعب يكون قد انتقلت إليه العدوى مما يجعلنا لم نعد نخاف من انتشاره أو انتقاله لأنه لم يعد يجد من ينقل إليه العدوى وشيئا فشيئيا يزول الوباء من خلال مقاومة داخلية وجماعية بعد أن يبقى في الجسم بضعة أيام ثم يختفي. فالمقاربة البريطانية تراهن على التضحية بحياة مليون شخص على الأقل من أجل انقاذ غالبية الشعب بطريقة جماعية و عدم إغلاق كامل لكل شيء لفترة غير محددة و ذلك في غياب تطوير لقاح أو دواء قبل عام على الأقل وفي ظل عدم توفر أسرة للعناية المركزة بالقدر الكافي وهو إجراء - أي الحجر الصحي الشامل - لو اتخذناه فإنه سوف يزيد من حدة الضغط عند الناس وقد تتسبب في مشاكل نفسية كبيرة.
إن هذه الخطة التي كانت بريطانيا قد أعلنت عنها قبل أن تغير مقاربتها وتذهب إلى تطبيق تعليمات منظمة الصحة العالمية وتفرض الحجر الصحي الشامل على شعبها هي مقاربة خطيرة في مقاومة وباء كورونا ورهان محفوف بمخاطر كثيرة حسب الخبراء في الأوبئة وإمكانية نجاحها ضئيلة جدا ومساوئها أكثر من محاسنها خاصة وأنها تعول على التضحية بجزء من الشعب من أجل انقاذ الأكثرية مع مراعاة الحريات الفردية والحقوق على حساب المخاطر غير المرتقبة التي قد تحدث.
ونأتي الآن إلى المقاربة الأمريكية التي توخاها الرئيس " دونالد ترامب " وهي مقاربة وجدت منذ أن أعلن عنها معارضة وانتقادات حادة فرغم الأصوات الكثيرة التي حذرته من اتباعها ونبهته من عواقبها الوخيمة على الشعب الأمريكي إلا أنه دافع عنها بعد أن لعب على ورقة الصراع الأمريكي الصيني وعلى أن الصين هي من تعمدت نشر هذا الوباء لإضعاف اقتصاديات العالم ومنها الاقتصاد الأمريكي لتتصدر الريادة العالمية لذلك لم يأخذ أية إجراءات أو تدابير وقائية استباقية واعتبر أن تطبيق الحجر الصحي الشامل على الشعب الأمريكي سيكون أسوأ من الوباء نفسه وقال إن أمريكا لن تنحني - في إشارة إلى التهديد الصيني حسب زعمه - وهي بلد قوي وتمارس التجارة مع الجميع ولكن من غير ارتباط مع أحد وأن الأولوية الملحة والعاجلة اليوم هي مقاومة هذا الوباء حماية لاقتصاد البلاد و لحياة الناس من خلال مقاربة ليبرالية مجحفة تعتبر أن الفرد في الأنظمة الرأسمالية له مكانة متقدمة ولكن الذي له الأولوية الأولى هو الاقتصاد والمصالح الاقتصادية لذلك فإن الخطة الأمريكية تقوم على فكرة تشبه الفكرة البريطانية تقول بأنه حتما سوف نخسر الكثير من الأشخاص بسبب هذا الوباء ولكن سوف نخسر أشخاصا أكثر لو أدخلنا البلاد في حالة من الاضطراب والتوتر من وراء فرض الحجر الصحي الشامل وسوف نخسر أرواحا كثيرة وسوف تكون هناك انتحارات وسوف تعم الفوضى . فهو يعتقد أن أمريكا بلد الحريات الأولى وهو بلد قوي ويملك الكثير من عناصر القوة التي تجعله يتفوق على الكثير من التحديات والأزمات .
هذه هي المقاربة الأمريكية في التعاطي مع وباء كورونا تقوم على استحضار فكرة العمق الأمريكي وعلى قدرة الإنسان الأمريكي على التحدي والمقاومة من دون تقييد لحريته أو وضعه تحت إجراء الحجر شامل على اعتبار وأن الأشخاص هم قادرون على التحرك والإنتاج وعلى مقاومة المرض وهي مقاربة رأسمالية صرفة تحتكم إلى الحسابات الاقتصادية والرهانات الانتخابية وعلى فكرة أن الأهم هو المال والاقتصاد والربح المادي وعلى فكرة أن الاقتصاد الأمريكي قوي وهو يمتلك عافيته من الشركات العملاقة في مجال النفط وتجارة الأسلحة والمنتجات الفلاحية وصناعة السيارات وغير ذلك من الصناعات الثقيلة التي مثلت قوة أمريكا الاقتصادية في العالم.
إن المأزق الكبير الذي يطرحه النموذج الأمريكي بتقديمه مصلحة الاقتصاد على حساب مصلحة الفرد والمصلحة الاقتصادية على حساب المصلحة الصحية يراهان على القوة الاقتصادية وعلى الصناعة الامريكية لتجاوز هذه الجائحة من دون اتخاذ اجراءات وقائية تقلل من تداعيات الفيروس يكمن في الأعداد الكبيرة من الافراد المصابين بمرض السمنة وبمرض القلب وضيق التنفس وهي وضعيات صحية تجعل من الصعب تخطي الوباء بأقل أضرار في الأرواح من دون اتخاذ اجراءات طبية ووضع خطة صحية خاصة إذا علمنا أن النموذج الأمريكي في مجال التغطية الصحية هو من بين أسوأ النماذج في العالم بوجود حوالي 28 مليون أمريكي خارج التغطية الصحية.
إن السؤال الاقتصادي مطروح في ضوء هذه الأزمة الصحية وإن تأثير هذه الجائحة على الاقتصاد العالمي كبير وإن فيروس كورونا يحارب المنظومات الصحية في العالم فضلا على اقتصاديات الدول ولكن الخطر الأكبر أنه إذا توقفت الدول المنتجة للثروة عن العمل فإن الأمر سيزداد سوءا مما ينذر بالخطر الحقيقي والتحدي اليوم يكمن في الإجابة على سؤال ما هي الأولوية الآن إنقاذ البشرية أم إنقاذ الاقتصاد ؟ وهل يمكن أن نضحي بإحداهما إذا تعذر انقاذهما معا ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.